على مدار ثلاثة أيام وبمشاركة 5وزارات و 700 باحث وخبير وناشط مدنى، نجح منتدى مصر الحضرى الأول فى تدشين حوار مجتمعى شامل حول سياسات التطوير الحضرى والحلول، تحت رعاية برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية. وفى خطوة أولى مبشرة نحو بناء «مدينة جيدة» لكل المصريين، تم إطلاق الحملة الحضرية المصرية ضمن حملة عالمية قبل أيام، بينما ستمثل نتائجها احد اسهامات مصر فى المؤتمر العالمى الثالث للموئل (المستوطنات البشرية) المقرر فى الاكوادور العام المقبل، الذى يتم عقده مرة كل نحو 20 عاما. وفى حوار ل «اهرام» تكشف كريستين أوكلير مدير مشروع الحملة الحضرية العالمية بالأممالمتحدة عن رؤيتها للحلول فى مصر فى وقت تتبنى فيه البلاد خططا طموحة لاعادة ترسيم حدود المحافظات وتوسعة ظهيرها الصحراوى. ولم تخف كريستين حبها هذا البلد الذى زارته منذ 25 عاما، ورغبتها فى زيارته مجددا. { هذه الزيارة لمصر تعد الأولى لك منذ 25 عاما، ما التغيير الذى لاحظتيه منذ ذلك الحين، ماذا تحسن وماذا تدهور؟ {{ (أول انطباع جاءنى عندما هبطت إلى القاهرة كان حول ضخامة المدينة. رأيت أمامى مدينة كبيرة للغاية، ونموا سكانيا هائلا. واكتشفت مناطق جديدة تم بناؤها الآن ولم تكن موجودة فى السابق. كان ذلك باديا قبل هبوطى إلى القاهرة فوق أجواء المناطق المجاورة للمطار. المفاجأة الكبيرة الأخرى كانت الأزمة المرورية الهائلة، وأنا واثقة من أن الكثير من الناس يتحدثون حول هذا الأمر. كما أن المناطق عالية الكثافة صارت أكثر مما كانت عليه الحال قبل 25 عاما. لكنى وجدت القاهرة لاتزال مليئة بالحياة، شعرت بالروح المفعمة بالحياة للغاية فى القاهرة. فشعرت بالكثير من الطاقة الايجابية فى القاهرة بعد 25 عاما. { من خلال موقعك فى برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية، ما الخطوة الأولى للخروج من حالة الفوضى نحو مدينة منظمة؟ {{ (أعتقد أنه لابد من النظر فى التطوير الحضرى على مستوى القرى. وعدم الاهتمام بالقاهرة فقط، وانما الاهتمام بكل المدن المختلفة التى لديها إمكانات النمو. ربما تكون الفكرة المطلوبة هى الاتجاه نحو اللامركزية والسماح للمدن الأخرى بالنمو، لأن القاهرة لديها نصيب كبير للغاية من السكان. الاتجاه نحو اللامركزية يعنى تحفيز القطاع الخاص بالاستثمار فى المدن الأخرى غير القاهرة. وكذلك عدم وضع كل الاستثمارات فى القاهرة، ولكن أيضا فى المدن الأخرى. يجوز منح الفرصة لسائر المدن للنمو أكثر، ولايجوز نمو القاهرة أكثر من ذلك بقدر الإمكان. فى سبيل تحقيق ذلك، لابد من تسهيل وزيادة حركة النقل بين سائر المدن. ففى بلدى فرنسا، عندما شغلنا قطارا سريعا «تى جى فى» قسمنا وقت عمله إلى قسمين بما يسمح للناس بالانتقال بين المدن المختلفة، وكذلك تسهيل حركة الأعمال بين المدن المختلفة. { نحن نخطط لبناء عاصمة إدارية جديدة فى شرق القاهرة، كيف ترين آفاق هذا المشروع وهل سيكون جزءا من الحل؟ {{ (سأتحدث هنا على المستوى الشخصى وليس باسم الأممالمتحدة، ما أعتقده أنه لابد من الحذر. ففى الماضى رأينا برازيليا فى البرازيل، ورأينا نموذجا فى الهند لنقل الكيان الإدارى لعاصمة أخرى، وأيضا أبوجا فى نيجيريا. وهو قد يزيد من حركة الانتقالات وتكلفتها بين العاصمة الإدارية والعاصمة الاقتصادية. لابد من التفكير بشكل إقليمى يمنح كل المدن المصرية القدرة على النمو بشكل لامركزي. { حول الحملة الحضرية التى تم إعلانها فى مصر، فى رأيك، متى ستكون ناجحة وعند إنجاز أى شىء؟ {{ (أولا هى حملة حضرية وطنية، ضمن الحملة الحضرية العالمية. والهدف من هذه الحملة هو توليد الأفكار الجديدة للتنمية فى مصر. ففى مصر هناك الكثير والكثير من التحديات الحضرية، بدءا من التغييرات المناخية وارتفاع منسوب مياه البحر، وحتى الانتقالات والنمو السكاني. وهناك أشخاص يتوصلون إلى حلول لمشكلاتهم فى حياتهم اليومية على مستوى وحدتهم المحلية، أو مدينتهم. نحن بحاجة لأن نحدد الحلول وهذا هدف الحملة. وسيتم تقديم هذه الحلول أمام المؤتمر العالمى الثالث للموئل (المستوطنات البشرية) المقرر عقده فى مدينة كيتو بالاكوادور فى أكتوبر 2016. وهذا يمثل فرصة لمصر لتظهر للعالم ما يمكنها فعله فى وقت صعب يمثل تحديا. وأيضا فرصة لمصر كى تنبه الدول الأخرى أنها قد تمر بتحديات مشابهة بسبب المشكلة السكانية. أعتقد أن هذه نقطة مهمة. أما الفرصة الثانية التى تتيحها هذه الحملة، فهى زيادة الحوار بين الأطراف المختلفة فى مصر؛ بين المجتمع المدنى والقطاع الخاص، والمنظمات المهنية، والباحثين والجامعات والشباب والمرأة والحكومة. هناك حاجة لهذا الحوار. وقد كشفت الكثير من القضايا عن نفسها خلال المناقشات فى هذا المنتدى. ومن المهم للغاية أن يكون الحوار بين جميع الشركاء، لأن الوصول إلى حل يتطلب التزام المجموعات المختلفة به. فلا يمكن أن يكون الالتزام من طرف واحد. إذا لم يكن القطاع الخاص مشاركا والباحثون والمهنيون لن تكون قادرا على تحقيق حل. هناك حاجة إلى بوتقة انصهار ومنهج لبناء توافق عام. وفى السياق السياسى الذى تمر به مصر، ينطوى الأمر على تعقيد كبير. أعتقد أنه لابد من التغلب على هذه التحديات وإلا ستكون هناك مشكلات كثيرة فى المستقبل. ستكون المشكلة أكبر من حيث الصحة والانتقالات والحصول على المياه والموارد. لابد من مواجهة هذه المشكلات الآن، والبدء الآن، لايمكن الانتظار. المصريون بحاجة إلى أن يستمعوا إلى بعضهم بعناية، على سبيل المثال؛ القطاع الخاص والمجتمع المدني. أعتقد أن هناك الكثير من الحوار ولكن الناس لايستمعون لبعضهم بالضرورة لايجاد حل معا. ما شعرت به كطرف خارجى أن هناك الكثير من الطاقة فى مصر والحلول الممكنة، وأنتم فى حاجة لاستخدام هذه الطاقة بأفضل شكل ايجابي. جوان كلوس ل «الأهرام»: المشكلة ليست فى التمويل أكد د.جوان كلوس المدير التنفيذى لبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية فى مصر، أن عملية التطوير الحضرى فى مصر للمناطق التى التهمتها العشوائية، صعبة للغاية. لكنه أوضح - فى تصريحات ل «الأهرام» - أن البدء باستراتيجية قوية فى هذا الصدد، سيجعل التنمية الحضرية لتلك المناطق تتم بوتيرة أسرع. وأوضح أن المشكلة فى مصر تكمن فى تناول هذه القضية من منظور جزئي، مشيرا إلى ضرورة معالجة القضية من منظور تنموى متكامل وهو ما يقلل الأمد الزمنى لتطوير هذه المناطق بنحو النصف. وحول مشكلة التمويل، أكد كلوس أن التنمية الحضرية فى حد ذاتها تخلق مواردها المالية. وأوضح أنها تأتى بعوائد استثمارية وتزيد من كفاءة الاقتصاد. وأكد أن المشكلة ليست فى التمويل ولكن فى الاستراتيجية.