أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: نظرًا لفضل هذا الشهر العظيم، وعموم الرحمة فيه، وكثرة المنن التى يمنها الله تعالى فيه على عباده، كان حقيقًا بأن يهنِّئ الناسُ بعضُهم بعضًا بقدومه، والتهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مشروعة ومندوبٌ إليها، قال تعالي: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58 ] والتهنئة مَظْهَرٌ من مظاهر الفرح، وجاء فى القرآن الكريم تهنئة المؤمنين على ما ينالون من نعيم، وذلك فى قوله تعالي: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الطور: 19]، وكان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يهنِّئ أصحابه بقدوم شهر رمضان، فعن أبى هريرة-رضى الله عنه- قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ يَقُول: «جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ». وقد نصَّ العلماء على استحباب التهنئة بالنعم الدينية إذا تجدَّدَتْ، فقال الحافظ العراقى الشافعي: «تستحب المبادرة لتبشير من تجددت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه بلية ظاهرة». وقال ابن حجر الهيتمي: «إنها مشروعة»، ثم قال: «ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر، والتعزية، وبما فى الصحيحين عن كعب بن مالك رضى الله عنه فى قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك أنه لما بشر بقبول توبته ومضى إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم قام إليه طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه فهنأه». وكذلك نقل القليوبى عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة. قال البيجوري: «وهو المعتمد». وقال أبو عبد الله ابن مفلح المقدسى الحنبلي: «تستحب التهنئة بنِعَمٍ دينية تجددت؛ لقصة كعب بن مالك رضى الله عنه، وفى الصحيحين أنه لما أنزل الله: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) [الفتح: 1] قال أصحاب النبى صلى الله عليه وآله وسلم: هنيئًا مريئًا”. وتُسَنُّ إجابةُ المهنِّئ وتهنئتَه بمثلها أو أحسن منها؛ لقوله تعالي: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) [النساء: 86].