بعد فترة طويلة من التهميش وعدم الاهتمام استطاع ذو الإعاقة البصرية أن يثبتوا للعالم أجمع أنهم قادرون على الوجود والتأثير فى كل النشاطات الفكرية والإبداعية, فبالرغم من القناعة التى تشكلت لدى الكثيرين عن أن فن المسرح هو فن بصرى يعتمد على النظر لما يحتاجه الممثلون من تحرك على خشبة المسرح لأداء الأدوار المطلوبة لتنفيذ العمل وبالتالى الظن بأن هذا العمل يعتبر صعبا ومستحيلا على فاقدى البصر القيام به فإن فاقدى البصر استطاعوا أن يثبتوا عكس ذلك وقاموا بتأسيس فرقة مسرحية بمدينة طنطا معظم أعضائها من فاقدى البصر تضم نحو 18 عضوا واختارت لنفسها اسم «المفتحين» لتؤكد رسالتها التنويرية ولتبرهن أن فاقدى البصر هم يرون ويبصرون لأن الرؤية ليست مادية إنما رؤية البصيرة والعقل. يقول إبراهيم عمارة – كفيف والمتحدث باسم الفرقة-: بدأت الفرقة نشاطها منذ عامين بقصر ثقافة طنطا وبعد تحديات وصعوبات كثيرة استطاعت الحصول على دعم مالى من وزارة الثقافة لإنتاج أول عروضها تحت عنوان حكايات مصرية للمؤلف حمدى عبد العزيز وقام المخرج أسامة شفيق إخراج أول عرض مسرحى للفريق وساعده فى تدريب الفريق رضا عبد المقصود كمساعد مخرج، ومنذ أربعة شهور فقط بدأت الفرقة التدريب على الأداء المسرحى فى مسرح مدرسة الزراعة بطنطا الذى تشرف عليه هالة حداد موجه عام المسرح وخلال هذه الفترة استطاع فاقدو البصر إتقان أدوارهم المسرحية ببراعة وبجودة عالية حيث كان يتم تسجيل النصوص المسرحية إما صوتيا أو بطريقة برايل كما كان يتم تدريبهم على حفظ المسرح وأبعاده وشكله وبالتالى يتحركون بسهولة ودون تصادم بينهم، وتم إقرار الموازنة من قبل وزير الثقافة السابق دكتور جابر عصفور وبدء تنفيذ العرض فى طنطا على مسرح كلية الآداب القديم لمدة خمسة أيام فى بداية شهر يوليو الماضى، كما قام الفريق بعرض المسرحية على مسرح شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى لمدة يومين وسط حضور جماهيرى كبير. ويضيف: الفريق يضم بين أعضائه عددا كبيرا من المتميزين والمبدعين فى كل المجالات الثقافية والفكرية وحملة الدكتوراه وهم يؤكدون دورهم فى تنمية المجتمع والتعبير عن قضاياهم ومشكلاتهم وتوصيل صوتهم للمجتمع ومحاولة تغيير الصورة التى ترسخت سلبيا عن ذوى الإعاقة ويحلوا محل الأعمال الفنية التى نالت وسخرت منهم، كما يعاون الفريق مجموعة من المبصرين لتأكيد الدمج والتواصل بين فاقدى البصر وأفراد المجتمع وأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع. وقد حظى الفريق بدعم ومساندة من محمد زغلول رئيس إدارة التمكين الثقافى لذوى الاحتياجات الخاصة بوزارة الثقافة ومسئولى وموظفى مديرية الثقافة بالغربية. ويكمل: يتطلع الفريق إلى عرض المسرحية على المسارح فى كل المحافظات حتى تنتشر رسالته، كما يسعى نحو العالمية من خلال القيام بتنفيذ العرض ليس فقط فى الدول العربية إنما فى الدول الأجنبية ليكونوا خير سفراء لمصر وهم يتحدثون فى عرضهم الأول عن حكاياتها والوقوف معها وسينبهر العالم كله بهذه التجربة المتميزة .. وهذا يؤكد أنه إذا توفرت لذوى الإعاقة الإمكانات والقوى اللازمة ستظهر إبداعاتهم وإمكاناتهم غير المتوقعة.