الداخلية تحذر المشككين في نتائج كلية الشرطة: القبول يتم وفقًا لضوابط محددة    اختتام تصويت المصريين بالسعودية في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية في انتخابات النواب    مواصفات وأسعار سيارات اكسيد ES وET موديل 2026.. تبدأ من 1.850 مليون جنيه    وزير الكهرباء يتابع إنشاء مركز التحكم في شبكات التوزيع بجنوب سيناء    البنتاجون: الموافقة على مبيعات عسكرية للبنان بقيمة 34.5 مليون دولار    جوادالاخار ضد برشلونة.. لامين يامال يقود هجوم البارسا فى كأس إسبانيا    ذا بيست 2025| صلاح ومبابي يغيبان عن التشكيل المثالي    أنطوان سيمنيو بين السيتي واليونايتد.. من يحسم الصفقة؟    رضا هيكل يفسخ عقده مع نادي حتا الإماراتي.. والزمالك يرغب في ضمه    ضبط مخبز بحيازته دقيق حر منتهي الصلاحية بالإسكندرية    محافظ الشرقية: السيطرة على حريق مكتبة الطفل بالزقازيق    عائشة بن أحمد وأروي جودة أبرز نجوم افتتاح مهرجان القاهرة للفيلم القصير (صور)    غزة تشهد جحيما إنسانيا.. الهيئة الدولية لدعم فلسطين تحذر من نقص المساعدات وعرقلة إدخال الكرفانات    الأمم المتحدة تحذر من تصاعد العنف في كردفان السودانية: 104 قتلى بينهم 43 طفلا في هجمات جوية منذ بداية ديسمبر    الأردن والسويد يؤكدان ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    ورشة "تعزيز المعرفة والخدمات المناخية" تختتم أعمالها بتأكيد سد فجوات البيانات لدعم صنع القرار    ميناء دمياط يشهد نشاطًا ملاحيًا وتجاريًا مكثفًا    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    أمم إفريقيا - استدعاء لاعب نهضة بركان لتعويض مدافع أندرلخت في قائمة السنغال    الوطنية للانتخابات: بدء فرز الأصوات ب31 لجنة في الخارج ضمن جولة الإعادة للمرحلة الثانية من الانتخابات    رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في فعاليات المنتدى العربي السابع    نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل    الجيش الألماني ينهي مهمة نظام باتريوت لحماية المجال الجوي للناتو في بولندا    أروى جودة أول الحاضرين لافتتاح الدورة السابعة من مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    انعقاد الاجتماع السابع للمجلس التنفيذي للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم برئاسة المفتي    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    الكشف على 1208 مواطنين ضمن القافلة الطبية بقرية أبو جازية بالإسماعيلية    وزير الثقافة يعتمد أجندة فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    نداهة فرسان الشرق بالرقص الحديث في مسرح الجمهورية    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    غدا أولى جلسات محاكمة «ولي أمر » في قضية التعدي على مدرس بالمقص في الإسماعيلية    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    أيمن أبو عمر: بروتوكول الإفتاء والقومى للطفولة يهدف لتعزيز حماية الأطفال    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف فى تراجعه وحيرته ومتاهته
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2014

لماذا نطرح قضايا المثقف فى هذه المرحلة الحساسة والدقيقة فى مصر والإقليم العربى الذى يبدو وكأنه على مشارف تغيير فى خرائطه السياسية والدينية والمذهبية والثقافية؟.
ثمة عديد الأسباب الدافعة لدرس مسألة المثقف والنخبة المثقفة، وأزماتهم التاريخية والراهنة عقب التغيرات التى حدثت عقب ما أطلق عليه مجازاً بالربيع العربى المجهض؟ أستطيع أن أذكر بعضها تمثيلاً لا حصراً فيما يلى:
1- تراجع أدوار بعض المثقفين فى المجال العام كنتاج لبعض اليأس من ضعف الفعالية والنفاذية والقدرة على التأثير على عملية صناعة القرارات السياسية والثقافية والاجتماعية على اختلافها.
2- بروز بعض الفجوات بين المثقفين وقطاعات جماهيرية عريضة كنتاج لانتشار الأمية بمختلف أنماطها، ومن ثم أدى ذلك إلى ضعف حضورهم المجتمعى.
3- لا مبالاة بعض دوائر الصفوة السياسية، لاسيما عند قمة النظام السياسى التسلطى قبل 25 يناير 2011 وما بعدها فى المراحل الانتقالية - وقادة الأجهزة البيروقراطية بآراء المثقفين، واعتبارهم ليسوا ذوى خبرة بثقافة الدولة وتقاليدها وأساليب عملها. ومن ثم تعتبرهم الصفوة والبيروقراطية مثاليين ومفارقين للواقع، ومنفصلين عن الجماهير، وبعضهم يدركون المثقفين كقوة مثيرة للغليان والأسئلة، والاضطراب، ويشككون فى شرعية الحكم، ومن ثم أصبحوا قوة هامشية ومستبعدة، لاسيما بعد فشل دور بعضهم فى الأحزاب والائتلافات السياسية التى تشكلت فى المراحل الانتقالية الأولى، والثانية، والثالثة المستمرة حتى الآن.
4- نكوص بعض المثقفين عن أداء أدوارهم النقدية والتحليلية للظواهر السياسية والدينية، ورجوعهم إلى مواقعهم الأكاديمية والبحثية.
5- استمرارية الهجمة الأصولية، ومنطق فرض الوصاية الدينية على الإبداع والإنتاج الثقافى، من قبل القوى الإسلامية السياسية، وبعض مشايخ الأزهر والحركة السلفية، وذلك فى مسعى للهيمنة على الحقل الثقافى والإبداعى، حتى بعد أحداث 30 يونيو 2013.
6- تهميش السلطة السياسية والمؤسسة الثقافية الرسمية بعض المثقفين النقديين وتوظيفها للموالين قبل 25 يناير ولايزال بعض من هذه السياسة مستمراً بعدها!- عبر آليات الجوائز والسفر، وإسناد المواقع القيادية للمؤسسات الثقافية الرسمية، وإن حدث تغيير جزئى ومحدود الآن، وهو ما كرس شيوع الإحساس باللا جدوى واليأس لدى قلة قليلة من أرفع المستويات تكويناً وإنتاجاً وموهبة.
7- انصراف بعض المثقفين والمبدعين للتركيز على ثقافة الجوائز والمهرجانات والاستعراضات والندوات لاسيما فى دول اليسر العربى. لا شك أن ظاهرة الجوائز التى انتشرت خلال المرحلة الماضية أدت إلى تكالب بعضهم عليها، بالإضافة إلى تأثيرات ذلك على عملية الكتابة الإبداعية التى يراعى فيها بعض متطلبات وشروط الحصول على هذه الجوائز، وهو أمر يشابه فى بعض آثاره السلبية مراعاة بعضهم فى عمله شروط النصوص الإبداعية التى ترشح للترجمة إلى اللغات الأجنبية، الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية وغيرها من اللغات الآسيوية.
هذان المتغيران التابعان أسهما فى هندسة كتابية تلبى شروط ومتطلبات الجوائز والترجمة والسفر إلى المؤتمرات الثقافية.
8- لاتزال ظاهرة الإزاحة الجيلية للمثقفين والمبدعين الشباب مستمرة، وذلك لمصلحة استمرارية سطوة المثقفين من الأجيال الأكبر سناً على المؤسسات الثقافية، وعلى السلطة النقدية التى لا يزال بعضهم يتعامل بانتقائية واستعلاء على الإنتاج الإبداعى. ثمة بعض من النقاد الكبار يحتضن الإنتاج الإبداعى للمبدعين الشباب، ولكن من خلال مقاربات نقدية باتت تقليدية، ومن ثم يفرضون أذواقهم وانطباعاتهم النقدية على أعمال تحتاج إلى مقاربات جديدة ذات ذوق وروح شابة. قلة قليلة جداً هى التى واكبت الأعمال الجديدة برؤية مغايرة وذوق نقدى يتوافق منها.
9- تشكل بعض شبكات المصالح بين بعض من قادة واتباع وموالى السلطات الثقافية العربية الرسمية، بحيث يديرون العلاقات فيما بين بلدانهم. لم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما تأسست شبكات أخرى من المنظمات الطوعية، سواء فى الحقلين الثقافى والحقوقى ومنظماته الدفاعية.
10- تراجع دور بعض المثقفين النقديين لمصلحة دور الناشط الحقوقى والسياسى - على التداخل بين غالبهم فى الأدوار والأنشطة - وبعض دور مقدمى البرامج التلفازية والفضائية.
إن صعود سلطة المرئى على المكتوب تزايدت منذ عقد التسعينيات وما قبل الربيع العربى الشاحب، وفي أثناء اضطراب مراحل الانتقال السياسى، والفوضى الأمنية والسياسية.
أسهم فى هذه الظاهرة تزايد وتأثر التطور التقنى السريع فى الأجهزة المعلوماتية والاتصالية المحمولة وأجيالها المتلاحقة على نحو أدى إلى خلل فى التوازن بين إنتاج الثقافة المرئية والنتية على الورقية بكل انعكاساته على نمط المثقف والمبدع الكلاسيكى الذى عرفته الأجيال السابقة، وصوره، وإدراكه لذاته وعمله وحضوره العام.
11- تزايد وزن خبير السلطة، وخبراء المناطق الجيو سياسية والجيو- دينية والمذهبية، والجيو عرقية.. الخ. لا شك أن تفاقم الأزمات والحروب والعنف الدينى والمذهبى وغيره أعطى لخبراء المناطق والسلطات حضوراً مكثفاً على مستوى الإعلام المرئى والمكتوب.
12- فى ظل نهاية عصر مثقف السرديات الكبرى بتعبير ليوتار- وتراجع الإيديولوجيات والأنساق الفكرية الكبرى، تحول بعض المثقفين والمفكرين الكبار إلى دور المثقف كمنتج للثقافة العالمة، وخاصة فى ظل بعض من تراجع الإنتاج الفلسفى فى بعض الدوائر الأكاديمية المحضة.
13- صعود حضور رجال الدين ودعاته ومبشريه ومؤسساتهم الكبرى، فى الصراعات الكونية، فى ظل كثافة وتنامى النزعات الأصولية وتمددها على عديد المستويات وما يصاحبها من عنف رمزى، ونزعات استبعادية للمغايرين دينياً ومذهبياً كرؤى وعقائد وإيمانات. هذا الاتجاه الغالب والمؤثر كونياً أثر سلبياً على حضور بعض المثقفين فى سجالات ونزاعات عصرنا ما بعد الحديث، وصيروراته العولمية، التى تعيد تشكيله بسرعة ووتائر غير مألوفة، والأخطر سقوط منظورات ورؤى ومفاهيم لم تعد صالحة لتفسير ما يحدث حولنا وبنا.
إن انكسار وتقوض بعض أدوات المثقف فى تكوين رؤاه وإنتاج أفكاره، تساعد على التراجع والانكفاء حيناً لدى بعضهم.
الأخطر أن ثمة نقصا فى صلاحية العديد من النماذج والرؤى والمقاربات التى ينتجها بعض المثقفين، حيث تبدو مفارقة فى تفسيرها للواقع الكونى الهادر بالتغييرات الزلزالية الناعمة حيناً، والعاصفة والعنيفة فى عديد الأحيان. بين تراجع الأدوار والحصار وتآكل الأدوات يبدو بعضهم فى حالة من التوهان والتردد والحيرة والقلق، بينما آخرون كثر يعيدون أفكار وعوالم أفلت، ويبدو وكأنهم فى فضاءات من المتاهة والتردد والعجز.
وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.