أعلنت وزارة الصحة أن الادارة العامة للتفتيش الصيدلى رصدت تجاوزات فى 30 ألفًا و117 صيدلية من إجمالى 62 ألفًا و175 صيدلية تم المرور عليها فى مختلف أنحاء مصر ، يضاف اليها 1023 مخزنا من إجمالى 1142 مخزنا تم المرور عليها كذلك وهذا فى حد ذاته كارثة بكل المقاييس، لأن الأرقام تقول إن نسبة المخالفات تقترب من50% فى الصيدليات و 90% فى مخازن الأدوية ، وبمعنى آخر أن الالتزام فيها نادر. وهذا العدد الهائل من التجاوزات صدم الرأى العام ، ويطرح تساؤلات مخيفة عما يجرى فى منظومة بيع الدواء فى مصر. إيضاحات الصحة فى البداية كان لا بد من استيضاح الحقيقة من مصدرها وهو وزارة الصحة من خلال الدكتور حسام عبد الغفار - المتحدث الرسمى باسم الوزارة والذى قال : إن رقم 30 ألف صيدلية يحتاج توضيحا ، فهو إجمالى ما تم المرور عليه وتفتيشه فى كل أنحاء الجمهورية خلال الفترة من أول يناير وحتى نهاية مايو من العام الجارى 2015 أى فترة خمسة أشهر ، وهنا يجب توخى الدقة فى أن هذا العدد يضم تفاصيل كثيرة مثل أن بعض الصيدليات تم المرور عليها عدة مرات لمتابعة بعض المخالفات والتأكد من تلافيها مثل عدم وجود صيدلى فى اثناء التفتيش رغم ثبوته رسميا فيعاد المرور للتأكد من عدم غيابه ، و كذا ارتفاع درجة حرارة ثلاجة حفظ الأدوية عن المطلوب بدرجة طفيفة لا تؤثر على محتوياتها مما يستلزم العودة اليها فيما بعد للتأكد من ضبطها ، أو عدم التأمين الكافى لمكان حفظ الادوية المخدرة ، كما أن بعضها الآخر مخالفات بسيطة من النوع الذى لا يقتضى تحرير مخالفة كعدم إضاءة لوحة أو لافتة الصيدلية ، ولا يفوتنا تأكيد أن نسبة المخالفات الجسيمة التى استدعت استصدار قرارات غلق إدارى لا تتجاوز 1% على مستوى الصيدليات ومخازن الادوية، كما أن الوزارة تدفع بالمشاركة مع النقابة العامة للصيادلة وجهاز حماية المستهلك لتطوير الأطر التشريعية الحاكمة لمنظومة تسجيل الدواء والرقابة عليه وإنشاء هيئة عليا للدواء ، أو للدواء والغذاء بحسب ما تستقر عليه المناقشات الموسعة التى تحتضنها وزارة الصحة مع كل الشركاء الفاعلين فى هذه المنظومة الحيوية حيث نعترف بأننا فى حاجة الى الكثير من الجهد للوصول الى المستويات العالمية وتحقيق الرضا والأمان الصحى للمواطن المصرى . وأضاف أن هذا يجرى بالتوازى مع جهود أخرى لمنع بيع الدواء فى الأماكن غير المرخص لها ببيعه مثل العيادات الخاصة وصالات الالعاب الرياضية وخلافه فمجال عملنا لايقتصر على الصيدليات ومخازن الادوية وإنما يمتد الى كل المنشآت الطبية وهذا ما تم الاعلان عنه فى مايو الماضى من إغلاق 1109 منشآت طبية خاصة على نطاق 21 محافظة ، فى الفترة الزمنية من يناير الى مايو ، وباختصار نحن لانميز المخالف مهما كان اسمه أو تصنيفه المهنى وهذه الارقام خير شاهد ، وجهاز التفتيش الصيدلى يرصد كل التجاوزات حتى لو كانت بسيطة ، لكنها فى النهاية تحتسب مخالفة تستوجب التنبيه اللفظى فقط دون الكتابى ، وهناك مخالفات جسيمة كبيع أدوية غير مرخصة أو مهربة وتم تحرير 89 محضرا بها ، مع العلم بأن الأدوية المهربة تعامل معاملة الدواء المغشوش الذى يجب إعدامه لأنه لم يتم التصريح بدخوله البلاد، ومن بين المخالفات ضبط 26 مؤسسة صيدلية غير مرخصة فتم تحرير محاضر لها وتحويلها الى النيابة العامة ، وإلغاء ترخيص 88 مؤسسة صيدلية ، وفيما يخص مخازن الأدوية فهذا أمر آخر لأنها غير مصرح لها بالبيع للجمهور أساسا ، وإنما للصيدليات فقط. الصيادلة ترد وحرصا منا على عرض الصورة بتفاصيل أكثر وبيان بعض ملابساتها سألنا الدكتور وائل هلال - أمين صندوق النقابة العامة للصيادلة ومسئول الإعلام بها فقال إن النقابة فور نشر الخبر بالصحف سارعت بالاتصال بالدكتور حسام عبد الغفار- المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة - للتأكد من دقة ما نشر ، وبيان أسماء الصيدليات المخالفة لاتخاذ ما يجب تجاه هذه التجاوزات بعد ثبوتها ، وأفاد بأن ما تم التفتيش عليه خلال العام 30 ألف صيدلية ، المخالف منها 88 صيدلية فقط طوال عام كامل ، وهى نسبة أقل من 3 فى الألف ، وبالتالى فهى لا تطعن بأى حال فى مهنة الصيدلة أو القائمين عليها فى مصر ، وبناء عليه فقد طالبناه بإنصاف الصيادلة وتبرئة ساحتهم بإصدار بيان ينفى الاتهامات السابقة ويؤكد حقيقة الوضع لأنه لا يمكن أن يصل الامر بالمهنة والقائمين عليها الى هذا المستوى ، ونحن رغم ذلك لن نتوانى عن اتخاذ الإجراءات التأديبية تجاه الصيدليات والصيادلة المخالفين. دعم التفتيش الصيدلي وأضاف : بالمقابل فإننى أذكر بأننا كنا من أول المطالبين بتحديث ودعم التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة لتسهيل قيامه بدوره على الوجه الاكمل ، والدليل على ذلك ما نشرته «الاهرام» على لسانى شخصيا يوم 21 مارس الماضى فى تحقيق صحفى يتناول ظاهرة صالات الجيم وشددت وقتها على أن التفتيش الصيدلى يضم كفاءات بشرية تنقصها الامكانات المادية لذا فدعمه ماديا ضرورة ملحة ليتسنى له أداء دوره على الوجه الصحيح. من جانب آخر ، أود توضيح بعض ملابسات ما جرى ، حيث إن الاعلان عن هذه التجاوزات جاء على خلفية ما حدث فى الجمعية العمومية لاتحاد المهن الطبية فى 28 مايو من اتهام بعض الأصوات فى نقابة الصيادلة للأطباء بالتهرب من سداد التمغة الطبية ورفض الميزانية المقدمة من مجلس اتحاد المهن الطبية وطالبت هذه الاصوات فى الجمعية العمومية لاتحاد المهن الطبية بالانسحاب منه ، لأن الصيادلة يسددون أكثر من 400 مليون جنيه سنويا لاتحاد المهن الطبية للقيام بدوره ، فى مقابل أن الباقين لايسددون مبالغ تذكر للاتحاد حتى أن البعض بلغت نسبة تسديدهم صفرًا. وعلى أى حال فنحن نطالب وزارة الصحة بألا يقتصر التفتيش على الصيدليات العامة ، بل يشمل العيادات التى تبيع الادوية مباشرة للمرضى بالمخالفة للقانون ، وللعلم فهذه الادوية ليس سرا أن بعضها يباع بلا تصريح من الوزارة بل مهرب أو حتى مغشوش لأن ظروف الحفظ والنقل والتداول حولته من دواء الى داء وبات يشكل ضررًا جسيمًا وفادحًا بل جريمة فى حق المرضى ، وقد يصل فى بعض الحالات الى الوفاة لأنه يعطى لمرضي يحتاجون علاجًا لا مرضا فوق مرضهم ، وبالتأكيد يؤثر على صحتهم لأن معظم هذه الادوية تقتضى العناية الشديدة من حيث درجة الحرارة ومواصفات الحفظ والتداول وغيرها لأنها جزء مهم من رسالة الصيدلي. وبالنسبة لمخازن الأدوية فإن القانون اعتبرها من ناحية مؤسسة صيدلانية ، لكنه وللغرابة أتاح تملكها وإدارتها لغير الصيادلة ففرغت من الحرص المهنى وحجبت عنها السلطة التأديبية للنقابة وهو ما يقتضى سرعة التعديل فى القانون الجديد المزمع إعداده فى البرلمان المقبل وتكثيف وإحكام الرقابة على هذه المخازن. ترى هل نحاصر هذه الفوضى بالاجراءات والتشريعات الواجبة أم هى إفاقة مؤقتة نعود بعدها للسبات الطويل الذى لا توقظنا منه إلا أزمة جديدة لا قدر الله ؟!.