فرق شاسع بين مخلوقات تعشق النور وتحلق فى السماء بحثًا عن الحرية والرقي، وبين كائنات لا تحيا إلا فى ظلمات الليل يحرقها ضوء النهار، وباتساع تلك الفجوة تكون المسافة بين بلدان عربية ترفرف أعلامها لتمجد الانتصارات، وبين خفافيش الظلام عاشقة سكن الكهوف تتغذى على دماء الغير. سوريا ومصر، ارض الحضارات الممتدة جذورها عبر التاريخ، تلك الأرض التى أنارت للعالم اجمع طريق العلم، ومهدت لأجيال امتدت بامتداد الزمن الصعود فى درجات الرقى والفن والعلوم، تأتى اليوم خفافيش الظلام من كل حدب وصوب يبتغون الانقضاض على ارض الحضارات، يهدمون ويحرقون، يقتلون ويسبون، يعيدون أسواق النخاسة واهمين أن باستطاعتهم المتاجرة برجال العزة والكبرياء، ولكن كيف يتثنى لهم هذا ودومًا سوريا ومصر مقبرة الغزاة ومحطم أعداء الأمة العربية على مر التاريخ؟!. أكثر من أربع سنوات وسوريا تواجه تلك العصابات المرتزقة على أرضها، ليس دفاعًا عن سوريا فحسب، بل هى ضريبة الواجب تدفعها نيابة عن الأمة بكاملها، فقد تحملت سوريا طيلة نصف عقد من الزمن دون أن تكل أو تيأس كى لا تتساقط بلدان الوطن العربى تباعًا، وواجهت حربًا إعلامية شرسة تمتلك من الإمكانات ما لا تتحمله ميزانيات دول معاصرة، إعلام تفنن فى قلب الحقائق وتزييف الواقع، فأطلق كذبًا على المؤامرة ثورة، وصارت لديه عصابات الإرهاب لجان تنسيقية لثورة مزعومة، والمرتزقة صاروا فى إعلام الخيبة والخيمة شرفاء. وتجمع الخفافيش من 90 دولة معلنين رايات الجهاد الباطل فى سوريا، يقتلون أبناء الشعب العربى السورى المقاوم الممانع، يٌكبرون وهم ينحرون الأطفال والشيوخ، لا يعلمون أن الله عليم بما فى الصدور وهو فوقهم أكبر. حاولت خفافيش المؤامرة سحب مصر العروبة لتقف فى خط العداء مع سوريا، غير أن ما بين سوريا ومصر لا يعلمه هؤلاء المرتزقة جهلة التاريخ والجغرافيا والحاضر، سعت جماعة الإخوان لتكون مصر يدا ضمن الأيادى المعادية لسوريا، غير أن الشعب العربى المصرى الأبى وقف لجماعة الإرهاب بالمرصاد، وانهى بصموده وبسالته حكم الإخوان وأفسد عليهم مخطط الوقيعة بين إقليمى الجمهورية العربية المتحدة، سوريا ومصر، ووقف أمام مخطط التقسيم الجديد. واليوم يعلم الشعب العربى المصرى خيوط المؤامرة كاملة، ويعرف المخطط الذى تآمرت من اجل إنفاذه دول الاستعمار فى العصر الحديث وكلفت آليتها الإعلامية بإخفائه عن أعين البعض، فاليوم بعد أن زالت غشاوة غطت الأعين لسنوات صار الأمر واضحًا وضوح الشمس. فعلى الرغم من التعقيدات التى صاحبت الأزمة السوريا والحرب الكونية عليها طيلة السنوات الماضية، إلا أن جوهر الأزمة وحقيقته صار جليًا، ولم يعد بإمكان احد الادعاء كذبًا بان ما حدث بسوريا ويحدث إلى الآن هو حراك شعبى يهدف إلى تحقيق تغييرات سياسية أو اجتماعية، فما جرى ويجرى هو انقلاب واضح وصريح على الحضارة، ومخطط صهيوامريكى لتقسيم وتفتيت سوريا، وإنهاء دورها الممانع المقاوم للمشاريع الاستعمارية والانهزامية فى المنطقة العربية. منذ بداية الأحداث فى مارس 2011 حذرت الحكومة السوريا من أن ما يحدث هو مخطط استعمارى تقسيمي، لن يقف عند حدود سوريا فحسب، بل سينطلق متوسعًا لباقى دول المنطقة العربية، فعلى الرغم من خطاب السيد الرئيس بشار الأسد الذى أعلن فيه إصلاحات عدة من بينها رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين وتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة حكومة ناجى العطرى آنذاك، إلا أن حراك المرتزقة على الأرض كان واضحًا مؤكدًا مخطط ضرب هيبة الدولة ودورها وإشاعة الفوضى والعنف، فتم استخدام جميع الوسائل والشعارات والمغريات من أجل إثارة فئات معينة من الجماهير، وتم تقديم الأموال الطائلة دون حساب، وسلاح وذخائر، إضافة إلى إعلام لا مهنى ولا أخلاقى ليغطى جرائم عصابات التكفير ويلبسها ثياب الثورات التى هى مما جرى ويجرى براء. سوريا التى ظلت قابضة على مصابيح الضوء وسط ظلمات الجاهلية وأتباعها، كانت ولا تزال مؤمنة بأن الليل مهما طال فصباح مشرق قادم لا محالة، وانه مع أول شعاع لشمس النهار ستحترق خفافيش الظلام وتتوارى فى الكهوف. آن الأوان اليوم ليعلم الجميع ما سنكشفه تباعًا من حقائق ما جرى على الأرض العربية السوريا، وما سطره الجيش العربى السورى من انتصارات على جيوش ومرتزقة دول استعمارية تخطط لتقسيم منطقتنا الحبيبة، ويعلمون بسالة الشعب العربى السورى الصامد فى وجه عصابات التكفير رافع الرأس متحديًا الجميع بصوته الشامخ «لن تسقط سوريا». رئيس البعثة القنصلية للجمهورية العربية السورية بالقاهرة. لمزيد من مقالات د. رياض سنيح