أن كنت من متابعي الأخبار ومحبي معرفة تحليل كل ما يحدث عزيزي القارئ فأنت في غني عن البحث في وسائل الأعلام المختلفة عن ما تريد، كل ما عليك هو تناول وجبة الإفطار في الصباح الباكر علي أقرب عربية فول؛ لتجد ان الدنيا بأكملها بين يديك علي عربية الفول. يقف كالشمس في منتصف الحديقة مرتفع القامة تكشف ملامح وجهه عن التعب الذي امتزج بابتسامه الرضا...هذا هو عم رضا صاحب عربية الفول التي استوطنت إحدي الحدائق القريبة من منزلي، في ليلة وضحاها تحولت الحديقة الجميلة لمطعم، الكل يلتف حول قدرة عم رضا كالكواكب التي في انتظار طاقة الصباح .. وما ادراك ما طاقة الصباح، وجبة متكاملة يليها كوب من الشاي الساخن من يد عم خليل الذي يجلس تحت الشجرة التالية بجوار عم رضا. كنت أري هذا المشهد يوميا وأنا ذاهبه للعمل، ولا أخفي سرا أنني لم أكن من محبي مشاهدة هذا المشهد لكن التجمهر اليومي أثار فضولي لمعرفة ما يدور داخل مدار عم رضا مركز ثقل هذا المكان الذي يدور حوله الكل...ما السر؟! اقتربت أكثر من مدار عم رضا لأري وأسمع سر الوقفة السحرية هل الخلطة أم ماذا؟ كلما اقتربت زادت ابتسامة عم رضا لي؛ تلك البسمة التي فتحت لي باب التعرف علي عالمه، وعندما اقتربت أكثر منه بعد أن تجاوزت أمواج البشر التي حوله ضحك إلي وقال" أعملك طبق فول...ولا اقولك طبق ايه استني عليه وخدي مني أحلي أصطباحة من عمك رضا" من الواضح انه أدرك مدي ارتباكي وسط هذا الجمهور الغفير من محبيه.. وبينما كنت أنتظر سمعت أحد الأشخاص ينادي عم رضا وهو يأكل " خير يا عم رضا أخر الأخبار أيه ولا النهاردة فطار بدون أخبار" رد عم رضا " لا طبعا هنا وكالة أخبار عمك رضا العالمية المتنقلة...الناس تفطر وفقرة الأخبار والتحليل تبدأ أن شاء الله". وكانت هذه الجملة أشبه بصفارة الانطلاق ليبدأ الجميع في التحاور في كل شيء، ارتفع أحد الاصوات أخر أخبار الفوسفات في الميه أيه يا قوم.. وفي اقل من دقيقة جاءت الإجابة "في حالة وفاة في الشرقية والمصابين وصلوا 626 وفي عمليه لانتشال صندل الفوسفات من الميه...بعدها جاء صوت من بعيد " ياعم قالوا التسمم دا مش من الفوسفات دا فوسفات أمن، وبعدين ما ميه النيل دي ياما حصل فيها واحنا بنشرب وكله تمام.. اوعي يكون الفول بفوسفات يا عم رضا" وبعد وصله من الضحك ارتفع صوت أخر ليقول "حتي بعد انتشال الحمولة يا جماعة لسه في مشكلة أنا في المركز القومي للسموم، في أسماك وكائنات حيه كتير ستصاب بالضرر" جاء صوت بجوار هذا الرجل يقول" عندك حق يا أحمد لازم حل سريع بجانب عمليه الانتشال مثلا توفير وسائل حديثة من الفلاتر لتنقية الميه من الكالسيوم والفوسفور المتكون بفضل حمولة الفوسفات...يمكن العملية دي حصلت عشان نعرف قيمة الميه ونبدأ في التوعية ونحافظ عليها" بعدها انتقل الحوار للحديث في زلزال نيبال المدمر وعم رضا يعطيني وجبة الإفطار، وبينما كنت اتذوق أول افطار لي علي العربية سمعت صوت هامس لسيدة تتحدث لصديقتها بجواري " تعرفي أيه المشكلة أحنا مش بنعترف باي خطأ مهما كان عشان كدا مش بنتعلم صح ولا هنعلم أولادنا صح ..دا بيت القصيد"... وهنا ضاع صوت السيدة الهامس عندما ارتفعت أحدي الأصوات فقرة الرياضة والسينما النهاردة عند عم خليل كالعادة مع الشاي" ضحك الكل وانصرف للفقرة التالية بينما أنا أخذت موقع بجوار عم رضا لأتحدث معه، وبينما كانت الكلمات تذوب مع الفول أخذ مني رضا الكلام وهو يضحك ويقول " واضح انك أول مرة تكلي فول من علي العربية، شكلك جي يسمع ويشوف مش يأكل.. بصي يا بنتي أنا راجل صحيح علي أدي لكن الزمن علمني كتير العربية دي لفت مصر من شرقها لغربها.. الدنيا كلها علي عربية الفول، واضح انك من سكان المنطقة اللي مش حابين وجودي كأني الفوسفات اللي نزل المنطقة هنا، أنا مش هقول ان اللي بعمله دا صح بس ايه البديل؟! هنا ابتسمت وقلت " لا انا كنت حابه أعرف الفول بزيت حار ولا عادي أصله حلو قوي"...ضحك عم رضا بعد ما علمني ازاي اشوف الدنيا من عينه هو مش عيني أنا ...من علي عربية الفول. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل