أقل من شهر.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظتي القاهرة والجيزة    حملة مقاطعة الأسماك: وصلنا ل25 محافظة.. والتاجر تعود على المكسب الكبير مش عايز ينزل عنه    رئيس برنامج دمج أبناء سيناء يكشف جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة    الأسهم الأوروبية تنخفض عند الإغلاق مع استيعاب المستثمرين للأرباح الجديدة    حماس تكشف عن عرض قدمته لإسرائيل لوقف إطلاق النار: مجندة أمام 50 أسيرا وأسيرة    علي فرج يواصل رحلة الدفاع عن لقبه ويتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش    صدمة قاتلة لبرشلونة بشأن الصفقة الذهبية    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الأرصاد: تسجيل مزيد من الانخفاض في درجات الحرارة غدا الجمعة    تامر عاشور وأحمد سعد يجتمعان بحفل غنائي بالإمارات في يونيو المقبل    التغيرات المناخية ودور الذكاء الاصطناعي.. لقاء ثقافي في ملتقى أهل مصر بمطروح    هالة صدقي: «صلاح السعدني أنقى قلب تعاملت معه في الوسط الفني»    تخصيص غرف بالمستشفيات ل«الإجهاد الحراري» في سوهاج تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة    عضو بالشيوخ: ذكرى تحرير سيناء تمثل ملحمة الفداء والإصرار لاستعادة الأرض    بفستان أبيض في أسود.. منى زكي بإطلالة جذابة في أحدث ظهور لها    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    الجيش الأردني ينفذ 6 إنزالات لمساعدات على شمال غزة    الكرملين حول الإمداد السري للصواريخ الأمريكية لكييف: تأكيد على تورط واشنطن في الصراع    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    تشيلي تستضيف الألعاب العالمية الصيفية 2027 السابعة عشر للأولمبياد الخاص بمشاركة 170 دولة من بينهم مصر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    الرئيس السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين حفاظا على القضية وحماية لأمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة الجوائز الأدبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 06 - 2015

مظلة من الجوائز الأدبية ومعها عديد التظاهرات الثقافية من معارض للكتب، ومهرجانات سينمائية ومسرحية، باتت تشكل ظاهرة سياسية
استعراضية فى عديد من دول الإقليم العربى. غالبُ الدول والنخب السياسية العربية أسست هذه الجوائز لتحقيق عديد من الأهداف السياسية المحمولة على هذا النمط الثقافى الاستعراضى، يمكن لنا رصد بعضها فيما يلى:
1- السعى إلى تشكيل صورة إعلامية لها لإخفاء التوترات والنزاعات فيما بينها وبين بعض من الجماعة الثقافية داخل بلدانها، ومن ثم تحسين صورتها السلبية كقامعة للمثقفين، ولا مبالية بالإنتاج الثقافى الرفيع عموما، ومن ثم السعى إلى نفى الخطاب النقدى لها بأنها تكن كراهية للثقافة والمثقفين، وذلك لأن تكوينهم وتشكيلهم ومصادر وصولهم إلى دوائر النخبة جاء من مواقع لا ثقافية، تدور غالبا حول التكنوقراط، والأجهزة الأمنية والعسكرية، وبعض من بيروقراطية جهاز الدولة، وآخرين جاءوا من مواقع هياكل القوة التقليدية من العائلات الكبرى الممتدة والقبائل والعشائر أو بعض المناطق المؤثرة فى تشكيل خريطة القوة فى البلاد.
2- بناء سياسة الغنائم والموالاة السياسية والأيديولوجية للنخبة الحاكمة الساعية لجذب بعض «المثقفين» إلى دوائر الدعم والتأييد والتبرير لسياساتها ومساندتها إزاء المثقفين النقديين الذين يعرفون بوعى دورهم فى الممارسة النقدية والاجتماعية لسياسات النظام على اختلافها، أو هؤلاء الذين يمتلكون حساسية ورهافة الحس النقدى الرفيع فى ممارسة استراتيجيات التفكيك والتحليل والتفسير والهدم للأبنية الثقافية والاجتماعية والقيمية المتداعية من أجل تأسيس الرؤى والأبنية الجديدة، وتأسيس عالم مختلف مفتوح على الجمال والعدالة والعقل والتسامح والحرية والإخاء والانفتاح على ثقافات العالم بلا قيود، وتحرر المدنى والثقافى من قيود السياسى والدينى الوضعى وآفاقه الضيقة. هؤلاء مثيرون دائما للشغب الفكرى والغليان الاجتماعى، ويقوضون الشرعيات المهيمنة ويسعون إلى تأسيس شرعيات جديدة طالعة من الإرادة الحرة للمواطن الحر، والفكر الطليق من الأصفاد الوضعية وسلطاتها المهيمنة من هنا تبدو بعض الجوائز الكبرى، والمهرجانات والمعارض الرسمية بمنزلة إغواءات لشهوات الصعود والتبريز لبعضهم.
3- الثقافة واستعراضاتها تحولت إلى أقنعة تجميلية لمحاولة لستر فسادات ظاهرة للعيان، وديكتاتوريات وتسلطيات سياسية ودينية ومذهبية مهيمنة حولت الحياة فى مجتمعاتنا العربية إلى جحيم أرضى لا يطاق، حيث الحريات الفردية والجماعية رهينة معتقلات الروح، وأسيرة الخوف السلطوى من فيض ونور وانطلاقات الحرية. الثقافة تحولت إلى «ماكياج» يحاول إخفاء الخطر الداهم للاستيلاء على الإسلام النموذج والمثال وتحويله إلى ديانة فى الأسر لدى السلطات السياسية والدينية والجماعات الإسلامية السياسية، وسعى كل هؤلاء إلى اختطافه وتوظيفه لمصلحة أهداف دنيوية محضة محمولة على دنس الدنيوى والدهرى ومصالحه وآثامه وخطاياه. ينسى هؤلاء القراصنة جميعا أن الثقافة وخطاباتها النقدية التأسيسية والمتجاوزة للقيود السلطوية، هى طوفان مستمر من النور الباهر الذى يبدد ظلمات معتقلات العقل وسجون الروح التى تؤسس لها السلطويات السياسية والدينية المحافظة والمتشددة، وأنها الثقافة - فى أقصى تجلياتها وتطرفاتها هى نديم الحرية وصنو العقل الناقد، واللغة الحرة طاردة الأكاذيب والشعارات والمؤسسة للأمل وللعوالم الجديدة والمبددة للأسى والقنوط واليأس والدافعة للعمل البناء والرؤى المبدعة. من هنا يكمن جوهر الخوف ومنابع الخشية والخطر من الثقافة والمثقف، وعدم استيعاب وقبول أنه لا حرية دون ثقافة، ولا ثقافة بلا حرية. من ثم تبدو الجوائز والمهرجانات فى غالبها محاولة لإقصاء الثقافى من النقدى ومن قدراتها على التفكيك والهدم، والبناء الجديد المتجدد والمتجاوز دائماً للقديم والراهن والمتكلس. من هنا يبدو السلطوى سليل الاستبدادات التقليدية المحافظة والمتطرفة مرعوبا من الثقافى والمثقف ومعه بعض من سدنة الاستبداد من رجال الدين، ومعهم كل هؤلاء الذين يريدون اختطاف الإسلام العظيم دعما وسندا لشرعية استبدادهم وتسلطهم وفساداتهم أو هؤلاء الساعين لقهر الروح وصولاً للسلطة ومغانمها. اتخذت بعض السلطويين الجوائز والمهرجانات والمعارض والأوسمة والنياشين شارة وعلامة ومؤشراً على مكانة بعض النخب والأنظمة وحضورها فى الإقليم، وإخفاء لأسئلة محورية حول فعالية سياساتهم الداخلية والخارجية ومساءلتهم على هدر الإمكانات المتاحة لهم، ونمط علاقاتهم الدولية. اتخذوا من الثقافة والجوائز والمؤتمرات والمهرجانات والمعارض مؤشرات على المكانة الإقليمية، وذلك دونما تأثيرات حقيقية على مناخات وفضاءات الإبداع الثقافى فى كل حقوله ومناحيه داخل هذه البلدان.
4- بعض الجوائز الروائية رمت إلى زيوع وتخليد بعض الشخصيات والرموز بديلا عن تنشيط العمليات الإبداعية ومنتجاتها داخل بُنى الثقافة العربية.
5- خضعت الجوائز وتشكيل لجانها إلى تأكيد ضرورة التوزيع والمحاصصات السياسية للدول التى ينتمى إليها مقدمو الأعمال الساعية للحصول على الجوائز بحيث لا تحتكرها بلد من البلدان، وهو معيار سياسى بامتياز لا علاقة له بجدارة العمل الذى يتم اختياره بين عديد الأعمال المتنافسة.
6- ثمة حضور للميول والذائقات الأدبية لتشكيلات بعض لجان التحكيم، أو انصياع لبعض المعايير النقدية المدرسية / الأكاديمية حينا، أو الانخلاع عنها فى بعض الممارسات التحكيمية التى يغلب على بعضها نمط من الانطباعية أو التحيزات الشخصية أو الوطنية أو المناطقية، أو بعض شبكات المصالح وعلاقات الصداقة والمودة على المعايير النقدية الموضوعية، وهو ما وسم الكثير من النتائج بالجروح وعرضها لانتقادات جادة أدت إلى التقليل من شأنها بقطع النظر عن استمرارية تزايد أعداد المقدمين لهذه الجوائز سعيا وراء القيم المالية الدولارية لها، لاسيما فى ظل التنافس على رفعها بين الدول على نحو ما فعلت قطر أخيرا فى جائزة كتارا والجدل السياسى حول اختيار الفائزين.
7- أدت الجوائز إلى تحول عديد الكتاب والكاتبات من الشعر، والقصة المسرحية إلى الرواية سعيا وراء الجوائز وقيمها المالية وذيوع الأعمال الفائزة، بعيدا عن تقييمات نقدية رصينة ومبدعة لهذه الروايات، كنتاج لكسل بعض النقاد عن ممارسة دورهم النقدى والتحليلى للإنتاج الروائى العربى. انفجار روائى تنحسر عن غالبيته الساحقة البنى السردية المتفردة، واللغة المختلفة، والأخيلة الطليقة والاستثنائية، والعوالم المغايرة.. إلخ، ومع ذلك لايزال بعضهم يجرى وراء الجوائز لا وراء الإتقان والتفرد والرؤى والأخيلة والأبنية الجديدة وغير المألوفة.. ويتصور بعضهم أن النميمة والتقولات والانتقادات الشخصية لبعض لجان التحكيم، تخفى ضعف أعمالهم أو أنها عادية أو دون مستوى نيل هذه الجائزة أو تلك.. عالم من الصخب والثرثرة واللغو يتناسى أن الجوائز والترجمة ليسا هما الطريق إلى العالمية أو بناء المكانة المؤسسة على التفرد الإبداعى.. وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.