هل ينجح رئيس وزراء الأسبق زعيم تيار المستقبل السنى سعد الحريرى ،والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فى إحداث التقارب السنى الشيعى، وردم هوة الخلاف بين الطرفين منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري،فى ظل وجود حزب الله فى سوريا ،وشغور منصب رئيس الجمهورية، وتأجيل الانتخابات النيابية،وهل التقارب سيقضى على فرصة عون وجعجع فى الوصول لكرسى الرئاسة فى قصربعبدا المغلق منذ مايو الماضي،وهل سينجح التقارب بين الخصمين اللدودين فى القضاء على أمل داعش والنصرة فى إعلان إمارة لبنان الإسلامية؟الحوار بدأ تمهيديا بلقاء نادر الحريرى مدير مكتب سعد الحريرى، والحاج حسين الخليل المعاون السياسى لحزب الله للإعداد لنقاط الحوار قبل انطلاقه. سعد الحريرى رئيس وزراء لبنان الأسبق زعيم تيار المستقبل، ووريث والده الراحل الشهيد رفيق الحريرى ،والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله،الأول زعيم السنة، والثانى زعيم وحامى الشيعة فى لبنان،فرقت بينهما السياسة منذ اغتيال رفيق الحريرى عام 2005 واتهام حزب الله وسوريا بعملية الاغتيال التى تشكلت على إثرها أول محكمة دولية فى العالم للبحث فى عملية الاغتيال، وتحديد الجانى ،لتخرج المحكمة باتهام ظنى ضد أربعة متهمين ينتمون لحزب الله ،ليتم إخفاؤهم عن الأنظار والعدالة،ومع ذلك قاد الحريرى تيار المستقبل، واستطاع ان يشكل الحكومة التى شارك فيها حزب الله،الذى سرعان ماانسحب منها عقب أحداث آيار 2010التى سيطر فيها حزب الله على بيروت ، لتسقط حكومة الحريرى، وهو فى زيارة إلى واشنطن،ويخرج بعدها الحريرى من لبنان بعد تهديده بالقتل ليستقر بين الرياض وباريس فى منفاه الاختياري. حزب الله استثمر غياب زعيم تيار المستقبل وتحالف مع التيار الوطنى الحر بزعامة العماد ميشال عون ليشكلا معا فريق 8آذار الذى سيطر على الحكومة، فيما أصبح تيار الستقبل وفريق 14 آذار فى صفوف المعارضة. ومنذ خروج الحريرى من الحكومة ولبنان تباعدت المسافات واختلفت الرؤى والمعالجات السياسية بين الفريقين،وبالرغم من ان كل فريق به حلفاء آخرون، إلا أن الصراع ظل محصورا بين حزب الله ممثلا للشيعة، وتيار المستقبل ممثلا للسنة،وراح كل من حزب الله والمستقبل يتربص بالآخر فى المجلس النيابى والحكومة،حتى اندلعت الأحداث فى سوريا مطلع 2011،ليعلن حزب الله صراحة ومعه فريق 8آذار دعمه للرئيس السورى بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة ،بل ويذهب بصفوة عناصره للمشاركة فى الحرب إلى جانب قوات الأسد بحجة حماية المقدسات والمراقد الشيعية والقرى الشيعية على الحدود اللبنانية السورية،فيما ذهب تيار المستقبل وفريق 24آذار لدعم وتأييد المعارضة المسلحة قبل ظهور داعش والنصرة ،لدرجة أن البعض من 8آذار اتهم المستقبل بدعم المعارضة بالمال والسلاح، وتوريد المقاتلين عبر طرابلس كبرى مدن الشمال اللبنانى ومعقل السنة شمال لبنان. واتسعت الهوة بين الطرفين –حزب الله وتيار المستقبل- بدعم الأطراف الخارجية لكل منهما،فالمستقبل تدعمه السعودية وبعض دول الخليج بصفته ممثل السنة وحاميها فى لبنان، ودعم مقاتلى السنة فى سوريا ضد النظام العلوى الذى يضطهد السنة فى سوريا بقيادة بشار الأسد وبمساعدة حزب الله،فيما تدعم إيران حزب الله بصفته ممثل الشيعة وحاميهم فى لبنان، ومناصر الأسد فى سوريا، والذى تدعمه إيران أيضا بالمال والسلاح وصفوة مقاتيلها من الحرس الثورى الإيراني،ومع التنافر والتنابذ بين حزب الله والمستقبل ازدادت فجوة الاختلاف بينهما، وشلت الحكومة اللبنانية ،وعطلت انتخاب رئيس الجمهورية منذ مايو الماضى وحتى اليوم ،وبالرغم من ان الرئيس اللبنانى لابد أن يكون مسيحيا مارونيا، فإن اختياره داخل المجلس النيابى لابد أن يحظى بالأغلبية المطلقة، أو النصف زائد واحد،ولأن المسيحيين الموارنة منقسمون بين فريقى 8آذار- عون وسليمان فرنجية – و14آذار- جعجع وامين الجميل – فإن الفريقين لم يتفقا على مرشح واحد، حيث قدم 14آذار سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية مرشحا للرئاسة مدعوما من تيار المستقبل والسعودية، وقدم 8آذار العماد ميشال عون مرشحا للرئاسة مدعوما من حزب الله والأسد وإيران،وتمسك كل فريق بمرشحه حتى انتهى المجلس النيابى من صلاحيته، فمدد لنفسه فى غياب رئيس الجمهورية حتى يونيو 2017. وظل الأمر بين أخذ ورد بين الفريقين ،مع عدم قدرة أى منهما على الحشد وحصد الأصوات اللازمة داخل المجلس النيابي- 128 نائبا موزعين بين المسلمين سنة وشيعة، والمسيحيين و8أعضاء للدروز- لتغليب اسم أى من المرشحين- جعجع وعون- لرئاسة الجمهورية،حتى حدوث معركة عرسال بين الجيش اللبنانى وتنظيمى داعش والنصرة مطلع أغسطس الماضي،وإعلان تيار الستقبل دعمه للجيش ورفع الغطاء عن المشاركين فى القتال ضد الجيش والدولة اللبنانية ،وماأعقب ذلك من معركة طرابلس بين الجيش والمسلحين السنة بقيادة المطلوبين أمنيا شادى المولوى وأسامة منصور،وإعلان تيار المستقبل أيضا دعمه للجيش ضد المسلحين السنة ،لتنتهى المربعات الأمنية داخل طرابلس ويعيد الجيش اللبنانى سيطرته عليها بعد ثلاث سنوات من ضياعها تحت إمرة المسلحين. وبعد انتهاء معركتى عرسال وطرابلس يعلن سعد الحريرى عن مبادرة للمصالحة ، وفتح صفحة للحوار مع حزب الله وخصومه السياسيين رحمة بلبنان لانتخاب رئيس وإجراء انتخابات نيابية ،مدعوما بمليار دولارمن السعودية لتسليح الجيش اللبنانى على عجل ،بالإضافة إلى منحة سعودية بثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية من فرنسا،وذلك لمواجهة داعش والنصرة ،اللتين تهددان الأمن والاستقرار اللبناني. ويلتقط السيد حسن نصر الله خيط المبادرة الحريرية،ويعلن فى خطبة يوم عاشوراء وسط الآلاف من مناصريه بالضاحية الجنوبية معقل الشيعة وحزب الله فى بيروت ،شكره وتقديره لمبادرة الحريرى، وتأييده للحوار مع تيار المستقبل ،وكذلك يثنى على موقف الحريرى من معركتى عرسال وطرابلس ،واصفا إياه بأنه موقف أنقذ لبنان من الفتنة وحماها من داعش والنصرة. وبالرغم من رغبة الطرفين- الحريرى ونصر الله أو المستقبل وحزب الله- فى الحوار والمصالحة ،كان لابد من الحديث عن ترتيبات اللقاء ونقاط النقاش للوصول الى نقطة تلاق تجمع السنة والشيعة معا بعد سنوات من القطيعة وتنافر كاد يشعل الفتنة الطائفية بين الطرفين لعدة سنوات،حيث انتشرت عمليات السيارات المفخخة بالضاحية الجنوبية والتجمعات الشيعية أكثر من مرة، وكان يتهم فيها تيار المستقبل وأعوانه من المتشددين السنة ،وكذلك اغتيال اللواء السنى وسام الحسن مدير فرع المعلومات- المخابرات – بقوى الأمن الداخلى عام 2012 واتهام حزب الله باغتياله. ولأن رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل الشيعية نبيه برى يحظى بقبول لدى جميع الأطراف سنة وشيعة ومسيحيين ودروزا،فقد تطوع بتقريب وجهات النظر بين حزب الله والمستقبل للإعداد للحوار بينهما على أسس يتفق الطرفان عليها. يقول بري"افتح يا سمسم اللبناني" يكون بفتح باب الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل. وبالفعل أجرى برى مشاوراته بدعم معلن من زعيم الدروز فى لبنان النائب وليد جنبلاط ،مع حزب الله وتيار المستقبل،وقد سمى حزب الله المعاون السياسى للحزب حسين الخليل ليكون ممثل الحزب فى الحوار، ومن المتوقّع أن يسمى سعد الحريرى مدير مكتبه نادر الحريرى ليكون ممثله،وبالرغم من اعتراض رئيس الكتلة النيابية للمستقبل رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة على الحوار مع حزب الله ،إلا أن برى أقنعه بالحوار للخروج من نفق الشغور الرئاسى وتأجيل الانتخابات النيابية. وبالرغم من الإعلان عن الحوار بين المستقبل وحزب الله إلا ان الحريرى فى لقاء تليفزيونى أخير استبعد لقاء نصر الله ،ودعاه للانسحاب من سوريا،مؤكدا ان الحوار الذى دعا إليه يهدف أولا وأخيرا لمصلحة لبنان والاتفاق على رئيس توافقى بعد فشل عون وجعجع فى تحقيق النصاب فى مجلس النواب ليكون رئيسا. وبالرغم من دعم المستقبل لجعجع رئيسا ودعم حزب الله لعون رئيسا ،إلا أن التقارب السنى الشيعى لم يلق ترحيبا مسيحيا مارونيا ،فعون متخوف من التقارب حتى لايفقد دعم حزب الله له ،وكذلك جعجع،بعد إعلان سعد الحريرى ضرورة التوافق على رئيس توافقى بعيدا عن جعجع وعون،وهو مايعنى التخلى عن جعجع من جانب المستقبل، والتخلى عن عون من جانب حزب الله فى حال نجاح الحوار المزمع عقده بين الطرفين. أما رئيس لبنان الأسبق ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل حليف المستقبل القوى فى فريق 14آذار،فقد أعلن رغبته فى الترشح فى حال فشل عون وجعجع فى الوصول لكرسى الرئاسة ،وكذلك فعل سليمان فرنجية زعيم تيار المردة حليف عون وحزب الله فى فريق 8آذار،بما يعنى أن اتفاق حزب الله والحريرى على رئيس توافقى بدعم بري- حركة أمل الشيعية- ووليد جنبلاط زعيم الدروز قد يلقى عقبة الرفض المسيحى الماروني،الذى قد يؤثر عليه سلبا موقف سيد بكركى البطريرك اللبنانى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى، لما للكنيسة المارونية من رأى حاسم وجازم فى اختيار الرئيس المارونى للبنان. فهل ينجح الحريرى ونصر الله فيما فشل فيه 128نائبا على مدى 15جلسة نيابية ومنذ مايو الماضى فى اختيار رئيس لبناني،وهل ينجح التقارب السنى الشيعى فى نزع فتيل الفتنة السنية الشيعية التى تكبر يوما بعد يوم فى وجود النصرة وداعش متربصتين على الحدود بقاعا، وشمالا لإعلان إمارة لبنان الإسلامية والوصول للبحر المتوسط،وهل ينجح التقارب السنى الشيعى فى لجم المتشددين اللبنانيين السنة الذين يتربصون بحزب الله بعد قتاله فى سوريا ضد المعارضة السنية؟الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة بعد لقاء حزب الله –المستقبل، ومايسفر عنه من نتائج قد تصل لانتخاب رئيس جمهورية، وإجراء انتخابات نيابية مؤجلة منذ سنوات.