يحيي العالم يوم 6 أكتوبر اليوم العالمي للموئل 2014 تحت شعار "أصداء من الأحياء الفقيرة " ، حيث تتطلع حملة اليوم العالمي للموئل إلى التعرف على الحياة في الأحياء الفقيرة وسماع أصوات هؤلاء الذين يعيشون في تلك الأحياء لتحسين أوضاع المعيشة هناك عن طريق زيادة التوعية بظروف الحياة بالأحياء الفقيرة. كما تتطلع إلى تطوير الأساليب والأدوات للتعريف بالذكرى التاريخية للشعوب التي عاشت وتعيش بالأحياء الفقيرة؛ إثبات أن برامج تحسين الأحياء الفقيرة يمكن أن تحقق أفضل ظروف الحياة لسكان تلك الأحياء، بالإضافة إلى آثار اقتصادية واجتماعية أكبر من خلال قصص حقيقية لصناع القرار في الساحة الحضرية ؛ وتبادل الخبرات بشأن تطوير الأحياء الفقيرة فيما بين المدن والمناطق الحضرية في جميع أنحاء العالم . وتسعى الحملة إلى المساهمة في حوار السياسات الذي يركز على مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بإدماج الحياة في الأحياء الفقيرة بالمدينة ؛ وتحديد وصياغة السياسات وتطوير القدرات في القضايا المتصلة بحيث يمكن لمنظومة الأممالمتحدة ولا سيما موئل الأممالمتحدة من تقديم مساهمات كبيرة ؛ تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين في تحسين الأحياء الفقيرة والسكن اللائق وإشراكهم بفعالية في مزيد من المناقشات؛ وأخيراً المساهمة ذات الصلة فيما يتعلق مناقشات جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015 والمؤتمر الثالث الموئل . وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت بموجب قرارها 202/40 في 17 ديسمبر 1985 ، أن يكون يوم الاثنين الأول من شهر أكتوبر من كل عام يوما عالميا للموئل ، واحتفل لأول مرة في عام 1986. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المناسبة حيث يحدث غالبية النماء الحضري في العالم في الدول النامية، حيث يفتقر العديد من المراكز الحضرية بالفعل إلى وجود بنية تحتية صالحة، وحيث تبحث العديد من السلطات عن سبل للاستجابة على نحو كاف لمطالب السكان في المناطق الحضرية التي تشهد نموا سريعا، وخاصة من الشباب والفقراء ، وأضاف مون أنه يقطن نصف سكان العالم في المناطق الحضرية وثلثهم في الأحياء الفقيرة والمستوطنات غير الرسمية. وبحلول عام 2050، سوف يسكن أكثر من 70 % من سكان العالم في المدن. في حين أشار خوان كلوس المدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية ( الموئل) ، لقد حققنا الهدف الكمي في تحسين حياة ما لا يقل عن 100 مليون نسمة من سكان الأحياء العشوائية من أصل ما مجموعه 760 مليون في عام 2000. وأضاف كلوس أن هذا إنجاز ولكن هذا الرقم يخفي حقيقة واقعة ، لقد تم تجاوز هذا الخفض باستقبال عدد متزايد من الوافدين الجدد إلى هذه الأحياء. ولقد ارتفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعيشون في الأحياء العشوائية من 760 مليون نسمة في عام 2000 إلى 863 مليون في عام 2012 . وأكد كلوس أن الطريق الذي سوف تسلكه الحكومات من أجل تطوير قراهم ومدنهم في المستقبل القريب سوف يكون لها تأثير كبير على نوعية حياة الملايين من المواطنين. ويشير تقرير حالة مدن العالم ، أن يرتفع عدد سكان الأحياء العشوائية والفقيرة في العالم إلى بليوني نسمة بحلول عام 2030 في مقابل بليون حالياً في حال لم يتم التغلب على مشاكل السكن والتوسع العمراني والخدمات الأساسية في دول الجنوب. إذ تضم هذه الدول 20 مدينة كبرى يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة ، حيث سيمثل سكان الحضر 70 % من 9 بلايين نسمة عام 2050 غالبيتهم في آسيا وأفريقيا وجنوب القارة الأميركية. وأن سكان مدن الصفيح يزدادون 2.2 % سنوياً، خصوصاً في أفريقيا السوداء حيث تتخطى نسبة الزيادة السنوية 4.5 % . وتتسارع الوتيرة العالمية في هذا المجال، إذ بحلول العام 2020 سيزداد عدد المقيمين في هذه الأحياء الفقيرة 27 مليون شخص إضافي سنوياً في مقابل 18 مليوناً بين 1990 و2001. وفي مطلع العام المقبل سيتساوى عدد سكان المدن للمرة الأولى مع عدد المقيمين في الأرياف في العالم ، واذا كان هذا الأمر قد حصل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، فانه لن يحصل في افريقيا وآسيا قبل عام 2020. إلا أن البلدان النامية تعوض سريعاً عن تأخرها ، فأكثر من 95 % من نمو المدن سيحصل في بلدان الجنوب، وفي العام 2030 سيبلغ عدد سكان المدن 5 بلايين نسمة، من أصل 8،1 بليون نسمة عدد سكان العالم الإجمالي. وقد حدد مركز الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية لنفسه هدفاً يقضي بخفض عدد سكان مدن الصفيح الى حوالى 700 مليون في العام 2020، وأن ذلك سيفضي إلى تحديات في مجالات السكن والعمل والأمن والبيئة والنقل والصحة والتعليم والخدمات . وأشار التقرير إن النمو الاقتصادي لا يؤدي تلقائياً الى تقلص مدن الصفيح داعياً إلى سياسة تقضي بتحسين الإسكان في المدن ، وأن بلدان افريقيا الشمالية وخصوصاً مصر والتي طبقت قبل 10 أو 15 سنة هذا النوع من السياسة، بدأت تحصد نتائج وبدأ عدد سكان مدن الصفيح بالتدني في هذه المنطقة. وفي بعض الحالات تحسن الحكومات ظروف الحياة في مدن الصفيح من خلال توفير الماء وقنوات الصرف الصحي والكهرباء والمساعدة التقنية في بناء المساكن. لكن عندما تبنى الأحياء في مناطق خطرة قد تغمرها الفيضانات على سبيل المثال، فلا خيار آخر إلا إسكان الناس في مناطق أخرى. وخلافاً للأفكار السائدة، فإن الحياة في مناطق فقيرة في المدن ليست أفضل من الحياة في المناطق الريفية. وفي البلدان الفقيرة تضم مدن الصفيح 40 % من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ، أي النسبة المئوية ذاتها في الأرياف، ونسبة وفيات الأطفال متشابهة وتفشي مرض الأيدز وأمراض الإسهال أسوأ في المدينة. وأفادت إحصاءات أعدتها الأممالمتحدة بعنوان «مدن الصفيح تحدي عالمي ل 2020»، أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العقد الماضي مكنت من تحسين معيشة 227 مليون نسمة من سكان العالم الفقراء ، غادروا أكواخهم للعيش في أحياء جديدة بنسبة نجاح زادت 2.2 % على المعدل الذي وضعه برنامج "تحدي الألفية" ضد الفقر عام 2000. وأشار التقرير إلى أن آسيا حققت أفضل النتائج في مجال محاربة الأحياء الفقيرة ومكنت 172 مليون نسمة من تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ، منهم 125 مليوناً من القاطنين في المناطق الفقيرة في الهند والصين. كما تحسنت أوضاع 24 مليون فقير في أفريقيا جنوب الصحراء وعشرة ملايين في البرازيل وحدها. وبفضل برامج محاربة الفقر تتحسن معيشة 22 مليون شخص سنوياً ، لكن يظل الرقم متواضعاً لأن العالم يحتاج إلى انتشال 100 مليون فقير إضافي من القاطنين في مدن الصفيح قبل حلول عام 2020 . واعتبر التقرير أن منطقة شمال أفريقيا تبقى من بين أفضل مناطق الدول النامية التي تراجع فيها عدد سكان الأحياء الفقيرة بنحو 9 ملايين شخص خصوصاً في المغرب ومصر وتونس. وأنفق المغرب في السنوات الأخيرة نحو 3 بلايين دولار للقضاء على مدن الصفيح في نحو 65 مدينة يقطنها 1.7 مليون نسمة في مساكن هشة أو غير لائقة. وأشادت الأممالمتحدة بجهود الرباط في محاربة الفقر، واعتبرته من بين أفضل النماذج في 20 دولة قلصت ظاهرة السكن غير اللائق، وحسنت وضعية سكان تلك الأحياء عبر بناء مساكن بمواصفات عصرية . ولاحظ التقرير، أن التفاوت الكبير بين مناطق غنية جداً وأخرى مدقعة ساهم في ظهور حالات عدم الاستقرار الاجتماعي وانتشار الجريمة والبطالة والانحراف والعنف وتدهور البيئة، واتساع الفجوة الحضرية بين سكان البلد الواحد أو المدينة الواحدة. كما اعتبر أن التزايد السكاني والهجرة من الأرياف من العوامل غير الُمساعدة إذ يرتفع عدد سكان الدول النامية نحو 58 مليون سنوياً، ويزيد عدد القاطنين في دور الصفيح 6 ملايين سنوياً، على رغم الجهود المبذولة للحد من تفشي ظاهرة العشوائيات . كما رصد التقرير وجود علاقة بين فشل السياسات الحضرية وتزايد معدلات الفقر وانتشار مدن الصفيح، كما لا تمس التكاليف الاقتصادية والاجتماعية الباهظة الفئات المحرومة والمهمشة فقط، بل تشمل المجتمع عموماً، وتعمق الفوارق وتضر بالطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي للسكان. ورأى أن معدلات الكثافة السكانية في الأحياء الفقيرة في الدول النامية تراجعت من 39 إلى 32 % على مدى العقد الماضي، وبناء على هذه التقديرات ربما يستقر العدد الإجمالي لسكان مدن الصفيح في نحو 890 مليون بحلول عام 2020، شرط استمرار برامج القضاء على الأحياء العشوائية وتحسين شروط عيش الفقراء، وبناء تجمعات سكانية جديدة مدعومة من الحكومات تشمل الخدمات المحلية الأساسية. ونوه برنامج الأممالمتحدة للموئل حول السكن بجهود الأرجنتينوالبرازيل والصين والهند وكولومبيا ومصر والمغرب وأندونيسيا وتركيا والسنغال وفيتنام والمكسيك وجنوب أفريقيا ونيجريا وأوغندا والبيرو وبنغلادش وغانا ورواندا ، بينما لوحظ تخلف دول أخرى خصوصاً في أفريقيا عن مباشرة إصلاحات قوية في محاربة الأحياء العشوائية، على رغم توافر بعضها على عائدات مهمة من الطاقة أو المعادن الثمينة. ولفتت إحصاءات رسمية إلي أن مصر بها أكثر من 15.5 مليون مصرى يسكنون المناطق العشوائية، بنسبة تقترب من 20% من إجمالى سكان مصر، الذى أوضح أن عدد المناطق العشوائية يبلغ نحو 1221 منتشرة فى 24 محافظة تجسد مشكلة بيئية لها أبعاد اجتماعية واقتصادية وعمرانية خطيرة. وتشير التقارير إن مشكلة المناطق العشوائية من أهم القضايا الأساسية فى مصر، وتعد محافظة القاهرة من أكثر المحافظات التى تنتشر بها العشوائيات إذ يوجد بها أكثر من 81 منطقة عشوائية يقطنها نحو 8 ملايين فرد، منها 68 منطقة قابلة للتحسين وإعادة التأهيل و13 منطقة تحتاج إلى الإزالة ، وأنه فى عام 2005 قامت وزارة الإسكان بعمل برنامج قومى للقضاء على العشوائيات بحلول عام 2025، ورصدت له ميزانية قدرها 5 مليارات دولار. وفى أعقاب حادث الدويقة عام 2008 طرحت بمجلس الوزراء فكرة إنشاء صندوق لتطوير العشوائيات وتم رصد ميزانية للصندوق تقدر بنصف مليار جنيه كبداية لتشغيله. وفى يناير 2012 اعتمدت حكومة الدكتور الجنزورى 175 مليون جنيه لتطوير 4 مناطق عشوائية للحد من تفاقم المشكلة، إذ تشكل العشوائيات تحميلا على شبكات البنية الأساسية والمرافق العامة للدولة، وهذا يؤدى إلى عدم قيام تلك المرافق بما هو مطلوب منها فتنقطع الكهرباء وتنفجر شبكات المياه العذبة. أما الصرف الصحى فيؤثر بشكل سيئ على الصحة العامة لسكان هذه المناطق التى تعتمد على الخزانات الأرضية «الترانشات» فى الصرف غير الصحى الذى يتسرب إلى باطن التربة ويختلط فى بعض الأحيان بمياه الشرب نظرا لاعتماد السكان على الطلمبات الحبشية.وذكر التقرير أن الزحام والتكدس السكانى وضيق الشوارع وصرفها الصحى غير الصحى بطريق مباشر وغير مباشر، يؤثر على على السلوك النفسى تأثيرا بطريقة مباشرة عن طريق التأثر بالعدوى نتيجة السلوك الجانح وبطريق غير مباشر على الآخرين ، لذلك أصبح هناك عدوى العشوائية من خلال السلوك ومحاولة التقليد والمحاكاة . في حين لفتت إحصاءات رسمية إلى أن المغرب الذي تضاعف عدد سكانه 10 مرات في أقل من 100 عام حقق نجاحاً كبيراً في برامج محاربة مدن الصفيح في كل منطقة أفريقيا والشرق الأدنى، بفضل انخراط الملك محمد السادس شخصياً وإشرافه على مكافحة الأحياء العشوائية ، واستثمار 6 % من الناتج الإجمالي سنوياً على قطاع العقار والبناء، ما مكن نحو 70 % من الأسر المغربية من الحصول على مسكن وهي من أعلى النسب في العالم. وأوردت الإحصاءات أن 13 % من السكان لا يزالون يقطنون في مساكن غير لائقة، أي نحو 3 ملايين يقيمون في هوامش الحضرعلى رغم الجهود المبذولة لبناء مدن جديدة مما يستدعي بناء 170 ألف مسكن جديد سنوياً وتوفير أراضٍ بمساحة 3 آلاف هكتار سنوياً. وأشار تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ( الإسكوا ) أنه يعيش 28٪ من سكان المدن في أحياء ومناطق مهمشة «أحياء عشوائية»، وفي البلدان الأقل نمواً، تضم هذه الأحياء أكثر من ثلثي سكان المدن . وقال التقرير الذي حمل عنوان "نحو خطة للتنمية لما بعد عام من منظور عربي 2015" ، إن البلدان التي تشهد النزاعات والاضطرابات السياسية كجزر القمر والسودان والصومال والعراق ولبنان واليمن، تتراوح نسبة المناطق العشوائية بين 50 إلى 95 % من سكان المدن. وقال التقرير إن المدن العربية هي إحدى دعائم التنمية العربية غداً، إلا أن نموها في المنطقة العربية غالباً ما يتم بصورة غير قانونية وفي ظروف بيئية رديئة حيث تعاني من تضاؤل إمدادات المياه العذبة ونقص في المرافق اللازمة لجمع النفايات الصلبة والسائلة ومعالجتها والتخلص منها، ما يفرض عوائق كبيرة تعترض مسار التنمية المستدامة في البلدان العربية ، وأوضح التقرير أن انعدام الأمن الغذائي في المنطقة ينتج من المشاكل البيئية، ونقص المياه، والسياسيات التي تكرس إهمال التنمية الريفية . وفي بعض أنحاء المنطقة تسهم الزراعة وخصوصاً زراعة المحاصيل التي تستخدم كميات مفرطة من المياه إلى نضوب المياه الجوفية وتلوث المنتجات الزراعية وتملح التربة ، وتعاني بعض البلدان مثل اليمن من الإجهاد المائي. فنتيجة للارتفاع في عدد السكان، وما يولده ذلك من أعباء إضافية، يزداد الطلب على الموارد المائية الشحيحة أصلاً، ما يؤدي إلى سحب كميات مفرطة من المياه الجوفية وإدارة المياه بأساليب غير مستدامة. وعلى رغم ذلك من غير الوارد إرغام السكان على العودة إلى الأرياف ، بحسب تعبير المتحدث باسم مركز الأممالمتحدة شاراد شانكارداس. لذلك يقترح مركز الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية على الدول إعادة النظر في سياساتها التي تقضي بمساعدة الأرياف على أمل ألا ينزح المقيمون في الأرياف إلى المدن بحثاً عن فرص عمل.