عقب ثورة 30 يونيو بدأت مصر مرحلة جديدة بعد اسقاط الشعب لحكم جماعة الإخوان وكانت بمنزلة مرحلة تأسيسية وانتقالية ايضا تولى فيها رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلى منصور مهام رئاسة الجمهورية ، وذلك وفقا لخارطة الطريق التى توافقت عليها القوى السياسية وشاركت فيها رموز دينية والقوات المسلحة المصرية وتم إعلانها فى مؤتمر صحفى كبير حظيت بموافقة جموع الشعب الذى كان يترقب بأنفاس معدودة لحظة الخلاص من عام فى حكم مصر كان أشبه بكابوس طويل تخلص منه بفجر جديد. وبدأت مصر المرحلة التأسيسية وتم تشكيل لجنة الخمسين لصياغة دستور جديد لمصر و انتخب عمرو موسى رئيساً للجنة ، وأعدت مصر دستورا جديدا يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية يحدث فيها تداول للسلطة وليس هذا فحسب بل يحتوى أيضاً على أدوات لمحاسبة الرئيس وآلياته لعزله من أجل عدم تكرار واقعة محمد مرسى وجماعته التى رفضت إرادة الشعب. لم تكن خطوة الانتخابات الرئاسية خطوة سابقة على البرلمانية فى خارطة الطريق ، ولكن البرلمانية هى السابقة إلا أنه بعد مرور الوقت نشب جدال بين أوساط الرأى العام أن تكون خطوة الانتخابات الرئاسية تسبق البرلمانية ليس لاعتبارات تتعلق بعدلى منصور بقدر ما هى أعتبارات تحتاج فيها مصر لرئيس منتخب يواجه ارهابا محتملا ووضعا دوليا ملتبسا حول ما يدور فى مصر . حسم الجدل على توافق شعبى وسياسى أن تخطو مصر خطوة الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية ، ثم يتبع ذلك الاستحقاق الثالث وهو البرلمان الذى مازالت مصر تنتظره. لم يكن قرار كلا المتنافسين بالأمر السهل فكل منهما مر بمرحلة ترقب قبل حسم قراره النهائى للترشح مرحلة الترقب من يحكم مصر فى هذه المرحلة الدقيقة ؟ سؤال شغل كل المصريين وانتظروا الإجابة عليه كثيرا فلم يكن المشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع فى ذلك الوقت قد حسم أمره فى ظل مطالبة قطاعات كبيرة من المصريين بنزوله الانتخابات الرئاسية ، حيث أوضح أن خوضه الإنتخابات أمر يحتاج إلى دراسة ، وانه ليس قرارا فرديا وان كان قرارا شخصيا فلابد من أمور يتم ترتيبها . فى هذا الوقت تشكلت عدد من الحملات الشعبية من أشهرها " كمل جميلك " والسيسى رئيسي" تطالب عبد الفتاح السيسى بضرورة الترشح لرئاسة الجمهورية ، وبدأت تدشن عملها كحملات شعبية تدعو للسيسى وتدفعه لضرورة الترشح ، فاعتبر الشعب المصرى أن المشير عبد الفتاح السيسى هو رجل المرحلة القادمة . قرار الحسم حسم المشير عبد الفتاح السيسى نيته الترشح للرئاسة وتقدم باستقالته من منصب وزير الدفاع فى 26 مارس 2014 وخلع الحلة العسكرية ، ليعلن بذلك نيته بشكل رسمى خوض غمار الإنتخابات الرئاسية ويسدل الستار على مرحلة من التكهنات والجدل والضغط المتبادل بين مؤيد ومعارض لترشح السيسى حتى حسم السيسى هذا الجدل بإعلان الترشح للانتخابات الرئاسية. ودشن عبد الفتاح السيسى المرشح الرئاسى حملته الرسمية وأعد برنامجه الرئاسي. -حمدين صباحى يقدم نفسه على أنه مرشح الثورة لم يختلف الأمر كثيرا لدى المرشح الرئاسى حمدين صباحى فهو الأخر كان ينتظر ويترقب ويراوغ فى حواراته عندما يرد على سؤال الترشح ، ولاشك أنه دخل بدافع أنه حصل على ما يقرب من 5 ملايين صوت من الشعب المصرى فى الانتخابات التى أعلن فيها محمد مرسى رئيساً لمصر . ظل صباحى يتحدث بلغة تتخللها شروط للترشح وهو أن يحظى بأتفاق قوى وشباب الثورة على ترشحه بخلاف الأحزاب والقوى التى توحدت وشكلت معارضة فى وجه جماعة الإخوان المسلمين وأطلقت على نفسها جبهة الإنقاذ ، ولكن لم يحظ صباحى بالقدر الى يريده من التأييد وعقدت اجتماعات ، وعبر جزء من هذه القوى عن تأييده ومساندته للمشير عبد الفتاح السيسى بخلاف ما كان يبغيه صباحى بل إن رفيق دربه المخرج خالد يوسف دعا لتأييد المشير عبد الفتاح السيسي. شباب التيار الشعبى يحسم تردد صباحي لم يتمكن صباحى أن يحسم حوله اجماعا بنفس القدر الذى حسم به السيسى إجماعاً حوله إلا أن شباب التيار الشعبى حسم تردد صباحى وارتيابه ودفعه أن يترشح وأن يكون هو ممثلا ومرشحا عن الثورة ، وذلك فى ظل توتر علاقات السيسى مع بعض تيارات الشباب وخاصة بعد قانون التظاهر الذى أصدرته حكومة الببلاوى ، والمشير السيسى كان نائبا لمجلس الوزراء ، وأعلن صباحى خوضه الانتخابات الرئاسية تحت شعار تطبيق شعارات الثورة «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» وارتكز صباحى فى مشروعه على ملف الحريات ووضع صباحى يده فى يد تيارات الشباب ،وخاصة بعد قرار خالد على بعدم خوضه الانتخابات حيث قد دارت عدة اجتماعات حاول فيها صباحى التنسيق إلا أنهما فشلا وانتهى الأمر بعدم خوض خالد على الانتخابات المواجهة وتكسير العظام اشتدت الحملات الدعائية بين المعسكرين ولم تخلو أى انتخابات فى غمار التنافس من استخدام الدعاية والدعاية المضادة وقد يلجأ مؤيدو كل طرف إلى اصطياد نقاط الضعف للطرف الأخر وقد يحدث هذا بقصد أحيانا وبشكل مخطط وقد يحدث أحيانا ايضا بشكل غير مخطط فاعتمد معسكر صباحى على عدة نقاط فى حملته الدعائية من بينها أن معسكر عبدالفتاح السيسى يعتمد على رجالات نظام مبارك وأن هذا يؤدى بنا للعودة للوراء بالإضافة إلى أن حقوق الفقراء والعدالة الإجتماعية غير واضحة ، كذلك فإن السيسى ضد الحريات بينما اعتمد معسكر السيسى والأدق غير الرسمى منه أن حمدين صباحى وضع يده فى يد جماعة الإخوان المسلمين ، وأنه سيتحالف فى هذه الانتخابات مع الجماعة ، وأن السيسى رفض تسليم الوطن للجماعة ، بالإضافة لضعف البرنامج وعدد من الاتهامات الشخصية لصباحى إلا أنها لم تمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية . يوم اختيار المصريين لرئيسهم حسم عبد الفتاح السيسى الانتخابات الرئاسية لصالحه بفارق كبير حيث حصل على 97 ٪ من الأصوات الصحيحة بينما حصل منافسه على 3 ٪ من إجمالى الأصوات الصحيحة.