من الآخر.. وفى أول سطور هذا العمود فإن د. خالد جلال هو المخرج (بالألف واللام) المسرحى المصرى لهذه الحقبة..فلم يعد لدينا- فى أى مجال- كوكبة من المبدعين، وإنما واحد إن وجدناه فى كل فرع إبداعي! قدم خالد منذ أيام وفى المهرجان الثقافى لجامعة مصر المستقبل الذى أقيم بدار الأوبرا المصرية عرضاً بديعاً بعنوان: (هاملت والمليون) قام فيه بتقديم رائعة شكسبير المشهورة هاملت والتى تحكى قصة أمير الدنمارك الذى عاش محنة درامية وجودية كبري، حين اكتشف أن عمه كلوديس قتل أباه ليتزوج أمه جرترود ويستولى على العرش، وحول ذلك الحدث تلافيف كثيرة من قصص الخيانة والتآمر، والجدل الداخلى المتلاطم فى نفس هاملت وقد عبر عنه فى مونولوج الكينونة الشهير (الذى يحلم كل ممثل فى العالم بتأديته). وقدم كل من لورانس أوليفيه وريتشارد بيرتون وبيتر أوتول وجاك ماننج هذا الدور وإن كنت أفضل الروسى من إخراج جريكورى كوزينتسوف الذى شاهدته فى سينما أوديون منذ أربعين عاماً. ما فعله خالد جلال هو تهشيم وقائع الرواية الخالدة وإعادة بنائها من خلال عرض لبرنامج منوعات فضائى يمنح مليون دولار لمن يقدم رؤية جديدة لهاملت ومن ثم قدم خالد (بممثلين هواة من الجامعة لا أعرف كيف جعلهم بذلك المستوي) رؤى (هندية وشعبية مبتذلة وفلاحية ومملوكية وتركية بطريقة المسلسلات المدبلجة لبنانياً، فضلاً عن الشكل الكلاسيكى للعصر الذى دارت فيه أحداث الرواية الشكسبيرية).. ومن خلال (عرض فى العرض إذا جاز التعبير) لامس خالد بخفة ظل هائلة زيف صيغ الفضائيات ورغبتها فى استغلال حاجة المتسابقين للفلوس، وانتهاك آدميتهم، وتلويث وتلطيخ سمعة البلد، وطرحت نماذج مختلفة من أولئك المتسابقين واقترابات متنوعة لهاملت، واستخدم خالد العرائس وفرق العزف والإنشاد الشعبى والسينما توغراف والشعر فضلا عن ديكور رائع. يا وزير الثقافة ويا رئيس مجلس أمناء تلك الجامعة..لابد أن تكون هناك طريقة لتقديم هذا العمل الذى أنتجته الجامعة للعرض العام فهو على وجه القطع أفضل ما رأيت على خشبة مسرح مصرى منذ عشر سنوات. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع