بعد مرور آلاف السنين على بناء العواصم التاريخية التى تنفرد بها مصر وغلبة العشوائية ، كان لا بد من وضعها بعين الاعتبار خشية اندثار هذا التراث العظيم عبر الزمن. واكدت الدكتورة سهير حواس عضو مجلس إدارة التنفيذ الحضارى واستشارى المشروع بالمحافظة بأنه يتم حاليا تنفيذ مشروع إعادة الوجه الحضارى للقاهرة الخديوية وهو ما قام بعمل نقلة نوعية كبيرة فى هذه المناطق والتى تضم منطقة وسط المدينة ابتداءً من منطقة التحرير والعتبة ورمسيس ويشمل شارع الألفى وميدان عرابى وطلعت حرب . وتشير الدكتورة سهير حواس إلى أن هذا المشروع كان قد بدأ فى نوفمبر عام 2014 برئاسة محافظة القاهرة بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضارى حيث والشركة القابضة لإدارة الأصول العقارية للتأمين والتى تقوم بالإنفاق على عمليات الترميم بالإضافة إلى مساهمة البنوك. وتوضح أن مشروع تطوير القاهرة الخديوية التاريخية للمحافظة سيستغرق عام ونصف تقريباً وقد ظهرت ملامح المرحلة الأولى خلال الافتتاح الذى تم الأسبوع الماضي ، وعقب الانتهاء من مشروع تطوير المنطقة سيتم الانتقال إلى باقى المناطق التاريخية فى مصر الجديدة وجاردن سيتى والزمالك والمعادى ثم مدينة الإسكندرية وباقي المحافظات الأخرى. آليات الحماية يأتى ذلك فى الوقت الذى يشير فيه الدكتور المهندس وليد بيومى أستاذ بكلية التخطيط الاقليمى والعمرانى جامعة القاهرة إلى ضرورة الحفاظ على التراث العمرانى والطابع المعمارى للعمران المصرى فى كل المدن القائمة بالوادى والدلتا مثل القاهرةوالسويس وطنطا وأسيوط والمحلة والمدن الجديدة القائمة مثل بدر والسادات والشروق والعبور ومايو واكتوبر وبنى سويف الجديدة وكذلك المدن الجديدة التى سيتم إنشائها مستقبلا مثل العاصمة الجديدة والعالمية الجديدة والإسماعلية الجديدة وبورسعيد الجديدة وذلك بوضع منظومة متكاملة للحفاظ على الطابع العمرانى المعمارى المصرى لإحياء التراث الحضارى ولتأكيد الهوية العمرانية الوطنية . كما أن الحفاظ على التراث العمرانى يضمن استمرارية واستدامة النماذج العمرانية والمعمارية الأكثر قدرة على التكيف مع المعطيات المناخية والحرارية والمشكلات البيئية التى تواجه المدن المصرية القديمة والجديدة .ويوضح أن نماذج تغطية الفتحات من نوافذ وبلكونات فى العمارة المصرية الأصيلة باستخدام الشيش والزجاج والذى يعد أكثر تكيفا مع البيئة المصرية وأكثر نجاحا من النماذج والأساليب الحديثة مثل الألوميتال والتى تعمل على ضمان الحفاظ على الخصوصية البصرية وتحقيق الراحة المناخية والحد من استهلاك الطاقة دون اللجوء إلى استخدام الإضاءة الكهربائية والتكييفات كما هو الحال فى المبانى الزجاجية فالأحياء السكنية على وجه الأخص ينبغى أن يراعى فيها نسب الفتحات وأسلوب تغطيتها والتى كانت موجودة فى النماذج العمرانية القديمة فى وسط البلد ومصر الجديدة والمعادى وغيرها من المناطق.كما أن الشكل العمرانى القديم نموذج ناجح بيئياً واجتماعياً ودينيا لضمان خصوصية الأسرة المصرية. وبالنسبة للعمارة الزجاجية والحديثة ، فهى تكرار ونسخ لأنماط عمرانية غربية وخليجية لا تتوافق مع المعطيات الإجتماعية والمناخية والبيئية والاقتصادية المصرية. ويوصي الدكتور المهندس وليد بيومى بأنه عند بناء المدن المصرية الجديدة لا بد من التأكيد على أنماط النسيج العمرانى الكثيف ذات الكثافة المقبولة المتضامة"كومباكت" "compact" التى تحقق الاستدامة العمرانية والفاعلية الوظيفية لتقليل مسافات السير ما بين مكان السكن والخدمات المختلفة للحد من استهلاك الوقود والبنزين والحد من انبعاث الغازات الملوثة وتحقيق وحدة الجوار والوحدة الاجتماعية بين الجيران والمحافظة على متوى مناسب من الإظلال والراحة الحرارية داخل المداخل السكنية بالأحياء . ويرفض أستاذ التخطيط الإقليمى والعمرانى نماذج العشوائيات وناطحات السحاب فى المناطق السكنية ويؤكد مراعاة الارتفاعات المناسبة الموجودة فى نماذج الوحدات السكنية بمنطقة المعادى ومعادى السرايات ومصر الجديدة ، وينصح بالتخطيط المتكامل لوسائل النقل واستخدام وسائل المواصلات العامة الجماعية الكهربائية والحديدية لتأمين الحركة وتنظيم السير وأمنه وأن تكون قريبة من الجامعات والمصالح الحكومية لتشجيع حركة المشاة.ويضيف أن تكرار النماذج المعمارية ذات الطابع العمرانى المصري هو إحياء للتراث.ويؤكد أنه من الضرورى الاهتمام الكبير بتخطيط المبانى وتصميمها المعمارى لكي تكون بمثابة علامة بصرية مميزة "landmark" لتعطي الهوية البصرية لهذه المدينة الجديدة مثال العلامة البصرية الرمزية ما بين مبنى هيئة قناة السويس ومدينة بورسعيد ومكتبة الاسكندرية ومدينة الاسكندرية وبرج القاهرة ومبنى ماسبيرو بالقاهرة ومبنى محطة مصر برمسيس وبرج الخليفة بمدينة دبي وبرج الكويت ومدينة الكويت ولكن إذا نظرنا إلى مدينة السادس من أكتوبر ومايو والقاهرة الجديدة وبدر وغيرها من المدن الجديدة المقامة فما هى المبانى العامة التى تعطى الرمزية والعلامة البصرية المميزة لتلك المدن سوى مدينة بورتو السخنة. ويلمح الدكتور المهندس إلى أن جهاز التنسيق الحضارى المختص بتحديد العديد من المناطق باعتبارها مناطق ومحميات للتراث العمرانى والمعمارى وتحديد العديد من المبانى ذات القيمة التراثية والحضارية والتاريخية والقيام بإعداد المخططات والدراسات حول كيفية الحفاظ على التراث المصرى لا بد أن يتسع مجالاته إلى كافة المدن المصرية وليست القاهرة فقط وخاصة المدن المميزة بصريا بالوجه القبلى والدلتا ، كما يجب إنشاء فروع وإدارات تابعة لهم بكل محافظات مصرحيث إنها مليئة بالعديد من المناطق التاريخية والتراثية ذات القيمة ويجب الحفاظ عليها وتخطيطها وإحياء تراثها. إلى جانب عدم تفعيل وإلزام المحافظين وإدارات الإسكان والتخطيط العمرانى بالمخططات والدراسات التى قام بها جهاز التنسيق الحضارة فلابد من التعاون والتنسيق بين الجهاز والهيئة العامة للتخطيط العمرانى بوزارة الإسكان عند وضع المخططات الاستراتيجية للمدن المصرية الجديدة.وأخيراً لابد أن يكون هناك بروتوكول للتعاون ما بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهى الجهة المسئولة عن إنشاء وتعمير المدن الجديدة وجهاز التنسيق الحضارى لإصدار دليل للتنسيق الحضارة بالمدن الجديدة لضمان نسخ وتكرار التراث العمرانى والمعمارى المصري الأصيل بما يتوافق مع اعتبارات المخططات التفصيلية والاشتراطات البنائية المصممة لتلك المدن بأحيائها السكنية ومبانيها العامة ولتكن باقورة تلك العمل العاصمة الإدارية الجديدة. مخطط وتصور أولي من جانب آخر، يؤكد الدكتور هابى حسنى مصطفى مدير المكتب الفنى بجهاز التنسيق الحضاري أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لم يدخل بعد حيز التنفيذ وما هو إلا مجرد "ماكيت" ومخطط وتصور أولي خارجي ولم تطلب من الجهاز أي مشاركة حتي الآن فى هذا المشروع. ولكن منذ عامين كان هناك دراسة لنقل مربع الوزارات الحالي بالناحية الشرقية بالأماكن الجديدة ، ولم تكتمل لعدم سماح الميزانية ، حيث أن ميزانية الجهاز محدودة ، أما عن دور الجهاز الذى يقوم به وفقا لقانون 144 لسنة 2006 هو تسجيل المبانى التراثية وليس الأثرية المسجلة وفق قانون الآثار وضوابطه وقد تم بالفعل التسجيل المستمر لقوائم المباني التي يحظر هدمها علي مستوى الجمهورية لكونها تمثل تراث مصر حيث تم تحديد 6 مناطق داخل القاهرة وهى القاهرة التاريخية" الفاطمية " والخديوية ومصر الجديدة وجاردن سيتى والمعادى والزمالك وفى الإسكندرية وفى بورفؤاد وبورسعيد ،وذلك بتحديد أماكنها ونطاقها ومساحتها ووضع اشتراطات للتعامل والحفاظ على الطراز المعمارى فيها عند التنكيس او التجديد او الترميم للقائم بهذه الأعمال المكلفة جدا ،مثلما حدث فى شارع المعز بالقاهرة الفاطمية وقامت بها وزارة الثقافة بتمويل من جهات مختلفة وهناك جهاز يتبع وزارة الإسكان باسم القاهرة الفاطمية ومن المعروف أن منظمة اليونسكو وضعت الأحياء التراثية والتاريخية فى سجلات التراث العالمى ومنها القاهرة التاريخية أو الفاطمية والتى بدأت بترميمها بعد ثورة يناير.