شكل رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو حكومته الرابعة في الإجمالي، والثالثة على التوالي، من 67 نائباً من أصل 120 نائباً هم عدد أعضاء الكنيست، بعد تحقيق حزب الليكود اليميني، الذي يتزعمه فوزاً في الانتخابات التشريعية التي جرت في 17 مارس الماضي بحصوله على ثلاثين مقعداً وتضم الحكومة الجديدة كلا من حزبي وسط اليمين كلنا وحزب اللائحة الموحدة للتوراة بالإضافة لحزبي شاس والبيت اليهودي وقد أبرم نتنياهو سلسلة من الاتفاقيات مع الائتلاف الجديد تقضي بتفاصيل للشراكة السياسية الجديدة في مجالات الصحة والتعليم والقضاء والتربية ونص الاتفاق على أن حكومة نتنياهو المقبلة ستشمل 18 وزيرا، بينهم نائب وزير الصحة من كتلة «يهدوت هتوراة»، وفي مرحلة لاحقة ستتسع لتشمل 22 وزيرا وتضمن الاتفاق الائتلافي إمكانية تسمح لنتنياهو بتوسيع الائتلاف، وأنه في حال تشكيل ائتلاف يستند إلى أكثر من 70 عضو كنيست، فإن هذا سيتطلب إجراء تغييرات وملائمات في هذا الاتفاق ويضمن ذلك توزيع الحقائب الوزارية. ويلاحظ علي تشكيل الحكومة الاسرائيلية وملابسات الاتفاقات المبرمة بين أحزاب الائتلاف الجديد أنه نص علي الاتفاق بين الليكود واللائحة الموحدة للتوراة على الغاء خفض الاعانات العائلية واستئناف دفع المساعدات لشبكة المدارس المستقلة التي تشرف عليها. وهذا مكسب لحزب تشكل العائلات الكبيرة والفقيرة معظم ناخبيه حيث لن تتم ملاحقة الشبان المتشددين الذين يرفضون تأدية الخدمة العسكرية. وبموجب الاتفاق مع حزب كلنا، حصل موشيه كحلون زعيم هذا الحزب ووزير الليكود السابق على حقيبة المال وقد تعهد بإجراء اصلاح لقطاعي السكن والمصارف لخفض تكلفة المعيشة والتفاوت الاجتماعي. كما تولي حزبه أيضا وزارتي الاسكان والبيئة كم تعرض نتنياهو لضغوط للحد من الامكانيات المتاحة للمحكمة العليا لالغاء القوانين التي يمكن ان يقرها البرلمان لكنها تعتبرها مخالفة للقوانين الاساسية في البلاد وتشمل الضغوط ايضا اجراء تعيين قضاة المحكمة وستتولى أغلبية من رجال السياسة وليس رجال القانون اجراء التعيينات وقد عارض المدعي العام، يهودا فاينشتاين بشدة هذه المبادرات التي من شأنها كما يقول المساس باستقلالية القضاء وضمن موشيه كحلون الحصول على حق النقض ضد اي مشروع قانون يقلص صلاحيات المحكمة العليا، او يحدد إسرائيل على انها دولة يهودية، ومن ثم فان من شأن هذا القانون إقرار وتشريع التمييز ضد الاقليات وخصوصا عرب إسرائيل وهم يمثلون 17%من عدد السكان. وتولى نفتالي بينيت زعيم البيت اليهودي، الحزب القومي الديني، وزارة التربية التي تشكل الميزانية الثانية للدولة بعد الدفاع، كما حصل هذا الحزب أيضا على وزارة الزراعة والاشراف على فرع المنظمة الصهيونية العالمية المسئولة عن تأمين اموال إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلتين. وحصلت حركة شاس بموجب الاتفاق على حقيبة الاقتصاد الوزارية، وخدمات الأديان، والنقب والجليل، وحصل البيت اليهودي على منصب نائب وزير الأمن المسئول عما يسمى 'الإدارة المدنية'، الأمر الذي يسمح للحزب بالدفع بالاستيطان في الضفة الغربية، إضافة إلى رئاسة لجنة الدستور والقانون والقضاء، وزيادة ميزانية وزارة المعارف، وتقديم مئات الملايين من الشيكل لمؤسسات التربية التابعة للصهيونية الدينية. والخلاصة فمن الواضح أن السلطة الفلسطينية تملك تقديرا استراتيجيا مسبقا تجاه الحكومة الإسرائيلية الجديدة مفاده أن هذه الحكومة هي حكومة حرب وضدّ السلام والاستقرار في المنطقة، ومن ثم لا أمل في استئناف المفاوضات أو بدء حوار فلسطيني إسرائيلي بوساطة أمريكية ،ومن المتوقع أن تستمر هذه الحكومة على النهج نفسه للسياسة الخارجية مع اتخاذ موقف متشدّد إزاء تقديم أي تنازلات للجانب الفلسطيني، وستكون هذه الحكومة ضعيفة ولا تعود أسباب الهشاشة لعدم دخول ليبرمان وحزبه الحكومة وإنما لأن الاختلافات بين صفوفها حادة لدرجة يصعب التوفيق بينها. كما أن المعركة الفعلية داخل الحكومة ليس فقط بين هذه الحكومة ومعارضيها وإنما أساسا داخل الحكومة والائتلاف فانعدام المعيار فيما حصل عليه كل من الأحزاب من انجازات داخل الحكومة يثير خلافات يصعب تلافي عواقبها لاحقا وستكون مشاكل نتنياهو الحقيقية هي التي ستظهر له داخل حزبه الليكود وحتى الآن يسري قانون يحدد عدد وزراء الحكومة ب18 وزيرا وقد ذهبت ثلاث وزارات لحزب «كلنا» بينها وزارة المالية، ووزارة الصحة ليهدوت هتوراه، وحصل حزب البيت اليهودي على الأقل علي وزارتين، وكل من شاس وإسرائيل بيتنا على وزارتين، وهذا يعني أن كل ما يتبقى لليكود هو ثمان وزارات وبديهي أن هذا العدد من الوزارات، وبعد ضياع كل ما هو مهم بينها، المالية والتعليم والاقتصاد والمواصلات والإسكان والصحة، لا يبقى لوزراء الليكود سوى القليل . يبقي التأكيد علي أن الاتفاق الائتلافي بين أعضاء الحكومة الجديدة ، عدا المناصب، يتضمن أمورا وبنودا لها تكاليف مالية باهظة جدا وهي في بعض الحالات تعارض توجهات جانب من أعضاء الائتلاف، وعلى سبيل المثال فإن الاتفاق مع يهدوت هتوراه تضمن بنودا مالية بينها إعادة تمويل المدارس الدينية ومخصصات الأطفال وإلغاء العقوبات المالية المتضمنة في قانون التجنيد وهذه الالتزامات تقدر بالمليارات. وأخيرا ستواجه الحكومة الإسرائيلية المقبلة تحديات عدّة منها أزمة غير مسبوقة في العلاقات مع الولاياتالمتحدة ومواجهة قضائية على الساحة الدولية مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الايراني والتوترات مع الاتحاد الأوروبي بسبب البناء الاستيطاني المتواصل في الأراضي الفلسطينية. لمزيد من مقالات د. طارق فهمى