وزير الإعلام اللبنانى رمزى جريج شخصية حقوقية وسياسية كبيرة فى لبنان ،دخل الحكومة اللبنانية مع تولى رئيس الوزراء اللبنانى تمام سلام مهام منصبه العام الماضي، وهو نقيب المحامين السابق، وعضو فى جمعيات حقوقية عربية ودولية. منوط به تنفيذ القانون اللبنانى الخاص بالإعلام المقروء والمرئى والمسموع ،يدرك جيدا أهمية مصر للبنان خاصة والعرب عامة، ويعترف بأن لبنان خسر كثيرا بغياب مصر خلال العقود الأخيرة ،ويطالب بعودة مصر لدورها الريادى سياسيا ، والتنويرى أزهريا، وحول عدد من القضايا اللبنانية والإقليمية كان لنا هذا الحوار: حسب القانون اللبنانى يمنع بث القنوات الأجنبية من لبنان ومع ذلك هناك قنوات لبنانية خاصة تبث ماتريده أطراف إقليمية عربية وأجنبية وتغرد خارج سرب المصلحة والسياسة اللبنانية،فما دور وزارة الإعلام فى ضبط أداء هذه القنوات؟ هذا أمر واقع على الأرض،ولبنان يتمتع حسب الدستور بالحرية الإعلامية، وغالبية هذه المحطات تابعة لأطراف سياسية سواء محلية أو خارجية، وهو أمر لايمكن معالجته، إلا بتشريع جديد،ولعل أزمة هذه المحطات تمكن المشرع من إعادة تنظيم هذا القطاع بشكل ما، والضغط على المحطات للتعاون فيما بينها بخلق مجالات تعاون فى الإعلانات والبرامج بحيث تعالجه مشكلتها المالية فتكون أكثر استقلالا وفائدة لجميع المشاهدين وليس لفصيل معين. منذ مايو 2014 ومنصب رئيس الجمهورية شاغر، وتتولى الحكومة بالوكالة تصريف أعمال رئيس الجمهورية، وبعد جلسات عدة فى مجلس النواب فشل المجلس النيابى اللبنانى فى اختيار رئيس،ومدد لنفسه أيضا، وصار عدم التوافق بين الأطراف السياسية معوقا لعمل الحكومة وصلاحياتها وكذلك عمل المجلس النيابى ،فمن المسئول عن هذا التعطيل والشغور الرئاسي؟ البلاد من دون رئيس مثل الجسد بدون رأس،والمسئول عن ذلك من يقاطع جلسات النواب التى تجتمع لانتخاب الرئيس،وإذا كان المجلس النيابى قد مدد لنفسه حتى 2017،فإن المادتين 75،74 من الدستور تجعلان من المجلس هيئة ناخبة للرئيس قبل الشروع فى أى عمل تشريعى، وشغور منصب الرئيس يعطل التشريع،وأعتقد أن المسئول عن هذا التعطيل هو حزب الله والتيار الوطنى الحر بزعامة العماد ميشال عون،وهذا أمر غير دستورى، وطالما أن هذين التيارين – حزب الله وعون- متفقان على مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية ،فإن النصاب لايتوفر لانتخاب رئيس،وهذا يتطلب انتفاضة من المجتمع المدنى والمفكرين والنخبة لممارسة الضغوط بشكل ديمقراطى لحث المقاطعين على تغليب المصلحة الوطنية والرجوع إلى ضمائرهم،بدلا من التمسك بالأنانية وتحالف يعطل مؤسسات الدولة. وهل تقبل الأطراف الإقليمية التى تدعم كل مرشح أن يتوافق اللبنانيون فيما بينهم على انتخاب رئيس للجمهورية؟ لاأنكر أن هناك بعدا إقليميا فى مسألة انتخاب الرئيس،ولكن لو الشعب اللبنانى أراد انتخاب رئيس فلن يستطيع أحد معارضته،وإذا كان للقوى الإقليمية مصالح وتريد فرض إرادتها على الشعب اللبنانى ،فعلى الشعب ان ينتفض ،وعلى ممثليه من النواب أن يقوموا بواجبهم فى انتخاب الرئيس،ولاأعتقد أن السعودية تضع فيتو على مرشح معين لرئاسة الجمهورية،أو لاتريد انتخاب رئيس جديد،وأتمنى أن ينطبق ذلك على إيران،بالرغم من أن حزب الله يقول إن ملف الرئاسة بيده وليس بيد إيران التى يتأثر بها،ولاأدرى إلى أى مدى صحة ذلك،ولكن مايقوله حزب الله بأنه يدعم العماد عون فى الملف الرئاسى ويتمسك به حتى يعلن عون عدم رغبته فى الرئاسة. بالرغم من عدم التوافق الجذرى بين الفرقاء السياسيين بخصوص انتخاب الرئيس إلا أن حوارا جديا يجرى بين حزب الله حليف عون وتيار المستقبل لحلحلة المشاكل العالقة بين الطرفين ،وكذلك الحوار بين القطبين المارونيين المرشحين الرئاسيين، العماد عون زعيم التيار الوطنى الحر وحليف حزب الله ،وبين خصمه اللدود سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وحليف تيار المستقبل،فإلى أى مدى من الممكن أن ينجح حوار حزب الله – المستقبل،وحوار عون- جعجع ،فى حل مشكلة انتخاب الرئيس؟ هناك خلافات كثيرة بين المستقبل بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريرى وبين حزب الله ،مثل التورط فى سوريا،وسلاح حزب الله الذى جعله دويلة داخل الدولة،ومثل هذه الخلافات لن تحل بسهولة،ولكن الحوار بينهما يزيل بعض التشنج فى الخطاب السياسى والإعلامى ،وإذا لم يتطرق إلى الملف الرئاسى والاتفاق بشأنه فلن يؤدى الحوار إلى شيء. أما الحوار بين عون وجعجع فيتناول الدور المسيحى فى لبنان،ولاأعتقد أن يتنازل أحدهما للآخر عن فرصته فى الترشح لرئاسة الجمهورية،لأن عون يصر على تنازل جعجع،وجعجع يريد دولة مدنية وينتقد تدخل حزب الله فى سورياويريد إنهاء حالة دويلة حزب الله داخل الدولة،وعون لن يتبنى برنامج جعجع لتحالف عون مع حزب الله،ولذلك ينحصر الحوار بينهما فى قانونى الانتخاب والجنسية بعيدا عن الرئاسة. بالرغم من انتقاد تدخل حزب الله فى سوريا ،فإن السيد حسن نصر الله يقول لولا تدخل الحزب فى سوريا لأقامت داعش الحواجز فى بيروت،فهل تعتقد أن وجود الحزب فى سوريا أنقذ لبنان من داعش والنصرة أم ورط لبنان فى مواجهة حتمية مع التنظيمين التكفيريين؟ أحد أسباب هجوم الإرهابيين على لبنان هو تورط حزب الله فى سوريا،فتورطه لم يحم لبنان كما يقول السيد نصر الله وهذه وجهة نظره،ولكن هذا التدخل الذى كان فى البداية كما قال الحزب لحماية المراقد الشيعية المقدسة،تطور فيما بعد لمواجهة كاملة فى القصير والقلمون والقنيطرة مع التكفيريين،مما أدى إلى اشتعال الجبهة اللبنانية خاصة فى الشمال،ولم يساعد على حفظ لبنان من هجمات الإرهابيين التى يواجهها الجيش اللبنانى ببسالة ويدفع من دماء أبنائه الكثير،وكذلك هناك ضحايا لحزب الله نتيجة تدخله فى سوريا. ونظرا لهذا التدخل حدثت مواجهات دامية بين الجيش اللبنانى وداعش والنصرة مطلع أغسطس الماضى ،وتم أسر 23جنديا لبنانيا تم ذبح أربعة منهم ،ولايزال الباقون أسرى لدى داعش والنصرة ،وبالرغم من نجاح حزب الله فى مبادلة أسراه بأسرى لديه من داعش والنصرة،لم تنجح الحكومة اللبنانية فى مبادلة أسرى الجيش بمحكومين متشددين فى السجون اللبنانية...لماذا؟ أعتقد أن مفاوضات الإفراج عن أسرى الجيش تسير فى الطريق الصحيح،وتحقق تقدما ملموسا بواسطة الخلية التى يشرف عليها رئيس الوزراء شخصيا،ولا نفضل الخوض فى التفاصيل حرصا على نجاح المفاوضات. وفى اعتقادكم كيف يمكن مواجهة الفكر التكفيرى بالمنطقة؟ أدعو الأزهر لاستعادة دوره التنويرى فى التعريف بالإسلام المتسامح ،وكذلك أدعو المفكرين والكتاب والصحفيين ،لأن كل الآيات القرآنية تدعو لقبول الآخر والتعايش معه ،ولن يفعل ذلك غير مصر،الدولة الكبيرة المتسامحة نموذج العيش المشترك ،وأعتقد أن مصر بقيادة الرئيس السيسى وبأزهرها العريق تستطيع أن تنهض بالأمة ،لأن مصر علمت العروبة الفكر التنويرى والطليعي،ومصر بقيادتها وتاريخها وثقلها يجب أن يكون لها دور كبير فى إحياء التضامن العربى فى وجه ماتتعرض له المنطقة من تحديات،وانا واثق أن مصر تستعيد دورها الريادي. وإلى أى مدى تأثرت لبنان بغياب مصر خلال العقود الماضية؟ تأثرت لبنان سلبا بغياب مصر ،سياسيا ووثقافيا واقتصادياوإعلاميا،بالرغم من أن الصحافة المصرية فى أصولها لبنانية إلا أننا والعرب جميعا استفدنا وتعلمنا من مصر.