مع انقضاء فترة حكم الرئيس اللبنانى السابق العماد ميشال سليمان الشهر الماضى ،لاتزال لبنان بلا رئيس الفراغ الرئاسى قد تطول مدته حتى يتوافق الفرقاء على رئيس مسيحى مارونى حسب نصوص الدستور اللبناني،اذ أن المنصب الشاغر يتنافس عليه الآن مسيحيان لهما خلفية عسكرية ومن فريقين سياسيين متنافرين وهما سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية والعماد ميشال عون رئيس تيار التغيير والإصلاح وجعجع مرشح فريق 14 آذار المكون من تيار المستقبل السني- الحريرى و حزب الكتائب اللبنانية- أمين الجميل- بالإضافة إلى القوات اللبنانية التى يتزعمها جعجع وهذا الفريق مدعوم خليجيا خاصة من السعودية،أما عون فهو مرشح فريق 8 آذار المكون من تيار التغيير والإصلاح الذى يتزعمه وحزب الله بقيادة السيد حسن نصر الله وحركة أمل الشيعية بزعامة رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه بري،وهذا الفريق مدعوم سوريا وإيرانيا،ويبقى كبير المختارة زعيم الدروز فى لبنان رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط،الذى تتأرجح مساندته حسب مصلحة الطائفة الدرزية فى لبنان- نحو 400 ألف درزى -،ليظل جنبلاط هو بيضة القبان أو رمانة الميزان التى ترجح كفة مرشح ضد الآخر. وبين المرشحين المتنافسين توقفت الحياة السياسية فى لبنان فى ظل عدم قدرة أحدهما -جعجع وعون - على حشد التأييد الكافى للنصاب الذى يؤهله لاقتناص المنصب،وحسب الدستور اللبنانى فإن انتخاب رئيس الجمهورية يكون داخل مجلس النواب المكون من 128 نائبا، منهم 60 مسيحيا من كل الطوائف المسيحية وأهمها الطائفة المارونية،و60 نائبا مسلما من السنة والشيعة،و8نواب عن الدروز،وينال المنصب من يحصل على أغلبية الأصوات داخل مجلس النواب ، فاذا فشل فى المرة الأولى ينعقد المجلس مرة ثانية لينال المنصب من يحصد نصف الأصوات +1. وفى ظل الانقسام المسيحى داخل الطائفة المارونية ،والانقسام الإسلامى بين فريقى 8آذار-حزب الله وحركة أمل-،وفريق 14آذار- تيار المستقبل السنى ،يظل تعطيل انتخاب الرئيس قائما حتى يستطيع أحد المرشحين حسم الأمر لصالحه ويحصد الأغلبية، أو النصف +1. ولأن لبنان ملعب دولى مفتوح لكل اللاعبين الدوليين والإقليميين،فإن الأمر لايتوقف فقط على توافق اللبنانيين من فريقى 8و14 آذار،إذ أن السعودية الداعمة للسنة فى لبنان خاصة تيار المستقبل لن ترضى بمجيء رئيس- عون- متحالف مع سوريا الأسد وإيران،كما أن سوريا الأسد وإيران لن تقبلا برئيس- جعجع متحالف مع السنة ويتعهد بنزع سلاح حزب الله ومواجهة النفوذ السورى الإيرانى فى لبنان، وعلى الجانب الدولى فإن فرنسا أيضا لها اختياراتها ومساندتها لمن يعلى ويحافظ على مصالحها التاريخية فى لبنان،وفى المقابل فإن أمريكا بالرغم من تصريحها علانية على لسان وزير خارجيتها الاسبوع الماضى فى بيروت بأنها تريد للبنان رئيسا قويا فإنها لن تدعم رئيسا سورى ايرانى الهوى وهو ما لايصب فى مصلحة عون. والجديد فى الأمر هو التوافق الذى يبدو منذ أيام مابين زعيم تيار المستقبل السنى سعد الحريرى الحليف القوى فى فريق 14 آذار المدعوم سعوديا،والعماد ميشال عون مرشح فريق 8 آذار المناهض لفريق 14آذار، فى خطوة يحسبها البعض دعما لمرشح الفريق المنافس - عون - ضد مرشح فريق 14 آذار - جعجع - مما دعا بعض النواب الفاعلين فى 14 آذار الى التصريح بأن جعجع مازال مرشح 14 آذار. وبالرغم من الجلسات السرية بين أطراف من الفريقين للتوفيق بين المرشحين لينسحب أحدهما من أجل الآخر، لاتزال الكرة فى ملعب ثعلب السياسة اللبنانية زعيم الدروز وليد جنبلاط،اذ أن لديه من أصوات النواب ما يرجح كفة مرشح ضد آخر،لدرجة أن بعض كبار السياسيين اللبنانيين وتحديدا نبيه برى رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل الشيعية يقولون إن اختيار رئيس الجمهورية لابد أن يمر عن طريق «المختارة»وهى مقر وليد جنبلاط فى الجبل اللبناني. ومابين فريقى 8 آذار و14 آذار وجنبلاط لبنانيا،ومابين السعودية وإيران وسوريا إقليميا ومابين أمريكاوفرنسا دوليا،يظل منصب رئيس الجمهورية فى لبنان شاغرا حتى يتم اختيار أحد المرشحين أو مايستجد من ترشيحات ،وقد يكون التجديد للرئيس اللبنانى الذى خرج من القصر الجمهورى فى بعبدا إلى بيته هو المخرج الوحيد مالم يتفق اللبنانيون على رئيس يحظى بقبول عربى وإقليمى ودولي. وفى التاريخ اللبنانى حدث من قبل تجديد للرئيس اللبنانى بعد انتهاء ولايته المقررة دستوريا بست سنوات، حيث تم التجديد لكل من الرؤساء بشارة الخورى و إلياس الهراوى وإميل لحود عندما تم التمديد لهم لنصف فترة رئاسية بعد تعديل الدستور.