بطول رصيف محطة «كازابلانكا» واتساعه تمتد خريطة المجتمع المغربى،وتتكشف طبائع بشره ..من سيدة ترتدي الجلباب التقليدى الى شابة تتباهى بعصريتها ،فمراهق غارق حتى اذنيه فى موسيقى الراب ، الى مسن يحمل هموم إعمار جبال اطلسية رواسى بعمر الزمن..»اذا كنت فى المغرب فلا تستغرب» مثل مغربى شائع يكسب حضوره مع كل لقطة عين،ولأن الغريب سوف يغادر، يفضل من هم على الرصيف الحكى مع الغرباء،، فتتنوع الحكايا تجمعها الهموم وتفرقها المسافات..الكثيرون هنا مرهقون بمستقبل الأيام ولكنهم يحمدون الرب على نعمة الاستقرار ،،، وآخرون ثكلى بأحلام التغييرالمجهضة ، الرصيف ملاذ لأمانيهم ،،على رصيف «كازا «الملامح راضية بالنجاة مما حدث فى المشرق ،،الا انهم يسألونك بقلق وحيرة عن الأحوال والعباد فى باقى البلاد ،،! يسألونك خوفا وغضبا .. خوفامن «ربيع» إعصارى قد يقترب منهم فيطيح بما استقر وثبت ،،وغضبا على عروبة تائهة بلا طرحة مشردة بلا جلابية ألقت بنساء سوريا على الأرصفة متسولين «هكذايشكو لى ساقى البار - بكل صدق - حال العرب والمسلمين ،وانا اسمعه بكل صدق ايضا» على رصيف «كازا «يبحث العرب عن أماكن السهر والفرنسيون عن بارات النبيذ والصوفيون عن سيدى عبد السلام والسنغاليون عن لقمة تسد الجوع، وباقى الأفارقة عن مركب يلقى بهم فى جوف المحيط ،،على رصيف «كازا « تنتشر شاشات القنوات الفرنسيةالتى يتفاعل معها المغاربة وقليلا من المشاهدة للقنوات المحلية..فيما تعرض البوتيكات الصحف الفرنسية اما العربية فهى بعيدة عن الصحافة وفنونها وتحكمهاالرؤى الناقصة للأحداث فى المشرق العربى، ويبدو المال القطرى نشطا فى محتواها ، صحافة قديمة باهتة تفرد صفحاتها لحكايات غامضة من الماضى البعيد تلتف حول مافات من قصص» اوفقير والمهدى بن بركة ولخطابى والبصرى وصدامات عبد النصر والحسن الثانى «،بينما تبدو عاجزة ومتكلسة عن متابعة أنشطة الملك الشاب الذى يخترق الجبال طولا وعرضا،، على رصيف «كازا «تضحك الوجوة مع سقوط المطر امانا من اليابسة واطمنانا لكل شبر مغطى بالخضار،راضية مرضية لامثقلة ولامتعبة، فآلرضا بالمطر فرض ،وإحسان الظن بالسماء لا يخيب ،،على رصيف «كازا «يتجمع اللادينيون والداعون الى فطور رمضان جهرا، يفرغون مافى جوفهم بعلو صوت رغبة فى التكسير والتحطيم للموروث مثلما هو اختراق كبيرللأفكار،، على الرصيف القليل من المحجبات ولا وجود للمنتقبات فيما تجرى الصبايا الحاملات للجمال والأمل، تتباهى كل واحدة منهن بما رزقت،و كما الطوفان يهيج شباب الاولتراس فى تحد بارزللطبيعة بقسوتها وثلوجها فتخشاة المقاهى والبيوت حتى تحملة مدرعات الأمن لمدخل عربات القطار سفرا مجانيا فتتنفس المدينة والرصيف الصعداء، على رصيف «كازا «تسمع الفرنسية الراقية والدارجة المغربية القحة، و تجلس ذات التعليم الفرنسى بجوار العروبية بنت البادية جنبا الى جنب دون انسجام،،فالأولى تنظر الى السماء فى طموح المتعة والسهر والسفر فيما تحصى الثانية حبات المطر الساقط وكم هى كافية هذا الموسم لطعام الأولاد ،،على رصيف» كازا» اعلان افتتاح مهرجان «جازابلانكا» يلتقط لسهراته طوائف اجتماعية راقية هائمة فى حب الجاز الى الجنون ،،،بينما النقاش على جانب اخر حول اغنية «اعطينى صاكى « لزينة الداوداوية التى يرفضها المجتمع المغربى جهراويسمعها سراً،،،ويحمل «سعد المجرد» اعلان «الضحى «صاعدا نحو عرش النجومية الغنائية ،على رصيف «كازا « لا يبدو الحديث عن الحكومة والأحزاب السياسية ذو أهمية تذكر،،فلا الحكومة ولا الأحزاب بحجم وقيمة «مغرب «يمكن ان يقود «أمة عربية» لقلب النفوذ الأوربي ..فالعقل الفرنسى تضع لة استراتيجية التفكير تجاة العرب عقول مفكرين مغاربة لهم القيمة والشأن العظيم ،،على رصيف «كازا « يبدو المجتمع فى شكلة الظاهر مسالما وحنونا ورقيقا فيما تختبىء مشاعر الحزر من كل غريب قادم للبلاد البعيدة ،، على الرصيف يلقى القطار بالآلاف من أبناء الأقاليم والولايات المحيطة بحثا عن ألم جديد(فالتنوع مطلب حتى فى وسائل التعذيب) ..على رصيف»كازا»آلاف اخرون لا يريدون النزول ، يريدون ما بعد المحطة ، فقليل من أوراد سيدى عبد السلام ..يريح البال ويصفى النفس بالسلام.