تكررت خلال الشهور الأخيرة أزمة نقص البنزين والبوتاجاز والسولار, والتي زادت حدتها مؤخرا متمثلة في طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود, ولم تعد الأزمة مقصورة علي بنزين80 كما كانت من قبل, كما أن هناك مخاوف من تفاقمها مع بدء موسم حصاد القمح في ابريل, نتيجة استهلاك آلات الحصاد للسولار. وتكررت التصريحات عن أسباب المشكلة في اتهام السوق السوداء والتلاعب والتهريب للدول المجاورة, والطمأنة بطرح كميات إضافية للقضاء علي الأزمة, وبوصول كميات الي المواني في طريقها للأسواق, إلا أن تكرار المشكلة خلال فترات متقاربة قد قلل الثقة في تلك التصريحات, باعتبارها تمثل حلولا مؤقتة وليست دائمة للمشكلة. وحتي تتضح جذور المشكلة فإن بيانات منظمة الأوبك تشير الي وجود فجوة ما بين الانتاج المصري والاستهلاك من البترول خلال السنوات الأخيرة, حيث بلغ الإنتاج بالعام الأسبق534 ألف برميل يومي من البترول الخام, بينما بلغ الاستهلاك اليومي بنفس العام671 ألف برميل, لتصل فجوة الاستهلاك اليومي137 ألف برميل, ولهذا يعتبر صندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات الدولية مصر من الدول المستوردة للبترول. وتشير بيانات الأوبك بالعام الأسبق الي تصدير مصر87 ألف برميل يومي من خام البترول, بالإضافة الي تصدير29 ألف برميل يومي من المشتقات البترولية, ليصل اجمالي تصدير البترول من الخام والمنتجات المكررة116.5 ألف برميل يومي, بينما تم استيراد140 ألف برميل يومي من المشتقات البترولية وأبرزها السولار والبوتاجاز. ولم تتوافر بيانات عن حجم استيراد مصر من البترول الخام سواء لدي منظمة الأوبك أو الأوابك, في حين تذكر بيانات البنك المركزي المصري أن قيمة واردات مصر من البترول الخام خلال العام المالي الأخير, قد بلغت1.9 مليار دولار الي جانب استيراد منتجات بترولية بترولية بلغت قيمتها3.6 مليار دولار خلال نفس العام. وفي ضوء وجود طاقات تكرير مصرية تبلغ726 الف برميل يومي, بينما بلغت الكميات المكررة خلال العام الأسبق481 ألف برميل يومي فقط, بنسبة66% من الطاقات المتاحة, فإن المجال متاح لاستيراد كميات من الخام وتكريرها محليا, خاصة في ظل الارتفاع الحالي لأسعار البترول والذي تجاوز خلاله خام برنت120 دولارا للبرميل, في حين يصل سعر المشتقات الي عدة مئات من الدولارات. الجدير بالذكر أن قيمة صادرات مصر من البترول التي أعلنها البنك المركزي والبالغة12 مليار دولار خلال العام المالي الأخير, مقابل قيمة ورادات بترولية قيمتها6 مليارات دولار, وتحقيق فائض في الميزان التجاري البترولي بلغ أكثر من6 مليارات دولار, هي بيانات غير حقيقية, حيث تم تضمين قيمة صادرات الغاز الطبيعي ضمن قيمة الصادرات البترولية, وكذلك تضمين حصة الشريك الأجنبي ضمن قيمة الصادرات لتضخيم الرقم. وهكذا نجد البيانات الدولية سواء من قبل الأوبك أو إدارة معلومات الطاقة الأمريكية, تشير الي فجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك المصري, بينما تشير بيانات البنك المركزي الي تحقيق فائض في الميزان التجاري البترولي. وتشير بيانات وزارة البترول الي أننا نستورد نسبة50% من الإستهلاك المحلي من البوتاجاز واستيراد نسبة30% من استهلاكنا من السولار ونسبة6% من استهلاكنا من البنزين, وأن قطاع البترول يحتاج الي نحو600 مليون دولار شهري لاستيراد تلك الاحتياجات, إلا أن ما توفره وزارة المالية يصل الي حولي150 مليون دولار فقط, مما يتسبب في قلة الكميات الواردة وحدوث الاختناقات الحالية بالأسواق. ويعود ذلك الي العجز بموارد العملات الأجنبية والذي بلغ عشرة مليارات من الدولارات خلال العام المالي الأخير, نتيجة تراجع ايرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر, والمرتبط بتراجع أرصدة الإحتياطيات من العملات الأجنبية لتلبية الاحتياجات الاسترادية, وللدفاع عن استقرار سعر صرف الجنيه المصري إزاء العملات الدولية. وهكذا نحتاج الي تدقيق بيانات الإنتاج البترولي حيث تم الاعلان عن41 اكتشافا بتروليا بالعام الأسبق, و40 اكتشافا بتروليا عام2009 وقبلها عن37 اكتشافا بتروليا عام2008, في حين كان انتاج الخام المصري حسب الأوابك554 ألف برميل بالعام الأسبق, مقابل انتاج564 ألفا في عام2009, أي أن الإنتاج قد انخفص برغم الإعلان عن كل تلك الاكتشافات. ويتضمن تدقيق بيانات البترول الكشف عن حصة الشريك الأجنبي في الإنتاج وفي الصادرات, والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي, في ضوء قلة الاحتياطي البترولي المصري والبالغ4.4 مليار برميل, تمثل أقل من نصف بالمائة من الاحتياطي الدولي, وهو الاحتياطي الذي يكفي الإستهلاك الحالي لنحو16 عاما حسب بيانات شركة البترول البريطالية. المزيد من مقالات ممدوح الولى