هناك من يصوم رمضان, ولا يتهم بتناول وجبة السحور, ولكن يؤكد النبي أن في هذا السحور بركة, وفي هذا تقول الدكتورة هندية أحمد عامر أستاذ التفسير وعلومه بجامعة الأزهر, إن السحور هو سبب للخلوة مع الله سبحانه وتعالي- في فجر كل يوم من أيام رمضان, قال ابن دقيق العيد: السحور بفتح السين ما يتسحر به من الطعام والشراب, وبالضم الفعل أي أكل السحور وهذا هو الأشهر, ومن الوجبات الأساسية في هذا الشهر المبارك, لذا أوصي به النبي صلي الله عليه وسلم, وحث عليه, ورغب فيه, فقال: تسحروا فإن في السحور بركة وقال: من أراد أن يصوم فليتسحر بشئ وقال أيضا: البركة في ثلاثة الجماعة, والثريد والسحور صحيح, رواه الطبراني, والأمر في قوله صلي الله عليه وسلم: تسحروا للندب والاستحباب, وهذا ما ذهب إليه أهل العلم من غير خلاف, أما وقته: فهو الليل كله, لكن يستحب تأخيره إلي قبيل الفجر, روي أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما, قال: تسحرنا مع النبي صلي الله عليه وسلم ثم قام إلي الصلاة قلت: كم كان بين الآذان والسحور؟ قال زيد: قدر خمسين آية متفق عليه, وقال ابن حجر في قوله قدر خمسين آية أي متوسطة, لا طويلة ولا قصيرة ولا سريعة ولا بطيئة, والمعني كان ما بين السحور وصلاة الفجر قدر قراءة الرجل خمسين آية, والتعجيل به من منتصف الليل جائز, لكنه خلاف السنة, فإن السحور سمي بذلك لأنه يقع في وقت السحر وهو آخر الليل, قال صلي الله عليه وسلم: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور رواه الإمام أحمد, والبركة في السحور تحصل بجهات متعددة منها: التقوي علي العبادة, والاستعانة علي طاعة الله تعالي أثناء النهار من صلاة ودعاء وتلاوة للقرآن وذكر, والثانية, اتباع لسنة المصطفي صلي الله عليه وسلم, فإن المتسحر إذا نوي بسحوره امتثال أمر النبي صلي الله عليه وسلم والاقتداء بفعله كان سحوره عبادة ينال به الأجر, وإذا نوي بأكله وشربه تقوية بدنه علي الصيام والقيام كان مثابا بذلك أيضا, والثالثة, هو الغداء المبارك كما سماه النبي صلي الله عليه وسلم, في قوله( هلم إلي الغداء المبارك) وقوله: السحور كله بركة, فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء..., والرابعة كونه من خصائص هذه الأمة, وفيه مخالفة لأهل الكتاب, قال عليه الصلاة والسلام: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر أخرجه مسلم. وقال: والمستغفرون بالأسحار آل عمران(17) فالقيام للسحور سبب لإدراك بركات الاستغفار المتعددة, والسادسة, صلاة الله عز وجل وملائكته علي المتسحرين, قال صلي الله عليه وسلم:... فإن الله وملائكته يصلون علي المتسحرين حديث حسن رواه الإمام أحمد في مسنده, والسابعة, مدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع والعطش, والثامنة, تدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام, وأفضل السحور التمر. ويقول الدكتور عبدالوارث عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن السحور عبادة جليلة بدأت تفقد أهميتها لدي الكثيرين من الناس إذ ينامون عنها وأحيانا عن صلاة الفجر أيضا!, ولم يكن هكذا الحال في الماضي, كان الناس يحرصون علي تناول السحور حيث تستيقظ الأم من النوم في وقت صلاة التهجد ومن ثم تبدأ بإيقاظ زوجها وأبنائها جميعا حتي الصغار منهم لتجمع الأسرة علي سفرة السحور, لأن السحور يفيد في منع حدوث الإعياء, وبعد الانتهاء يستعد رب الأسرة وأبناؤه الأولاد للذهاب إلي صلاة الفجر وتلاوة القرآن والذكر, وبعد الانتهاء من المسجد يذهب كل إلي عمله.