تكتسب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى ألمانيا المقرر لها نهاية الأسبوع الحالي، أهمية كبيرة على الصعيدين الاقتصادى والسياسي، حيث تعددت لقاءات الرئيس مع الجانب الألمانى فى الفترة الأخيرة، وهى اللقاءات التى عكست رغبة ألمانيا فى تعزيز علاقات التعاون المشترك، نظرا لثقل مصر ووزنها الإقليمى فى المنطقة. وخلال الستة أشهر الأخيرة عقد الرئيس السيسى 9 لقاءات مع المسئولين السياسيين الألمان وقيادات الشركات الألمانية الكبري، يأتى على رأسها لقاؤه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ولقاؤه رئيس شركة سيمنز 3 مرات على مدار نحو شهرين من أجل تأمين احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية. وكان الرئيس السيسى التقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على هامش مشاركته فى مؤتمر دافوس الاقتصادى بزيورخ فى 22 يناير الماضي، وشرح لها حقيقة التطورات التى شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، والتى جاءت انعكاسا لإرادة المصريين فى التغيير. وطالب الرئيس خلال اللقاء بضرورة تفهم ما يدور فى مصر وتقييم الأوضاع من منظور شامل يأخذ فى الاعتبار اختلاف ظروفها وطبيعة التحديات التى تواجهها، وهو الأمر الذى أبدت المستشارة الألمانية تفهمها له، وأكدت دعم ألمانيا لمسيرة الإصلاح السياسى والاقتصادى التى تنتهجها مصر، كما أعربت عن تفاؤلها بمستقبل مصر، لاسيما فى ضوء الخطوات العديدة التى تم القيام بها والتى أسهمت فى عودة الاستقرار إلى البلاد، وهو الأمر الذى ينعكس على تحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، والتى تقوم مصر بدور محورى فيها. وفى نهاية اللقاء وجهت المستشارة الألمانية الدعوة للرئيس لزيارة المانيا، كما وجه الدعوة للمستشارة الألمانية لزيارة مصر، وهو ما وعدت باتمامه فى أقرب وقت. كما استقبل الرئيس فى الرابع من مايو الحالى فرانك فالتر شتاينماير وزير خارجية ألمانيا بحضور سفير ألمانيا بالقاهرة، ونقل تحيات وتقدير المستشارة الألمانية للرئيس، وتطلع الجانب الألمانى لزيارته لبرلين، مؤكداً اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين فى جميع المجالات. وأكد شتاينماير أهمية مصر ودورها المحورى فى تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، كما أكد وقوف بلاده إلى جانب مصر، ومساعدتها على مواصلة عملية التنمية الشاملة والتحول الديمقراطي، وأشار إلى أنها تُمثل شريكاً رئيسياً لألمانيا وللاتحاد الأوروبي، ومن الضرورى العمل على إزالة أية نقاط خلاف بين الجانبين والتقريب بينهما. وكان السيسى قد تلقى دعوة رسمية لزيارة المانيا والموجهة له من المستشارة أنجيلا ميركل لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وذلك عن طريق زيجمار جابريال وزير الاقتصاد والطاقة الألمانى الذى التقاه الرئيس على هامش مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى 14 مارس الماضي. ونظرا لأهمية تأمين احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية فى عملية التنمية، اجتمع السيسى مع جوسيف كيسر رئيس مجلس إدارة شركة سيمنز الألمانية 3 مرات خلال نحو شهرين بدأت باستقباله له فى 26 فبراير الماضي، وهو اللقاء الذى نقل كيسر من خلاله تحيات وتقدير المستشارة الألمانية للرئيس، وأعرب عن دعمها لجهود التنمية التى تشهدها مصر. وشدد الرئيس خلال اللقاء على أهمية أن يكون إنشاء محطات الكهرباء فى مصر فى أسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف وأعلى معايير الجودة. كما استعرض عددا من المشروعات التى سيتم تنفيذها فى إطار تنمية منطقة قناة السويس. وكان اللقاء الثانى للرئيس مع رئيس شركة سيمنز خلال المؤتمر الاقتصادى فى 14 مارس الماضي، والذى استعرض من خلاله المشروعات التى ستقوم الشركة بتنفيذها خلال المرحلة المقبلة فى مصر، وعلى رأسها مشروع إنشاء محطة كهرباء بنى سويف، والذى وافقت الشركة على تنفيذه خلال فترة زمنية تبلغ عاما ونصف العام بدلاً من ثلاث سنوات، وذلك بإجمالى قدرة تصل إلى 4400 ميجاوات. كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على خفض تكلفة إنشاء المحطة من 2.5 مليار يورو إلى 2.2 مليار، بالإضافة إلى قيام شركة سيمنس بتخصيص مبلغ 200 مليون يورو كمساهمة مالية منها لدعم الاقتصاد المصري. كما التقى السيسى رئيس شركة سيمنز بعد المؤتمر الاقتصادى فى 30 أبريل الماضي، وأشاد الرئيس خلال اللقاء بمواقف الشركة الداعمة للاقتصاد المصرى فى المرحلة الراهنة والتى تجلت فى خفض تكلفة مشروعات إنتاج الكهرباء التى ستقوم بتنفيذها فى مصر والمقدرة بنحو 13 جيجا وات. كما شهد اللقاء اتفاقاً على قيام الشركة بإعداد دراسة شاملة حول سبل زيادة كفاءة محطات التحكم وتطوير الشبكة القومية لتوزيع الكهرباء فى مصر وفقاً لأحدث النظم المعمول بها دولياً، وكذلك الاتفاق على قيام الشركة بإنشاء مصنع فى مصر لإنتاج التوربينات الخاصة بطواحين الهواء المستخدمة فى إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، وإيفاد 500 مهندس وفنى مصرى للتدريب فى ألمانيا استعدادا للعمل فى هذا المصنع. وفى إطار حرصه على سرعة تنفيذ المشروعات القومية الكبري، التقى الرئيس السيسى فى 9 نوفمبر الماضي، مارتن هيرينكنشت، مؤسس ورئيس مجلس إدارة أكبر شركة ألمانية متخصصة فى تصميم وتصنيع ماكينات حفر وبناء الأنفاق، واستعرض معه نتائج الاتصالات التى تتم مع الشركة لحفر الأنفاق كجزء من المشروعات القومية العملاقة التى تنفذها الدولة المصرية، ومنها حفر عدد من الأنفاق أسفل المجرى الملاحى لقناة السويس الجديدة. وتعزيزا للعلاقات الثنائية بين مصر والمانيا، التقى الرئيس السيسى فولكر كاودر زعيم الأغلبية بالبرلمان الألمانى فى 30 مارس الماضي، الذى أعرب عن تطلع الجانب الألمانى لقيام الرئيس بزيارة ألمانيا. وأكد كاودر أن بلاده تولى اهتماماً خاصاً بتطوير علاقاتها مع مصر وبدورها المحورى فى منطقة الشرق الأوسط، مشيداً بالإصلاحات التى اتخذتها مؤخراً على الصعيدين السياسى والاقتصادي، كما أعرب عن دعم ألمانيا لمسيرة الإصلاح التى تنتهجها مصر، واستعدادها لتقديم المساعدة اللازمة لها فى هذا الصدد، خاصة فى مجالى دفع عملية التنمية والحرب ضد الإرهاب. كما استقبل الرئيس السيسى فى 28 فبراير الماضى المستشار الألمانى السابق جيرهارد شرودر الذى أشاد خلال اللقاء بالجهود التى يبذلها الرئيس والحكومة المصرية، وأشار إلى أن الديمقراطية وإقرار الحريات عملية طويلة ومستمرة، وأن ما حققته المانيا على هذا الصعيد استغرق عقوداً طويلة. وأكد أن مصر ركيزة الاستقرار فى المنطقة، وأن تقدمها سيكون له آثاره الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.