أسعار الدواجن واللحوم اليوم 26 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 26 مايو    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ وزير المالية حسم الأمر    الجثث تفحمت، مصرع 27 شخصا بينهم أطفال في حريق ضخم بمتنزه هندي (فيديو)    أنطونوف: بايدن يهين الشعب الروسي بهجماته على بوتين وهذا أمر غير مقبول    مشهد بديع لشروق الشمس من قلب الريف المصرى فى الشرقية.. فيديو    الدبلومات الفنية 2024| اليوم.. استمرار الامتحانات داخل 2562 لجنة    اليوم بدء أعمال التصحيح لامتحانات الفصل الدراسي الثاني لإعدادية البحر الأحمر    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. ومواعيد الإجازات الرسمية لشهر يونيو    نقع الأرز ل4 ساعات يخفض مستويات السكر في الدم    عاجل.. زلزال بقوة 6،3 درجات يضرب جزر فانواتو    مع اقتراب نهاية السنة المالية.. تعرف على مدة الإجازة السنوية وشروط الحصول عليها للموظفين    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني عبر موقع بوابة التعليم الاساسي    إيلون ماسك يحذر المستخدمين من سرقة رسائلهم على واتساب    حقيقة وفاة الداعية التركي فتح الله جولن    أدعية الصفا والمروة.. «البحوث الإسلامية» يوضح ماذا يمكن أن يقول الحاج؟    وزير البترول: وزارة الكهرباء تتخلف عن سداد فواتير الوقود ب 120 مليار سنويا    هل سيتم تحريك أسعار الأدوية الفترة المقبلة؟.. هيئة الدواء توضح    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    والدة مصطفى شوبير: وجوده مع الشناوي شرف.. وعزومة «حمام ومحشي» للاعبي الأهلي    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    «أصعب 72 ساعة».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وتحذر من تغير مفاجئ بالحرارة    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج العقرب    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    للقارة كبير واحد.. تركى آل الشيخ يحتفل بفوز الأهلى ببطولة أفريقيا    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الدلو    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    قصواء الخلالى: الرئيس السيسى أنصفنا بتوجيهاته للوزراء بالحديث المباشر للمواطن    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رابطة النقاد الرياضيين تُثمن تصريحات الشناوي بتأكيد احترامه للصحافة المصرية    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    بيرسي تاو يُهادي جماهير الأهلي بعد التتويج بدوري أبطال أفريقيا (فيديو)    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي «طنطا» و«مدينة السادات»    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيهان:‏ السادات لم يمنع أغاني الثورة!!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 04 - 2010

أم كلثوم كانت قوية الصوت والشخصية في آن ووصف صوتها بأنه له صفات الزعامة التي تستحوذ علي الاهتمام‏. قيل ان سر الخلاف بينكما يعود إلي نفس المنبع وهو قوة شخصيتك وسعيك للزعامة الاجتماعية آنذاك‏..‏ هل تتفضلين بتوضيح سر الخلاف بينكما؟ بنبرات تحمل عتابا أجابت‏:‏ كل ما قيل في هذا الشأن ليس صحيحا علي الإطلاق‏..‏ وأم كلثوم لم تنعت السادات‏'‏ بأبو الأنوار‏'‏ ولم أغضب من ذلك كما قيل‏..‏ وبالرغم من مضي السنين فأنا لا أستطيع أن أخفي دهشتي لقدرة البعض علي الفبركة واختلاق الشائعات‏..‏ فأنا أعلم أن هذه الشائعة تحديدا من‏(‏ طبيخ‏)'‏ سامي شرف‏'‏ فهو الذي دبر هذا الأمر وأحكم تدبيره استنادا لمكانة أم كلثوم الفنية وشهرتها وجماهيريتها الطاغية‏..‏ حتي تكون الشائعة مؤثرة‏..‏ وتنفذ إلي أغراضها وتستقر في جوف الزمن وهو ما حدث بالفعل‏..‏ وحقيقة الأمر أن أم كلثوم كانت صديقة عزيزة‏..‏ اعتادت أن تزورني في بداية سنوات زواجي في منزلنا بالروضة حين كان السادات رئيسا للإذاعة وكنا نقطن بالدور الخامس ولم يكن بالعمارة مصعدا فكانت تأتي يوما بعد يوم تقريبا‏..‏ تجلس معي ونتجاذب الحديث وكانت امرأة ذكية جدا‏..‏ فرضت موهبتها واحترامها لذاتها علي الجميع‏..‏ امرأة عصامية ارتبطت بالنخبة المثقفة وارتقت بثقافتها وكانت تمتلك من الحصافة وآداب السلوك ما يمنعها من رفع الكلفة بينها وبين الناس‏.‏ كنت أحضر بعض حفلاتها الشهرية وأحب كل أغانيها وكثيرا ما كنا نلتقي في مآدب جماعية في منزل سيد مرعي بالهرم فأنا أحبها جدا‏..‏ وكنت من القلائل الذين يترددون عليها في مرضها الأخير قبل وفاتها‏.‏
ذكرت حضرتك كلمة‏(‏ طبيخ‏)‏ هل يتم طبخ الشائعات بالفعل أم أنها تأتي أحيانا بصورة عشوائية أو نتيجة للتواتر والنميمة؟
الشائعات يتم طبخها بالطبع‏,‏ فصنع الشائعات دراسة وعلم‏,‏ فالشائعة في جميع الأحوال تحدث بلبلة وتوتر وتصيب الهدف في معظم الأحيان‏.‏
قيل أيضا ان القيادة الليبية وضعت صورة لسيادتك بالحجم الطبيعي وأنت ترقصين مع المطرب الأمريكي الشهير فرانك سيناترا وأنك تعرضت للهجوم الشخصي نتيجة لرفض البعض لسياسة السادات؟
أنا لم أرقص في حياتي مع سيناترا ولكني دعوته لزيارة مصر وإقامة حفلة غنائية لصالح جمعية الوفاء والأمل ولم يكن هناك مجالا للرقص وفي اليوم التالي قام بزيارة أبنائنا في الوفاء والأمل وسعدوا بأغانيه كثيرا بالرغم من أنهم لم يفهموا كلماتها‏..‏ لكنه مطرب عظيم‏..‏ يمتلك حنجرة ذهبية وهو موهبة لا تعوض‏..‏ أما الصورة التي تتحدثين عنها فقد استقرت في مطار طرابلس وكنت أرقص فيها مع الرئيس كارتر‏..‏ فأثناء حضوري أنا والسادات لأحد المآدب الرسمية بالبيت الأبيض‏..‏ أعقب العشاء موسيقي ورقص غربي‏..‏ وأذكر أن المطربة الأمريكية السمراء‏'‏ بيرل ديلي‏'‏ جذبت السادات للرقص معها‏..‏ فابتسم وأخبرها أنه لا يعلم الرقص‏,‏ فقالت له سوف أعلمك‏..‏ وفوجئت بالرئيس كارتر يصحبني بتلقائية ولم يستغرق الأمر ثواني‏'‏ أخذني لفة صغيرة‏'‏ ثم شعر بملامح الصد والرفض ترتسم علي وجهي بدون حديث‏..‏ فبادر بالاعتذار إدراكا منه بأن الأمر يتنافي مع تقاليدنا وعاداتنا‏..‏ فبعض الدول العربية كانت لها مواقف مؤسفة مع مصر‏..‏ في حين أن السادات لم يبدأ بهجوم أي رئيس أو دولة عربية‏..‏ فلم يكن أبدا صاحب مبادرة في الهجوم‏.‏
هذا يأخذنا إلي المناخ العام الذي أحاط باتفاقية كامب ديفيد وعواصف الهجوم التي تعرض لها الرئيس السادات هل تعتقدين أن التاريخ ربما اتخذ مسارا آخر الآن لو أن السادات كان مدعوما من الأشقاء في البلاد العربية؟
بالتأكيد‏..‏ فالسادات تعرض لمصاعب عديدة وقد لا يعلم البعض وخاصة الشباب أنه عقب إعلانه عن اعتزامه زيارة إسرائيل توجه إلي سوريا وعرض علي الرئيس حافظ الأسد الانضمام إلي جانبه من منطلق أننا حاربنا سويا‏..‏ ومن الأفضل أن نتفاوض سلميا سويا أيضا‏..‏ ولكن المفاجأة أن السادات وهو داخل القصر الرئاسي في زيارة رسمية فوجئ بأن رفعت الأسد أدخل طلبا علي عجالة لشقيقه الرئيس السوري يطلب فيه اعتقال السادات لعزمه عقد اتفاق سلام مع إسرائيل‏..‏ فنهرهم حافظ الأسد وأمن خروج السادات سالما من دمشق‏..‏ ثم بدأت الشتائم تنهال علي شخصه من الإذاعة السورية بمجرد ركوبه طائرته في طريق عودته لمصر‏.‏
يقال إننا نعيش الآن في بعض المناطق العربية نتيجة للممارسات الإسرائيلية أجواء‏'‏ اللا حرب واللا سلام‏'‏ عقب الغزو الإسرائيلي للجنوب اللبناني وغزة وانتهاكات الحرم الإبراهيمي‏..‏ وغيرها من مشاكل الاستيطان‏.‏ فهل مازلت مؤمنة بإمكانية تحقيق السلام في تلك المنطقة الملتهبة بصفة مستمرة؟
حين جاء الرئيس الأمريكي أوباما إلي السلطة ناشد العرب والفلسطينيين مساعدته لكي يتسني له مساعدتهم وهو شخصية رائعة يمتلك طاقة هائلة علي التغيير أوباما وزوجته ثنائي‏(‏ يفرح‏)‏ خصوصا أن جورج بوش الابن أتعبنا كثيرا في الشرق الأوسط‏..‏ لكن إسرائيل تستغل للأسف الشديد جميع الخلافات التي تصل إلي حد التحارب والعراك بين الكيان الفلسطيني ممثلا في فتح وحماس مع عدم وجود تجمع عربي إزاء سياسة عربية بعينها‏.‏ فالانقسام هو آفتنا التي تضعف موقفنا وكل التجنيات التي واجهها السادات لم تتقدم بالقضية الفلسطينية نحو الحل ولكنها عطلت المسيرة‏!!‏
ولكن يقال إن الرئيس السادات لو كان حيا لم يكن ليقبل التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل إيقاف الاستيطان وهذا ما كان يعيه جيدا فلم يكن هو ذاته من أنصار التطبيع الكامل بدون مقابل من منطلق أن صيغة السلام التي توصل لها كانت براجماتية تضع اعتبارا للمقابل والثمن والعائد في مقدمة الأولويات؟
مؤكد‏..‏ فقد حصلنا علي أرضنا مقابل التطبيع مع إسرائيل‏.‏
ولكن قرار التطبيع في النهاية يظل قرارا شعبيا وليس سياسيا‏..‏ فالأغلبية تحجم عن التطبيع بكافة أشكاله نتيجة لممارستهم وانتهاكاتهم؟
موقف إسرائيل من الفلسطينيين سيئ جدا نتيجة للإبادة التي حدثت في غزة علي سبيل المثال فلدينا تعاطف شديد ومشاركة وجدانية لإخواننا الفلسطينيين فلا يمكن أن نشاهد الفلسطيني وهو يضرب ويسجن ويشرد وندعو للتطبيع الكامل‏..‏ سيحدث هذا حين تتوصل إسرائيل لموقف يرضي عنه العرب جميعا فأنا أشجع التطبيع حين تعود الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية وجميع الحقوق العربية‏.‏
ذكر الكاتب الكبير أنيس منصور أن الرئيس السادات كان يتصرف بحذر وحرص شديدين‏..‏ فما هي أبرز صفاته الإنسانية التي لا يستشعرها إلا المقربون؟
أنيس منصور صديق عزيز‏..‏ من محبي السادات وهو من الشخصيات القلائل التي اقتربت منه وفهمت مفاتيح شخصيته لذلك يستطيع أن يبرر الكثير من مواقفه‏..‏ ولكن علي المستوي العائلي فالسادات كان يعطي انطباعا عاما بعدم الاكتراث أو الانشغال الظاهري‏..‏ فأحيانا كنا نتواجد سويا في أحد المناسبات أو عند بعض الأصدقاء وعقب عودتنا إلي المنزل أتهيأ لأخبره بما كنت اعتقد أنه لم يشاهده أو لم يحط به علما فيبتسم ويقول‏:‏ أعلم أعلم‏..‏ وأكتشف أنه شاهد ما حدث بتفاصيله ويكمل لي القصة وقد يعلل أسبابها‏!!‏
لكن توجد بعض الثغرات التي أحاطت بشخصية السادات ولم يفهمها البعض‏..‏ عفوا لماذا كانت صورته عقب وفاة عبد الناصر أنه‏(‏ غلبان‏)‏ أو بمعني آخر لا يصلح رئيسا للجمهورية؟
وهنا قاطعتني السيدة جيهان وأضافت بصورة فاجأتني قائلة‏:‏ وأنه لا يقدم ولا يؤخر‏,‏ وهل من المعقول أن يملأ الفراغ الذي تركه عبد الناصر؟ ولكنني أتحدث معك عقب مرور كل هذه السنين بصدق ولا أتحرج في أن أخبرك أنني أيضا تشككت في قدراته آنذاك وحدثت نفسي بما تساءل به الناس‏,‏ فأنا في النهاية مواطنة‏..‏ وبالرغم من أنني زوجته وأقرب الناس إليه وأعرف قدراته ومهاراته وبراعته السياسية إلا أن هذا ما حدث في البداية بالفعل‏!!‏
سألتها باندهاش‏:‏ لماذا؟
لأن عبد الناصر كان زعيما وطنيا قوميا استحوذ علي قلوب الجماهير في مصر والعالم العربي‏.‏ كنت صغيرة نسبيا حين وصل إلي سدة الحكم حيث تفتح وعينا واعتدنا علي زعامته التي كنا نلتف حولها‏!!‏
هل يمكننا القول أن كاريزما عبد الناصر ظلمت السادات في البداية؟
ربما‏.‏ هذا احتمال وارد إضافة إلي هدوء السادات غير المفهوم في بعض الأحيان كما أشرت سلفا‏.‏ فهو يعطي انطباعا بأنه لم يستوعب‏.‏ فوجهه لا يظهر أي تعبيرات‏,‏ لكنه في حقيقة الأمر‏(‏ لماح جدا‏)‏ ولديه شفافية‏..‏ والثقة والاعتزاز بالنفس والتواضع من أهم سماته‏..‏ كان مثلا يجلس أحيانا فترات طويلة في الشمس ولا يعبأ بكونه أسمر وسيزداد سمرة‏,‏ وأن زوجته بيضاء ولا يتواني في الذهاب لفرح ابنة السائق الذي اختبأ عنده قبل الثورة‏.‏ بالإضافة لما تقدم فهو لم يكن متكالبا علي المناصب‏..‏ فحين كنت أطالع الصحف أثناء فترة وضعي لابنتي الكبري لبني فوجئت في الجرائد أنه أصبح وزيرا‏..‏ فعاتبته حين جاء لزيارتي وقلت له لماذا لم تخبرني؟‏!‏ أجاب‏:‏ لأنني ببساطة لم أكن أعلم مثلي مثلك تماما‏..‏ فقد كان رافضا لهذا المنصب ولكن عبد الناصر أصر علي تعيينه‏,‏ كان لديه اعتقاد أن الوزير في نهاية الأمر موظف يتعين عليه الذهاب يوميا إلي مكتبه‏..‏ فهو يكره الروتين نتيجة للفترة التي قضاها في السجن قبل الثورة‏..‏ لذلك كان يصعب تحديد إقامته‏..‏ وأسعد فترات حياته هي تلك التي قضاها رئيسا لمجلس إدارة جريدة الجمهورية وحين تولي رئاسة مجلس الشعب من‏1960‏ إلي‏.1968‏
تتمتعين بسعة الأفق والجسارة علي تقبل الجديد‏..‏ فلماذا غضبت من صور الفنان فاروق إبراهيم التي نشرها السادات في أخبار اليوم؟
لم أغضب من الفكرة في حد ذاتها‏.‏ فقد أذن السادات لفاروق إبراهيم بمصاحبته حتي نزوله من المنزل لتسجيل يوم في حياته وهو يحلق ذقنه ويركب الدراجة حتي نزوله من المنزل‏..‏ ولكني استأت من ظهوره‏(‏ بالملابس الداخلية‏)‏ فرئيس الدولة له احترامه ويجب أن يظهر بصورة لائقة ولم يقم هو بالطبع باختيار هذه الصور‏..‏ يظهر بالمايوه ممكن‏..‏ علي البلاج جائز‏..‏ لكن ما نشر كان يحمل بعض المبالغة وعدم التوفيق‏!!‏
هذا يقودنا إلي بعض التناقضات التي كانت تنطوي عليها شخصية الرئيس السادات‏_‏ فبالرغم من هدوئه واتزانه إلا أنه كان يأتي أحيانا ببعض الأفعال التي تنم عن صلابة رأسه‏..‏ هل هذا صحيحا؟
هذا صحيح إلي حد بعيد‏,‏ فالسادات كان رأسه ناشف كما نقول وعنيدا‏..‏ في بعض الأحيان كنت أضحك مع أولادي أثناء محاولتنا لإقناعه بشئ ما‏..‏ فأقول لهم‏..‏ سنخبره بعكس رأينا لكي نحصل علي موافقته عن طريق اعتراضه فكان يسمعني ويضحك‏!!‏
ولكنه كان متوافقا سياسيا مع عبدالناصر إلي حد بعيد؟
دائما كان يأخذ نفس موقف عبد الناصر إيمانا منه بصحة موقفه وإن كانت شخصيتهما تختلف كل الاختلاف وأساليبها في العمل‏..‏ لكنه كان محبا له‏..‏ وفي بداية عهده اعتقد البعض متسرعا أنه سيسير علي نفس نهج عبدالناصر‏..‏ لكنه كان يسير عكسيا‏.‏
هل لهذا السبب تضامنا مع عبد الناصر‏..‏ ترك الرئيس محمد نجيب في منزل زينب الوكيل بالمرج بعض الوقت فمحمد نجيب عاني الأمرين‏,‏ فلماذا لم يعطف السادات لحاله منذ البداية؟
الاستعطاف جاء حين أخبر أحد الموظفين لدينا‏(‏ الصاغ‏)‏ فوزي عبد الحافظ بأنه زار الرئيس نجيب في منزله بالمرج ووجده في حالة يرثي لها في هذا المنزل المتهالك فقام الصاغ فوزي بنقل الصورة كاملة للسادات فأمر علي الفور بخروجه وإنهاء تحديد الإقامة ولم يكن يعلم في البداية تفاصيل إقامته ومدي الإساءة التي تعرض لها‏.‏
قيل انه منع إذاعة أغاني عبد الحليم حافظ التي غناها للثورة وعبد الناصر فلم تظهر هذه الشرائط في الأسواق إلا بعد وفاة السادات؟
هذا الكلام ليس له أساس من الصحة‏..‏ فنحن محبون جدا لعبد الحليم حافظ وخاصة أغانيه التي تمجد الثورة ونحتفظ بهذه الشرائط في منازلنا وسياراتنا فهذه الأغاني من أجمل ما غني عبد الحليم حافظ‏.‏
ولكن ما سبب اختفائها عقب وصول الرئيس السادات إلي الحكم هل تعتقدين أن البعض فعل ذلك اعتقادا منه أن السادات سيبارك مثل هذه الخطوة وإن لم يأمر بها مباشرة؟
لو تم الأمر وفقا لهذا السيناريو فهو يحمل ضررا بالغا لا فائدة فمن المؤسف أن بعض الناس يغفلون عن حقيقة جوهرية تتمثل في أن رئيس الجمهورية‏_‏ بصفة عامة‏_‏ ينشغل بجلائل الأمور ويعنيه في المقام الأول توفير المتطلبات الحياتية والآمنة لشعبه ومئات المشاكل المحلية والدولية ولا يوجد لديه وقت ليبدده في مثل هذه الصغائر‏..‏ إضافة إلي أن السادات كان محبا للفنانين وهو الذي أرسي عيد الفن وكان حريصا علي الاحتفال به سنويا واذكر أنني حين ذهبت إلي قصر عابدين للمرة الأولي‏_‏ تساءلت لماذا تم نزع صور الملك فاروق‏..‏ وطالبت بإعادتها‏..‏ فتاريخ مصر يجب أن يتواصل لأن كل حاكم يضيف لما يفعله سلفه‏.‏
هل كان يراجع نفسه أحيانا ولا يكابر في تصحيح أخطائه؟
اعتقالات سبتمبر‏1981‏ من المواقف القليلة في حياته التي كابر فيها ولم يذعن لنصائحي كزوجة محبة ومواطنة حريصة علي مصلحته بصفته رئيسا للجمهورية‏..‏ فذكرته بأنه ذاق مرارة السجن والاعتقال وتقييد الحريات فكيف تطاوعه نفسه بجمع اليمين إلي اليسار إلي الإخوان والشيوعيين‏..‏ كنت لا أريد أن يغضب منه أو يكرهه أحد‏,‏ فأنا أحبه لكنه أجابني أنها فترة محددة حتي يسترد سيناء بعدها ستعود الأمور إلي طبيعتها وكان يستند في قراره هذا بالطبع إلي التقارير الأمنية التي أوصت بهذه الاعتقالات نتيجة لوجود بعض الشغب والاحتقان الذي ينذر بالخطر‏.‏
هل تستمتعين بالأماكن الشعبية والحياة البسيطة مثله؟
أحب الأماكن الشعبية جدا‏..‏ وأعشق منطقة القاهرة المملوكية والحسين وخان الخليلي وباب زويلة‏..‏ بل أنني لا أجد غضاضة في الأكل من الشارع‏.‏ فأثناء رئاستي للمجلس المحلي بشبين الكوم‏,‏ كنت أنتهي من عملي في الرابعة بعد الظهر وأكون مجهدة فكنت أوصي بوضع ساندوتشات الطعمية الشهية التي تصنعها‏'‏ أم سيد‏'‏ في شبين الكوم وتبيعها علي عربية يد بجوار مقعدي في السيارة وكان الرئيس السادات يداعبني قائلا‏:‏ إنها مصنوعة من زيت العربيات‏..‏ فكنت أقول له‏:‏ لذلك أتذوقها‏,‏ فقد كانت بحق أشهي طعمية تذوقتها في حياتي‏!!‏
اطلعت علي حديث لسيادتك في جريدة النيويورك تايمز ذكرت فيه سنك‏.‏ ألا تتحفظين في هذا الأمر شأن بقية النساء؟
انتهي هذا العصر الذي تخفي فيه المرأة عمرها الحقيقي‏.‏ فالمرأة لديها الآن قضايا أهم‏,‏ فأنا أفضل أن أكون في السبعينيات وأبدو في الستينيات‏.‏ فقد اعتدت الاعتناء ببشرتي عن طريق الكريمات والزيارة السنوية لاخصائي البشرة‏..‏ لكني أرفض عمليات شد الوجه لأنها تغير ملامحه‏..‏ فمسألة جمال الشكل لا تعنيني بقدر ما يعنيني جمال الروح‏..‏ فلم أشعر يوما أنني جميلة ولا أراهن علي ذلك فأنا مأخوذة دائما بالشخصية التي أمامي فأحيانا أجلس مع سيدة في الثمانين من عمرها‏..‏ فتسحرني بروحها المتوهجة وتجذبني شخصيتها وأحيانا أنهي حديثي المقتضب مع فتاة في الثلاثينيات لا تشع روحها أي بريق‏_‏ فالسادات كنت سعيدة معه للغاية ومنبهرة بشخصيته وأعماله وقدراته الرائعة‏.‏
الأفلام السينمائية تمثل انعكاسا للواقع‏..‏ ما الذي ترصدينه من ملاحظات استوقفتك في الأونة الأخيرة في السينما المصرية؟
هذا الكم الهائل والمبالغ فيه من صور العشوائيات وتجميع السلبيات في شريط سينمائي‏..‏ فأنا من محبي الفنون أرتاد المسارح والسينمات وطول عمرنا لدينا مشاكلنا المحلية فأفلام نجيب محفوظ مثل‏:‏ بين القصرين وزقاق المدق كانت تعكس الأحياء الشعبية ومشاكل الحارة المصرية بصورة فنية جميلة فالفن من المفترض أن يرتقي بالإنسان ويتجاوز واقعه ولا يهبط به إلي الدرك الأسفل ففي أمريكا أيضا عشوائيات لكن لا تعكسها كل أفلامهم شأن الموجة السينمائية التي نعاني منها الآن لدينا واقع جيد أيضا لابد أن تعكسه السينما‏.‏
السادات قتل بفتوي حمقاء من الشيخ عمر عبد الرحمن وآخرين‏..‏ الآن تدهور الحال حتي أن بعض الناس تسعي لطلب الفتاوي لتفسير البديهيات‏..‏ كيف ترين السبيل لتطوير الخطاب الديني داخليا لكي تنعكس آثاره خارجيا؟
بداية أنا غير مؤمنة بهذه الهوجة من الفتاوي‏.‏ فليس لها دخل بالإسلام‏..‏ أما الخطاب الديني الذي يتجسد في أولي مراحله في خطبة الجمعة‏..‏ فيجب أن يبتعد تماما عن السياسة ويكرس مضمونه للحض علي مكارم الأخلاق وفضيلة إتقان العمل كما يوصي الإسلام‏.‏
ما رأيك في الأسماء التي تم طرحها حتي الآن لمنصب رئيس الجمهورية‏..‏ خاصة أنك كنت زوجة رئيس سابق خبر الحياة من الأعماق؟
رئيس الجمهورية المرشح لابد أن يكون ملتحما بالشعب مدركا لمشاكله ومعاناته اليومية‏..‏ لديه المقدرة الحقيقية علي الإصلاح بالأفعال لا بالكلام في المنتديات‏..‏ فنحن نتمتع في مصر بصيغة استقرار تحققت في عهد مبارك ولا تتوافر في أي من بلدان المنطقة بأكملها‏.‏ فمعظمها يعاني من الاضطرابات الداخلية‏..‏ لذلك ينبغي أن نحافظ علي هذا الاستقرار ولا نتطرق لتعديل الدستور فهو يمثل قانون القوانين‏..‏ ولا يعقل أن نترك هذا الاستقرار وننساق وراء صيغ دخيلة مستوردة‏..‏ قد تحدث بلبلة للقاعدة الشعبية العريضة‏.‏ فالدكتور البرادعي من الممكن الاستفادة من خبراته في مجال الطاقة النووية‏..‏ والأمر كذلك بالنسبة للدكتور زويل فنحن نريد خبرته ومشوراته في مجال التعليم‏..‏ أما السياسة فليتركوها لأصحابها من المحترفين‏..‏ فالسياسة لا تصلح أبدا من البرج العاجي‏!!‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.