بعد ليلة من الأسئلة الصعبة والإجابات الكارثية فى آخر مناظرة تليفزيونية قبل الانتخابات البرلمانية البريطانية المقررة يوم 7 مايو الجاري، واصل قادة الأحزاب المختلفة جولاتهم الانتخابية أمس، توجه رئيس الوزراء وزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون إلى شمال انجلترا برسالة مفادها أن "الحكومة لديها خطط لعلاج التدهور فى مكانة شمال البلاد اقتصاديا ومعيشيا". فيما كانت رسالة زعيم حزب العمال إيد ميليباند "لن نترك الفئات الأضعف تدفع ثمن الاستقطاعات فى الميزانية". أما زعيم حزب "استقلال بريطانيا" (يوكيب) نايجل فاراج، فحمل رسالة أكثر اعتدالا مما هو معروف عن حزبه إذ أعلن أنه "ليس معاديا للهجرة... بل معاد للهجرة غير المنظمة"، كمافتح الباب أمام احتمالات تعاون مستقبلى بينه وبين "المحافظين" و"الأحرار الديمقراطيين" بزعامة نيك كليج إذا احتاجا أصوات "يوكيب" لتشكيل حكومة ائتلافية. وشدد فاراج على أنه "لايريد أن يكون شريكا فى الائتلاف بسيارة وزارية"، لكنه يمكن أن يدعم الحزبين "من الخارج"، بشرط وحيد هو إجراء الاستفتاء على بقاء أو مغادرة بريطانيا للإتحاد الأوروبي. وفى مناظرة متقاربة كان نجمها الأبرز هو الجمهور، لاحق المشاركون قادة أحزاب العمال والمحافظين والأحرار الديمقراطيين، بضراوة فى كل قضية خصوصا فيما يتعلق بسد العجز فى الميزانية، وبنود خفض الإنفاق، وإصلاح برنامج الرعاية الصحية، والهجرة والاستفتاء حول الإتحاد الأوروبي. وبرغم أن الأداء الأفضل كان لكاميرون إجمالا، فإن التوازن ما زال دقيقا جدا بين "العمال" و"المحافظين"، ومازال من الصعب التنبؤ بمن يحصل على أكثرية الأصوات خلال أسبوع. وفور انتهاء المناظرة أظهر استطلاع للرأى قامت به صحيفة "ذى جارديان" مع مركز "أى سى إم" حصول كاميرون على نسبة 44٪ من الأصوات، مقابل 38٪ لميليباند. وخطفت الأضواء خلال المناظرة، رسالة أخرجها كاميرون من جيبه بعث بها وزير الخزانة عندما تولى كاميرون السلطة مفادها "ليس لدينا أموال". واستخدم زعيم المحافظين الرسالة طوال المناظرة للتأكيد على أن "العمال" لا يمكن ائتمانهم على الاقتصاد، وإن المحافظين هم الحزب الأفضل لقيادة الإاتصاد للتعافي. أما ميليباند فلم تكن مناظرة ليلة أول من أمس هى الأفضل له، فقد تعثر سياسيا بشكل بالغ خلال إجاباته على الأسئلة المتعلقة بالاقتصاد، وفى نهاية المناظرة كاد يسقط من على المنصة وهو يغادرها. وجاءت الملاحقات بشكل أساسى حول السجل السابق للحكومات العمالية التى سجلت مستويات قياسية فى الإقتراض وهو أحد أسباب العجز الحالى فى الميزانية. فعندما سئل ميليباند حول هل اقترضت الحكومات العمالية السابقة بلا حساب، رد "لا"، وهو ما أدى إلى موجة احتجاج بين المشاركين فى المناظرة، ودفع عضو فى حزب المحافظين إلى التعليق "شىء لا يصدق. فى أى كوكب يعيش ميليباند". أما "الأحرار الديمقراطيون"، فقد سعوا ببعض النجاح خلال المناظرة إلى تصوير أنفسهم بوصفهم "الحزب المثالي" لأى ائتلاف حكومي. وشدد كليج على أن الخيار حقيقة ليس بين "العمال" و"المحافظين"، بل بين "الأحرار الديمقراطيين" و"استقلال بريطانيا" و"القوميين الاسكتلنديين"، راسما صورة مخيفة لشكل الإئتلاف الحكومى إذا ما اضطر أى من "العمال" و"المحافظين" للتحالف مع "أقصى اليمين" أو "اقصى اليسار". وقدم كليج حزبه "كأرضية وسطى" ضرورية لمنع زيادة الانفاق والعجز فى الميزانية لو فاز "العمال"، ولمنع التقشف وخفض الإنفاق على برامج الضمان الاجتماعى لو فاز "المحافظين".