اعتبرت الراحل الجليل الأنبا شنودة الثالث واحدا من أخلص من أنجبتهم مصر وأكثرهم وطنية, بعد ان علمت بموقفه عندما طلب منه الرئيس الراحل أنور السادات عقب توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل يوم62 مارس عام9791. حث أقباط مصر في إطار عملية التطبيع علي زيارة كنيسة القيامة بالقدس, فما كان منه إلا أن رد علي حامل رسالة الرئيس بأنه يقدر المشكلات التي ترتبت مع العالم العربي, بعد توقيع الإتفاقية والتي سوف تحل في يوم ما وساعتها سوف ينظر إلي أقباط مصر علي إنهم خونه الأمة العربية وهي عبارة استحق عليها لقب بابا العرب وكانت علي ايجازها قمة في البلاغة التي عكست خلاصة تقدير موقف إستراتيجي لعقلية فذه أمتلكت القدرة علي استشراف المستقبل في زمن قياسي وترجمة تمتع قائلها بقدر هائل من الإنتماء الوطني ومن ثم لم يكن غريبا عليه ان يؤكد هذا الانتماء بعدها بسنوات طويلة بعبارته الرائعة, ان مصر ليست وطنا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا. وأعتقد انه لايختلف إثنان علي أن مصر قد عانت خلال سنوات مضت من الفتنة الطائفية, وهي ورقة ضغط يستخدمها مخططو الظلام في الداخل والخارج من آن لآخر للتفريق من بين جناحي الأمة وصولا لتحقيق أجندات خاصة علي حساب اشلاء الوطن ولولا حكمة البابا الراحل وايمانه العميق بحتمية التلاحم الشديد في وحدة وطنية بين مسلمي وأقباط مصر وتدخله في التوقيت الصحيح لوأد أي فتنة بينهما لسالت الدماء أنهارا, ولوقعت مصر في سلسلة من الحروب الأهلية التي لايعلم مداها إلا الله, ولعل ذلك يعود في معظمه إلي ان البابا كان عالما, فالعلم يساعد الإنسان علي استخدام عقله بطريقة أفضل والمتعلم إنسان يعرف كيف يفكر واذا فكر جيدا تصرف بعقلانية واستطاع مواجهة المواقف المختلفة واتخاذ القرارات السلمية, ومن ثم لم أصب بدهشة عندما قرأت ان البابا الراحل سجل في وصيته تمسكوا بالمحبة وافعلوا الخير واحفظوا ألسنتكم وأجسادكم وهنا إستدعت ذاكرتي قصة لقمان الحكيم الذي أمر خادمه بذبح شاه وتقديم مضغتين أطيب ما فيها فقدم له القلب واللسان, ثم طلب منه تقديم مضغتين باخبث ما فيها فقدم له القلب واللسان ايضا, وعندما استفسر رد قائلا: ليس أطيب منهما إذا طابا وليس أخبث منهما إذا خبثا.. رحم الله قداسة البابا شنودة الثالث وأثابه علي كل ماقدمه بطول مشوار حياته لخدمة وطنه وأمته, واللهم نسأل أن يختار لمصر بابا جديدا يكون خير خلف لخير سلف.. ورمزا من رموز الحكمة والمحبة والسلام. لواء د. إبراهيم شكيب