منذ أن انحرفت الدراما التليفزيونية عن مسارها أى فى نهاية القرن الماضى وبدايات القرن الحالى حضرت مؤتمرات ولجانا وموائد مستديرة وندوات ولقاءات يمكن حسابها بالمئات. وأخيرا لاحظت ان المسئولين اذا طلبت منهم المشاركة فى حل المشكلة بدا عليهم التضرر بل اليأس هم يعتقدون ان المشكلة تحتاج منهم الى مال وإدارة وهم مستعدون لاى مساعدة إلا المال أو الإدارة. اربت على ظهور المسئولين وأقول لهم إن انقاذ الدراما المصرية وانتزاعها من تجار تحت السلم يحتاج مالا لايزيد عما تدفعه الدولة لاصلاح كوبرى مما أفسده المقاول.. أما الإدارة فلا تحتاج إلا إلى رؤية جيدة لعناصر متميزة فى ثلاث إدارات كبري: قطاع الإنتاج صوت القاهرة مدينة الإنتاج الإعلامي. وأخشى أن أقول إن بعضهم يخشون أن يكون فى التدخل المادى والإدارى شبهة النظام الاشتراكى والعياذ بالله! ولو ان المسئولين سألوا من يستطيعون من أهل الدراما فى الغرب أو اى سلعة يحتاجها الناس سيقول لهم ادخلوا فى الإنتاج بنسبة وقدموا اعمالا جيدة كى تطرد الأعمال الرديئة. لابد ان يكون للدراما التليفزيونية رؤية مثلا تركيا أرادت أن تستخدمها فى السياحة والولايات المتحدة تستخدم افلامها فى تقديم نفسها كقوة لايقف أحد أمامها، وفرنسا تصارع لنشر اللغة الفرنسية و.. و لماذا لايكون لنا رؤية، ولماذا لايجتمع المسئولون والمثقفون وصناع الدراما والنقابات الفنية لوضع سياسة للدراما. ولماذا لاتكون النقابات الفنية هى الرقيب لهذه الأعمال. قرأت قصة روسية تحكى عن كولمبس أنه سافر الآن لاكتشاف أمريكيا وبعد احداث كثيرة كتب الى الملكة إيزابيلا يقول لها فيها وديانتهم اسمها الإعلانات! زمان كانت المحطة تنتج المسلسل أو تشتريه لتمتع مشاهديها أما الآن فتفعل ذلك لأن الإعلان مرتبط بنوعية المسلسل أحيانا يختارون العمل لنجومه، واحيانا لما فيه من قلة ادب، واحيانا لما فيه من عنف، واحيانا لاسباب لا اعرفها. لايمكن وضع قواعد جديدة. جادة للاعلام ألا يمكن عقاب المعلن الذى يفسد أو يضغط لنشر الرذيلة أو الذى يدمر ثوابت الأمة؟ مثلما حدث فى العام السابق والاسبق تناقضت الإجابة عن عدد المسلسلات المعروضة، ولو اخذنا رقما وسطا (انا غير مسئول عنه)فلنقل انه خمسون مثلا . وكل مسلسل نحو 22 ساعة اى انه على المواطن ان يشاهد كل رمضان (1100)، ساعة فى شهر رمضان .. اى نحو (40) ساعة يوميا وطبعا هذا مستحيل. وبعد ان اعتذر عن حساباتى المرتبكة دون قصد اقترح ان تكون هناك مواسم غير شهر رمضان خاصة ان العلاقة بين الدراما وشهر رمضان واهية جدا. لماذا لايكون هناك موسم صيفى لاعمال كوميدية أو فنية وإعلانات ! وأعمال وطنية وعسكرية فى شهر أكتوبر. واعمال دينية فى المناسبات الدينية خاصة المولد النبوى الشريف. منذ بداية التليفزيون فى العالم وهناك حماية للمشاهد فهذا هو المجال الفنى الوحيد الذى يقتحم عليك بيتك لذلك عليه (اى التليفزيون) ان يدخل اليك كما يدخل الضيف.. واذا كان هناك مشهد عنف لايحتمله الأطفال ينبهك ويذيعه فى الأوقات التى ينام فيها الأطفال. وفى السنوات الاخيرة. دخل علينا (الضيف) بكلمات بذيئة ومشاهد مبتذلة وعنف مروع وسخافات غير مقبولة وآن لنا ان نطلب من الدولة الحماية . العودة الى الاصول مثلا ظهر خلال الأعوام القليلة الماضية عدد هائل من الكتاب غير معروفين ويقال إن بعضهم طلبة ومعظمهم خريجون لم يجدوا وظائف. والكاتب لايظهر فجأة ولايختفى فجأة.. الكاتب الحقيقى يبدأ من كتابة القصة القصيرة مثلا (مثل أسامة أنور عكاشة وصالح مرسى مثلا) ولكن المنتج ( الذى ليس منتجا بجد) يبحث عن كاتبا ليس كاتبا بجد! والكتاب ( الذين هم ليسوا كتابا) يتاجرون بكلمات منها: انهم يتبعون الواقعية وجميعا بدا انهم لايعرفون معنى الواقعية ويقولون إن مايكتبون من احداث المجتمع. وأسأل لماذا لا يكتبون إلا ما هو منحط وردىء ونادر الحدوث فى حين ان المجتمع مليء بالاحداث الايجابية التى لاتجلب اعلانات. لكل شعب هويته. والشعب المصرى له هويته: طيبة القلب وتحمله للضغوط حتى يثور فى النهاية، تدينه البسيط المرتبط، بالحياة الترابط الاسري. ولكن معظم مانراه يفسد الهوية ويعملون فى ذلك بنهم شديد يجعل بعضهم يشك فى مقاصدهم.