نقيب المحامين يقرر صرف 500 جنيه منحة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    انضباط وهدوء بلجان كليات العلوم وطب الأسنان والتمريض بجامعة قناة السويس    تراجع عجز في الميزان التجاري لمصر بنسبة 38.6% خلال مارس 2025    البنك الزراعي المصري يعيد افتتاح فرعه الإسلامي بالمهندسين بعد تطويره    أبو شقة يطالب بقانون موحد للاقتصاد الأزرق وتشديد العقوبات    «الاتصالات» تتعاون مع «التضامن» لإطلاق مشروع التطوير المؤسسى الرقمى للجمعيات والاتحادات الأهلية    بيان روسي: إسقاط 162 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    الخارجية الإيرانية: خطوط إيران الحمراء ستكون أساس ردنا على المقترح الأمريكي    رسميًا.. الأهلي يعلن ضم سيحا من المقاولون العرب    ياسر ريان: فوز بيراميدز بدوري الأبطال إنجاز وإعجاز.. والشناوي كان كلمة السر اليوم    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة.. اعرف التفاصيل    بسبب التشكيل.. تعليم المنوفية: احتساب إجابة سؤال ثورة 23 يوليو بالدراسات الاجتماعية للشهادة الإعدادية    مصرع شقيقين مسجلين خطر في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بقنا    تجهيز 5817 مسجدا وساحة لصلاة عيد الأضحى في الشرقية    «لا أشعر بالأمان من بعدك».. رانيا محمود ياسين تحيي ذكرى ميلاد والدها بكلمات مؤثرة    «التمثيل في مصر كان حلم».. أول تعليق من مينا مسعود بعد فيلم «في عز الضهر»    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    مسئول الأمن بفرع ثقافة الأقصر يدلي بأقواله أمام جهات التحقيق فى واقعة التنقيب عن الآثار    وزير الصحة: ارتفاع متوسط أعمار النساء في مصر إلى 73 عاما    الأتوبيس الترددي في مصر.. مستقبل النقل النظيف والعصري بالعاصمة    "استبعاد بيبو".. الاتحاد السكندري يعلن قائمته للدوري الأفريقي لكرة السلة    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    ضمن الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2025.. «فؤاد» تفتتح معرض «إعادة التدوير»    محمد ابراهيم سليمان مديرًا للمراجعة الداخلية والحوكمة بالأوقاف    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    الحكم على المنتجة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف الفنانة هند عاكف 23 يونيو    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    الجلاد: على مسؤوليتي.. تغيير 60 % من أعضاء "مستقبل وطن" بالبرلمان المقبل    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    الخانكة التخصصي تنقذ حياة رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
الثورة أسقطت النظام وسقطت هي في مستنقع أنامالية‏...‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 03 - 2012

اقرأوا معي هذه الرسالة‏:‏ السيد الأستاذ إبراهيم حجازي أرجو أن تسمح لي بأن أتنفس بعض الهواء النقي من نافذتكم علي قرائك وأن أتناول بعض الخواطر التي لا تسر الخاطر‏.‏ 1 الشائعة: تشدني الأحداث شدا لأن أقف لحظات لأتناول هذا الوحش المخيف الذي نغذي مخالبه وأنيابه بترديد غير مدروس لموضوعات وضعتها أجهزة متخصصة تخيرت لها الزمان والمكان والإنسان ثم بذرتها ورحت أنت يا من ترددها تغذيها دون تبيان للحقيقة إما تشبها منك بالعالم ببواطن الأمور أو ارتداء منك لمسوح العلماء فنميت دون إدراك هذه النبتة الشيطانية.
شاهدت أحدهم وكنت أقدره حتي تاريخ أحداث محمد محمود يقول' بيقولوا إن الداخلية تستخدم غاز الخردل'... إنه لا يهمس بها في أذن صديق إنما يقولها علي شاشة التلفاز فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله ألا تعلم يا هذا أن الوطنية ترجح كفتها بكثير إذا قورنت بالمهنية ولو سألت أهل الذكر قبل أن تردد هذه الشائعة الخطيرة لقالوا لك إن هذا الغاز لو استخدم لا قدر الله لوقع آلاف القتلي والمشوهين ولغدت المنطقة خرابا لا تستطيع أن تقترب منها لعدة أيام بعد تطهيرها.
وخلاصة القول إن الشائعة كالفتنة' أشد من القتل' فاقتلها في المهد بفطنتك وسخف مرددها بعلمك.
أيها القائمون علي الإعلام في مصر المحروسة ضعوا برامج توعية وتدريب دورية للمراسلين والمذيعين لتكون المعلومة والتحقيق المكتوب والمسموع والمرئي لبناء الوعي والمعرفة وليس لعكس ذلك.
2 الثقافة والوعي الشعبي: لا يخفي علي من يرصد حوله ما ألم بنا من تجريف ثقافي واجتماعي علي مدار العقود السابقة وظهر ذلك جليا مع بداية الانفتاح الاقتصادي الذي اختلف مع المسمي والمخرجات التي جنيناها, ولكن لندع الاقتصاد لأهله وأعود إلي الثقافة فرغم وجود بعض الرموز من العمالقة في هذا المجال والذين أثروا الحياة الثقافية بأعمالهم الخالدة فإن ذلك لم يمنع ظهور ثقافة' التيك أواي' وجدنا ذلك في الرواية والسينما والمسرح حيث جري' تسليع كل شيء' أي التعامل فقط من منظور تجاري بحت يقيس النجاح بحجم المصاري فقط.
وأتذكر ما كتب عنه الراحل القدير توفيق الحكيم عندما كان في باريس في عشرينيات القرن الماضي فوجد معهدا( كوليج دي فرانس) يفتح أبوابه لكل عابر سبيل يطلب المعرفة دون مصاريف أو امتحان ويحاضر فيه أساتذة متخصصون في مختلف العلوم والفنون فقال في نفسه لقد سبقنا ذلك أيام أن كان الأزهر يفتح أبوابه لكل طالب علم دون مصاريف أو امتحان أيضا حيث كان شيوخ العلم بمختلف الأفرع لكل منهم عمود يؤمه طلابه ينهلون من هذا المعين وينتقلون من حلقة إلي أخري قدر حاجتهم واستيعابهم.
وأجدها فرصة ذهبية ولم لا نبدأ من جديد ولنأخذ في البداية نماذج بتخصيص قاعة في كل نقابة مهنية لمدة ساعتين كل يوم يحاضر يها أساتذة في مختلف أفرع العلوم الإنسانية والطبيعية لراغبي التثقيف والمعرفة ولا أذهب بعيدا إذا قلت لتخصص قاعة في مجلسي الشعب والشوري لهذا الغرض يحاضر فيها رواد الفكر والمعرفة في الإدارة والاقتصاد... إلخ.
3 التعريفات والتعبيرات الخاطئة: الأحداث مادة التاريخ الخصبة والتي ترسم الجغرافيا الجديدة طبقا لمجرياتها وقد كانت أحداث11 سبتمبر2001 كذلك فقد خرج علينا كبير الأمريكان بمقولته' اللي مش معانا يبقي ضدنا' وأخرج معاونوه الملف الخاص من الأدراج وطالعونا بتعريف الإرهاب كل من حلم أو فكر أن يملك إرادته يبقي عديم الديمقراطية أو ناقص حقوق الإنسان وإذا أصر علي موقفه يوضع في خانة الإرهابيين.
وفتح باب المصطلحات الجديدة علي مصراعيه فهذا ناشط سياسي وآخر حقوقي وذلك مرصد حقوق الإنسان وذاك إعلامي كبير وآخر سوبر ستار ما سمعنا بهذا فيمن سبقوا وكانوا بحق رواد الفكر والتنوير.
بل نجد أحيانا من يقول عن اللحمة الواحدة للشعب المصري' الأقباط والمسلمون' ولا يقول' المسيحيون والمسلمون' فلا توجد ديانة قبطية وأبسط ما يقال عن ذلك هو عدم تحري الدقة.
كل هذه المصطلحات والتعريفات قد تبدو في ظاهرها بسيطة ولكنها تشكل فكر ووجدان العامة وتطمس الهوية مع مرور الزمن.
يا أهل الفكر ويا علماء الاجتماع الأمر جد خطير وأنتم علي المحك والتاريخ لا يجامل إنهم يسيرون علي برامج مدروسة ومخططة ومتوقعة النتائج طبقا لأسلوب علمي دقيق ونحن تتقاذفنا العواطف والأهواء والسطحية في أغلب الأحيان.
أكرر ندائي لأهل الفكر وعلماء الاجتماع أن يرحمونا من الوجوه المقررة علينا في وسائل الإعلام المختلفة وأن يحملوا مشاعل التنوير ويطهروا ثقافتنا من الفيروسات الواردة التي إن تمكنت هدمت ودمرت.
4 المشروعات القومية: أجدني مضطرا قبل تناول هذا الموضوع إلي المرور سريعا علي العاصفة العاتية التي تجتاح جميع الأوساط والخاصة بالسماح بسفر المتهمين الأمريكان في قضية التمويل الأجنبي لبعض الجمعيات الأهلية غير المرخص لها من قبل الحكومة المصرية وكالعادة أشهرنا السيوف وعلت الحناجر علي المنابر وفاضت المشاعر كالطوفان ووجد فيها البعض ضالته المنشودة, وإذا تبينا وحكمنا صوت العقل لتأكد لنا أنه ما من مسئول أيا كان موقعه سوف يغامر أو يقامر بإجراء يضر بمصلحة الوطن لأنه في بؤرة الضوء ولن يرحمه أحد, وجاء بيان القضاء والحكومة موضحا لحقيقة الأمر وقلبي مع السيدة الوزيرة المحترمة جدا فايزة أبوالنجا.
وأسوق لأصحاب الحناجر بديهيات بسيطة فعلاقة الدولة القوية بنظيرتها القوية' ندية' وعلاقة الدولة القوية بالدولة الأقل قوة تبادل مصالح بنسبة القوة وعلاقة الدولة الضعيفة بالقوية' تبعية' وحتي لا نكون مع الحالة الثالثة فلابد من نفرة أخلاقية داخل كل مصري محب لتراب هذا الوطن لنضرب عن الكلام وهيا إلي العمل والإنتاج.
ما أتمني أن أراه من شبابنا الوطني أن يخرج علينا من خلال الجمعيات الأهلية المصرية الصميمة مشروع بالتعاون مع السلطة التنفيذية المختصة للضغط السياسي علي الدول التي زرعت مليون فدان بالصحراء الغربية بالألغام ومخلفات الحرب وما نتج عنها من آلاف الضحايا والحرمان من استغلال ثروات المنطقة لمدة67 سنة.
أظن أن هذا العرض مغر ولا يرفض, نريد استثمارا يطهر أرضنا من ألغامهم ومخلفات حروبهم ويحقق لكلينا مردودا اقتصاديا' ونحلها ودي' دون اللجوء للمحاكم الدولية أليست هذه من حقوق الإنسان!!!
5 التدفق المريب للسلاح: البداية الجدل العقيم وتقسيم المجتمع الواحد إلي ائتلافات واختلافات ومنظمات تتناحر وتتنافر فيما بينها ولكن التراشق بالعبارات لا يرضي غرور الشيطان المخطط والمدبر إنه يريد أنهار الدماء فكيف السبيل؟ والحل ميسور عنده وتلاميذه وزبانيته يعيثون الفساد بتجارة كل أنواع المحرمات في المنطقة إذن لتتدفق الأسلحة من الشرق والغرب والجنوب.
أيها المصريون إن دماءكم وأعراضكم أصبحت سلعة رابحة لهذا الشيطان وتلك البداية فهل من صحوة وطنية علي قلب رجل واحد وتوافق مجتمعي يلفظ كل خلايا الفساد التي تتاجر في مقدراتنا' وهم تحت الأضواء' والله لو فعلناها لكان هذا أول طريق النجاة.
ويأتي تغليظ العقوبة في نهاية المطاف فهذا تخريب وطن مع سبق الإصرار والترصد في فترة عصيبة تراهن فيها قوي الظلام علي إسقاط الدولة وإني أناشد بل أستصرخ مجلس الشعب الموقر سرعة استصدار قانون يحدد شكل التظاهر والاعتصام' من كيف متي أين' حتي لا نسمح لهذه الضبابية الحالية بإيجاد البيئة المواتية لقوي التخريب والظلام لاستباحة دمائنا وأعراضنا.
والله لو وعينا' أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وليس عشرين مرة' لغمرنا فضل الله بلا حساب.
كيميائي/ ربيع نعمان
انتهت الرسالة التي كشفت جانبا من أوجاع وطن أغلبنا لا يعرف بوجودها لأن الوطن أكبر من أن يئن ويصرخ ويتوجع.. إنما يتجرع في صمت الألم ويتحمل بكل صبر سخافات أبناء ومؤامرات أعداء.. منتظرا لحظة علي يقين من قدومها فيها ينهي أبناء له هذه العوارض ويشرعون في العمل والبناء لوطن يستحق أن يكون الأفضل والأعظم علي كل الأوطان...
معك يا سيدي في كل ما حملته خواطرك وعليها أضيف هذه النقاط:
1 يا سيدي الشائعات علم والفوضي علم والخلافات علم وإسقاط دولة علم والجدال علم والتيئيس علم.. ونشر لغة العنف علم وجعل القتل أول مفردات الحوار.. علم!.
2 هذه العلوم لا يبدأ تطبيقها ولا يصح التعامل بها ولا ضمان لنجاحها.. ما لم يكن المجتمع جاهزا لاستقبالها والمناخ العام مهيأ لاحتضانها...
الظلم والفساد والرشوة والمحسوبية والبطالة هي أفضل تربة تنبت فيها الأنامالية وتنمو وتكبر وتضرب بجذورها في أعماقها إلي أن يصبح صعبا جدا اقتلاعها...
مع الأنامالية تتمزق أوصال المجتمع لأن كل واحد لا يري إلا نفسه ولا يعرف إلا مصلحته.. هو والطوفان من بعده...
لا مشروع قومي يجمع وطنا ولا حلم واحد يصحو وينام عليه الوطن.. إنما الموجود والسائد والمستشري' أنا' فقط في قاموس انمحت منه' نحن'...
ذاكر واجتهد وانجح بتفوق وتميز.. والأقل منك وأمام عينك وعلي عينك تجيء له الوظيفة حتي قدميه.. لأن له واسطة ويعيش في رغد النفوذ لأنه من المحاسيب وله ظهر يحميه ومن لا ظهر له ينضرب علي بطنه وظهره وأيضا قفاه...
3 مجتمع مثل هذا.. جاهز ومهيأ لأن يثور وفقط في انتظار من يحركه.. شباب مصري خرج إلي الميادين وخرجت حوله الملايين وسقط نظام حكم الفرد.. الثورة أسقطت النظام لكنها لم تسقط أمراضنا الاجتماعية المتحكمة فينا من سنين طويلة.. والدليل!.
تلاحم شعبي هائل التف فيه الشعب حول شبابه في حماية جيشه من لحظة الثورة علي النظام إلي أن سقط النظام.. وبعدها!.
التلاحم حل مكانه الفراق والحوار تحول إلي جدال والتفاهم أصبح خلافا والثقة راحت والتخوين جاء والحب اختفي مع قدوم الكراهية...
4 خلاف بعد اتفاق وكراهية بعد حب وفراق بعد اتفاق.. ومعها جميعا أنامالية مزمنة في أعماقنا...
في ظل هذه الأمور يصبح المناخ مثاليا للشائعات ومناسبا للفوضي وملائما للعنف وجاهزا للفتن...
عندما يكون هذا حال وطن.. تصبح أرضه ملعبا لأجهزة المخابرات الأخري ومن لا يستثمر حالا مثل هذا في وقت مثل ذلك.. فمتي يفعل؟.
5 الشائعة.. سلاح رهيب فتاك.. كان ومازال وسيبقي أهم وأخطر ما تعتمد عليه أجهزة المخابرات المعادية وخطورته تتضاعف آلاف المرات عندما توجه الشائعة إلي شعب يعاني الأمية وتضربه الأنامالية ويعيش مرحلة تحول طال أمدها فانفرط عقدها وكل يوم فتنة وخلاف وصراع ودم ودعوة إلي إسقاط الدولة...
في مناخ مثل هذا تصبح الشائعة سلاحا مدمرا لا يصد ولا يرد...
6 المناخ مهيأ للشائعات ومن يعنيهم في الخارج ألا تصلب مصر عودها جاهزون بالشائعات.. ولكن!.
الإعلامي الذي يتورط في إطلاق شائعة.. إن كان لا يعرف حقيقة ما يقول فهذه مصيبة وإن كان يعرف ويقول فالمصيبة أفدح وفي الحالتين هو مدان وهو شريك وهو أداة ولو هناك حسن نية لقام بتصحيح ما قاله عندما يعرف الحقيقة...
يا سيدي.. أنا شخصيا سمعت واحدا من النخبة بل من زعماء النخبة وهو يتكلم عن قيام الجيش بضرب المتظاهرين في التحرير بقنابل غاز من الطائرات...
استغل تحليق طائرات حربية في سماء القاهرة وأطلق هذه الشائعة في شكل تصريح وبالطبع انتقلت الشائعة بسرعة الريح رغم استحالة حدوث ذلك عمليا لأن الغازات المسيلة للدموع لا تطلق من طائرات وأي غازات عموما يستحيل التحكم فيها من طائرات اللهم إذا كان المقصود غازات سامة تدمر دولة بأكملها ووقتها تستباح سماؤها لدمار أرضها!.
المهم في هذه القضية أن الشائعة تترك آثارها علي البعض ويصدقونها ويرفضون أي تصحيح لها وكأنهم كانوا في انتظار هذه الشائعة ليصدقوها أو أنهم أصلا مهيأون لتصديقها والكارثة أنهم يتحولون إلي عناصر إشعاع للشائعة بعد الإضافة عليها وفقا لدرجة السواد التي عليها قلوبهم...
7 التلاحم الشعبي الهائل الرائع الذي عاشته مصر لمدة18 يوما انتهي بسقوط النظام.. هذا التلاحم الشعبي انفض فجأة مثلما كان حدوثه مفاجأة...
انفض التلاحم الشعبي وتفتت وتحول إلي قوي كثيرة متضادة متصارعة في الشارع المصري.. والتلاحم اختفي وظهرت المساحات شاسعة بين أبناء الوطن ومنها دخلت وتسللت قوي الخارج التي وجدت أفضل مناخ للعبث والتآمر والوقيعة والفوضي والعنف...
سهلت مهمة قوي الخارج لأن ال18 يوما ثورة لم تكن كافية لتغيير ما بداخلنا من أنامالية وغل وكراهية.. وما إن تحقق الهدف وسقط النظام.. سقطنا في الامتحان وتفرقنا شيعا وأحزابا لأن الأصل غالب...
8 نعم.. ضربتنا أمراض اجتماعية تحولت إلي كوارث مزمنة والمصيبة أننا عشنا بها وتعايشنا معها وكأنها غير موجودة.. وهذا مثال صارخ!.
وصل بنا الأمر عندما نريد الإشارة إلي إمكانات شخص وتفرده وتميزه أن نقول: كفاية إنه نضيف!.
جملة من ثلاث كلمات باتت علي كل لسان ونستخدمها في كل مجال.. رغم أن حروفها التي تكون كلماتها هي الجحيم بعينه!.
عندما تصبح نظافة اليد هي المعيار الوحيد لدينا للمفاضلة فهذه كارثة لأن المنطقي والطبيعي أن نكون جميعا شرفاء وغير الشريف مكانه السجن والمفاضلة بين شخص وآخر أساسها الشهادات العلمية الحاصل عليها والكفاءة والخبرة والأعمال التي أنجزها والابتكارات التي أضافها.. أما أن تكون نظافة اليد هي المعيار الوحيد ولا قيمة للعلم والثقافة والعمل فهذا معناه أننا أعمينا بصيرتنا وبصرنا وألغينا عقولنا واستسلمنا للفخ الذي نصبناه لأنفسنا ووقعنا فيه برضائنا وكأننا جميعا تخلينا عن شرفنا وأصبحنا نتندر فيما بيننا بقولنا: كفاية إنه نضيف!.
9 هذه المقولة المدمرة رحنا نرددها بدون أدني فكر في معناها وفي كونها مصادرة للحاضر ونسفا للمستقبل وأي مستقبل ننتظره في مجتمع يعتبر الشريف فلتة بدلا من ترسيخ أن الشرف هو الأصل وما عداه استثناء مرفوض ومكانه السجن!.
تعاملنا ومازلنا مع الأمر علي أنه واقع استسلم له الإعلام وقبلت به السينما وغض البصر عنه المثقفون وتجاهلته الأجهزة الرسمية والشعبية.. وبعد ذلك نسأل أنفسنا في دهشة عن الفوضي التي نعيشها!.
استسلامنا لكل ما هو سيئ في نفوسنا جعلنا نقبل الأسوأ في حياتنا...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.