مدينة مباركة بكل ما فيها.. الشارقة..هكذا أشعر, دائما. منذ عرفتها فى عام 1980 وأنا أشعر بالانتماء إليها وبالسلام والأمان وغلاف من المحبة فيها. شعور يندر أن تمنحه إياك معظم المدن. ذكرياتى فيها كثيرة, وما أودعته فيها أكثر، بعض أهلى تحت ثراها, وأولهم أمى رحمة الله عليها والتى أحبتها أيضا وفضلتها على باقى المدن واختارتها مكانا لتعيش فيه، ومكتباتى تلك التى نقلتها من مدن العالم إليها, وتلك المخزنة فى قبو عمارة قديمة منذ أكثر من ربع قرن حتى اليوم. وبعد حياة طالت فى القاهرة لعقود من الزمان ومحنة مررت بها، كانت الشارقة أول حضن فكرت فى صنع عش فيه لا لشىء سوى الإحساس بأمان وحنان وسلام، مدينة الشارقة التى اصطبغت بروح ابنها وحاكمها الشيخ سلطان القاسمى المثقف والإنسانى والمحب والحنون على شعبه وعلى العروبة والثقافة فى العموم.لم تمنحنى الشارقة الهبات والبيت والأرض والوظيفة, ولم أبحث عن ذلك فيها, لكنها وهبتنى الشعور بالسلام والتآخى مع أرضها وبحرها وشجرها وجميع من فيها, ومنحتنى بساطة الحياة وحيويتها, والأصدقاء والأماكن النظيفة للحياة والمقاهى والشوارع الحميمة. الشارقة منحتنى الكثير من الشعر, والإستشفاء من الكثير من الآلام الشخصية والوجدانية والوطنية والقومية. أراحتنى من الشعور بالمطاردة والمخبرين وأصحاب النيات السيئة، منحتنى الشعور بأننى فى بيتى ومع أهلى أغفو بسلام وعمق, وأمشى فيها بفرح ومحبة. فى الأعوام الأخيرة كانت حياتى تجرى ذهابا وعودة بين القاهرة والشارقة. وقد صنعت العديد من الصداقات الجديدة, والطقوس أيضا، جاورت القصباء الوديعة بمقاهيها وممشاها ونشاطاتها المرحة، وجالست فى مقاهيها العديد من المثقفين العرب والإماراتيين وسعدت بنمو الصداقة والمحاورة على طاولاتها، من مقهى النوفرة وأبوشقره إلى جيرارد وفنيال وأندوتشى ومقهى فندق الهوليدى إن، كتبت العديد من الكتب هنا ونشرت بعض أعمالى وأحدثها هو مقام الأعرابية الرائية الذى صدر من إتحاد أدباء الإمارات، مشيت كثيرا فى الشارقة للتريض بإتجاه بحيرة خالد وبإتجاه الخان والممزر، وصنعت صلحا ما مع الماضى وبعض الصداقات القديمة وودعت الكثير منها أيضا. أنا على وشك العودة إلى مصر, والعودة إلى منصبى فى جامعة الدول العربية الذى فصلت منه تعسفيا فى عام 2010 وجاء حكم المحكمة العربية الإدارية بتاريخ 11-5-2015 بإلغاء ذلك الفصل وعودتى لعملى وأخذ كافة حقوقى عن السنوات الماضية، وبعد قضاء قرابة العامين فى الشارقة أوشك على الارتحال منها كمقر والعودة إليها فى زيارات قادمة، أشكر الشارقة برحابة قلبها الأخضر, وأشكر كل من عرفتهم من أصدقائى الجدد ومن تجددت علاقتى بهم من معارف وأصدقاء الزمن القديم. تمتعت كثيرا بصحبة وصداقة الشاعرة مجد يعقوب,والروائية ريم الكمالى, والصحفية غالية الخوجة, والصحفى نواف يونس, والشاعر على العامرى, والفنانة حصة الراطوق, وتسنى لى مجالسة أصدقاء قدماء كختام بيطار وأمينة ذيبان وحبيب الصايغ وحمدة خميس وغيرهم. وتعرفت على كاتبات إماراتيات جديدات وكتاب مثل فتحية النمر وعائشة عبدالله وفاطمة عبدالله وآخرين.وأتاحت لى مجلة دبى الثقافية كتابة مقال شهرى فيها كما نشرت لى كتابى المرأة والإبداع والشكر والإمتنان للصديق نواف يونس.وقد رافق ذلك مقالاتى فى جريدة الأهرام مرتين فى الشهر. الشارقة تسكن فى القلب أينما أكن, وأظننى لم أحب من مدن العرب بهذا القدر سوى مدينتين الشارقة والقاهرة ويسعدنى أن تكون بيوتى فيهما ومقرى أيضا.