لا تكاد تمر مناسبة دون أن يحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من خطورة الفكر الإرهابي، وينادي بتجديد الفكر والخطاب الديني الذي يعاني ويلات التشدد والتكفير والإرهاب. وكان خطابه الأبرز في أثناء احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر في شهر رمضان الماضي والتي طالب خلالها بثورة دينية على الفكر التكفيري، مطالبا المؤسسات الدينية ومحملا إياها مسئوليتها أمام الله لتصحيح الفكر المغلوط وصياغة فكر مستنير.
فما الذي حققته المؤسسات الدينية في مسيرة تجديد الخطاب الديني؟ المسئولون يؤكدون أنهم نجحوا في أداء رسالتهم ودورهم على أكمل وجه، وطالبوا بضرورة أن تتكاتف كل مؤسسات الدولة مع المؤسسة الدينية للقضاء على الفكر الضال. الأزهر الشريف عقد العديد من المؤتمرات الدولية، ومن بينها مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب بمشاركة رجال الدين السنة والشيعة ورؤساء الكنائس الشرقية وممثلي الفاتيكان، ووفود من 120 دولة، وقد صدرت عن المؤتمر وثيقة الأزهر لنبذ العنف والإرهاب وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والتي تجري ترجمتها حالياً إلى عدة لغات مختلفة بالتعاون مع دولة الإمارات الشقيقة. كما بدأ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عقد سلسلة لقاءات مع عدد من كبار المثقفين والمفكرين وعلماء الأزهر، لمناقشة آليات وضوابط تجديد الفكر الديني، وسبل حماية المجتمع من الفكر المتطرف ونزعات التحلل التي باتت تهدد الاستقرار والأمن المجتمعي. وذلك تمهيدا لوضع أسس حقيقية وخطط جادة ورؤى عملية تحمى المجتمع من الفكر المتطرف ونزعات التحلل التى باتت تهدد الاستقرار والأمن المجتمعى. وفي اطار متابعته لخطوات تجديد الخطاب الديني وجهود المؤسسات الدينية في هذا الشأن عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى لقاء مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مؤخرا، تناول جهود الأزهر المتواصلة لتجديد الخطاب الدينى ومكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة. وأكد الطيب أن الأزهر سيبقى منارة العلم وقبلة الوسطية للعالم الإسلامي، مشيراً إلى حرصه وعلماء الأزهر على تعزيز التواصل مع كل مؤسسات الفكر، وتأكيد قبول الآخر، وتقريب وجهات النظر لخدمة الإسلام والإنسانية. وأوضح أن مسألة التجديد تتطلب خطاباً فكرياً وتربوياً وأخلاقياً يتناسب مع مهمة التجديد. وأوضح شيخ الأزهر أنه استمع للمثقفين لطرح ما يمكن أن يقدم لمصر والعالم الإسلامي ولبحث سبل حماية المجتمع من الفكر المتطرف ونزعات التحلل التى باتت تهدد الاستقرار والأمن المجتمعى. ومن أبرز الخطوات التي تم القيام بها الأزهر في إصلاح مناهج التعليم الأزهري وتعديل المناهج الدراسية في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالمعاهد الأزهرية وتقديمها بطريقة مبسطة ومختصرة لإيصال المعاني المطلوبة بشكل مباشر إلى الطلاب، وتدريب وإعداد المعلمين من الأزهريين لتدريس المناهج الجديدة، التي تضمنت عدداً من الموضوعات المطروحة في عالمنا المعاصر. كما واصل الأزهر دوره الدعوي في الداخل والخارج عبر تسيير القوافل الدعوية في مختلف المحافظات والتجمعات العمالية والشبابية، وإيفاد الأئمة والوعاظ المؤهلين لعدد من دول العالم، فضلاً عن النشاط الذي يقوم به الأزهر الشريف لإحياء شهر رمضان المعظم في مختلف الدول عبر علمائه الأجلاء. وفي إطار جهود الأزهر لمجابهة التطرف والفتاوى التكفيرية، افتتح الطيب، مرصد الأزهر باللغات الأجنبية، بمقر المشيخة بالدراسة، وذلك انطلاقا من دور الأزهر في تبني قضايا الأمة الإسلامية وحرصه على نشر وسطية الإسلام ونبذ كل أشكال التطرف والتفريط، خاصة في ضوء ما يشهده العالم من ثورة الاتصالات وما يموج به من أحداث متسارعة تفرض على الأزهر مواكبة هذه التطورات والأحداث التي تسيء للإسلام والمسلمين وبخاصة تلك التي تأتي من بعض ممن ينتمون إلى الإسلام. ويضم عشرات الباحثين المتخصصين في اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والفارسية والإسبانية والأردية، بجانب اللغات الإفريقية ( سواحيلي – هوسا – فولاني - أمهري)، ومن المقرر إضافة لغات أخرى لاحقًا، ويشمل فريق العمل عددًا من الخبراء الشرعيين للإسهام في إعداد المادة العلمية اللازمة لتوضيح المفاهيم وتصحيح الأفكار المغلوطة. ويؤكد الطيب، أن الأزهر الشريف على مدار 1060 عامًا يحمل على عاتقه نشر سماحة الإسلام ورحمته ويسره، وأضاف: إن قضية تجديد الفكر والخطاب الديني رغم كل هذه الضوضاء إلا أنها لم تجد تحركا جماعيًّا على كافة مستويات الخطاب الإعلامي والثقافي والتعليمي والديني . وأن مسألة تجديد الخطاب الديني أمرها محسوم في الإسلام، من خلال قول النبي – صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها".