المشهد ليس مرتبكًا على صعيد إعداد القوانين المنظمة للعملية الانتخابية فحسب، وإنما أيضًا مثيله داخل الأحزاب السياسية الذى يشهد توترات ونزاعات فوق التصور، مما أضعف الهياكل البنيوية لتلك الأحزاب ويكاد يسقطها فى امتحان الانتخابات البرلمانية المقبلة، والأحزاب الناصرية صورة رئيسة داخل هذا المشهد المرتبك إذ مازالت فاشلة فى تحقيق حلم عبد الناصر بالتوحد تحت مظلة واحدة تجب معها الانقسامات داخل التيار الواحد، إلا أن هذا الحلم بات بعيد المنال، فالتيار الناصرى مازال يشهد العديد من صراعات الأجنحة دونما مبرر حقيقى للانقسام. رغم المحاولات العديدة لتشكيل تحالف ناصرى انتخابى موحد، إلا أنها باءت بالفشل بسبب بروز نوعين من الخلافات: الأول، بين الأحزاب الناطقة بلسان الناصرية وبعضها البعض، والثانى داخل هذه الكيانات الحزبية نفسها، وكلمة السر فى هذين الصراعين الزعامة. إذ وصلت الخلافات بين الأحزاب الناصرية مداها وما قاد لحالة التشرذم الراهنة. إذ تحالفت بعض مكونات التيار مثل حزب الكرامة وحمدين صباحى نفسه ضمن القائمة التى شكلها حزب الحرية والعدالة، وحصلا على مقاعد بأول برلمان بعد ثورة 25 يناير، ملقيين وراء ظهرهما حجم العداء التاريخى بين عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين، أضف لذلك أن البعض من أبناء الأحزاب الناصرية طالب بضرورة حل تلك الأحزاب الناصرية القائمة والتوحد تحت حزب ناصرى واحد، رافضين أن يحددوا حزبا بعينه. ويزيد حدة تلك الخلافات النزاعات الداخلية بالحزب الناصرى من خلال النزاع على رئاسة الحزب بين سامح عاشور ومحمد أبو العلا، الأمر الذى يؤجل حدوث أى تحالفات بين الأحزاب الناصرية خلال الفترة الحالية. ويبدو أن حدوث أى تحالف بين الأحزاب الناصرية مرهون فى المقام الأول بشرط إزالة الخلافات البينية بينها وتم تاليا حل الخلافات الداخلية بالحزب الناصرى نفسه. ومن جانبه اعترف القيادى أحمد حسن أمين عام الحزب الناصرى فى تصريح للأهرام أن الحزب يعانى مشاكل وخلافات ومازالت تردد صداها إلى الآن، إلا أن بوادر حل هذه المشكلات لاحت بالأفق بعد حسم المحاكم لصراعات الحزب وكانت الأحكام لصالحنا وسنعيد بناء الحزب عبر انتخابات لجميع أمانات المحافظات. وهاجم أحمد حسن التحالفات الانتخابية واصفا إياها بأنها بلا رؤية بل إنها تقوم على اتفاقات بين عناصر وقوى لا يقفون على أرضية مشتركة أو يتبنون أفكارا واحدة، وإنما تقوم على المصالح وتربيطات بعيدة كل البُعد عن الأفكار والأيديولوجيات، والحزب الناصرى لا يمكن أن يكون جزءا من تحالف ليس له رؤية متفق عليها داخل هذا التحالف حول التنمية والكثير من الملفات السياسية. وعن فشل من يقفون تحت مظلة الأحزاب الناصرية فى التوحد تحت مظلة حزب واحد يجمعهم جميعا برر أحمد حسن هذا الفشل بأن هذه الحالة يشهدها الشارع السياسى وجميع الأحزاب وهى ليست حالة يتفرد بها الأحزاب الناصرية وليست ظاهرة ناصرية بل هى ممتدة فى أحزاب اليسار والأحزاب التى تقف على أرضية ليبرالية، إلا أن هذا لا يمنع أبدا إلا أننا نعترف بأنها ظاهرة مرضية وليست لدى روشتة للعلاج من هذا المرض والحديث عن العلاج سيجعلنا نردد كلاما نظريا بعيدا عن الواقع الملموس والتعايش داخل الأحزاب السياسية.