أنهي دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون استعداداته لاستقبال جثمان البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية, ليواري الثري مساء اليوم عقب الصلاة عليه بالكاتدرائية بالعباسية ويزف الي السماء في ملابسه الكهنوتية. من جانبه قرر المجمع المقدس قصر حضور مراسم الدفن بالدير علي الآباء والأساقفة وأبناء الدير لمنع التزاحم وسقوط ضحايا كتلك التي حدثت في الكاتدرائية. وأكد الراهب القمص أفرايم الأنبا بيشوي أنه سيتم فتح الزيارة للجمهور بدءا من صباح غد الأربعاء. وكشف عن أنه ما إن يصل الجثمان من المطار إلي الدير سيحمل علي أكتاف الآباء الأساقفة, ويستقبل بالألحان الجنائزية الحزينة, ويطاف به في كنيسة الأنبا بيشوي ثم يواري جثمانه الثري, كما سيدفن بملابسه الكهنوتية الرسمية البيضاء الخاصة بالصلاة وكأنه يزف إلي عرس السماء. كما أوضح ان الصندوق الذي يحمل جثمان البابا مصنوع من خشب الأبانوس ومرسوم عليه صورة السيد المسيح ومكتوب عليه اسمه وتاريخ رسامة نيافته ويعد تحفة فنية وقد أهداه إليه الأنبا برنابا أسقف روما ويعد أغلي الصناديق تكريما لقداسته, حيث يتجاوز سعره نحو50 ألف جنيه. وأكد أن كل رؤساء الكنائس الشقيقة أو ممثلين عنهم سيحضرون مثل البابا بولس بطريرك إثيوبيا الذي أعلن عن قدومه, فضلا عن بابا روما بطرك المسكوني بالقسطنطينية أو من ينوب عنه, بالإضافة الي رؤساء الكنائس السريانية والأرمانية والمارونية الإنجيلية. وداخل قاعة كبار الزوار بدير الأنبا بيشوي التي كان البابا شنودة الثالث يستقبل فيها زواره كشف القمص أفرايم الأنبا بيشوي أكد البابا كتب وصيته قبل شهرين في المقر البابوي في وجود الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ونيافة الأنبا صرابامون وقال لهما, أرفض أن يعلم أحد بتلك الوصية إلا بعد نياحتي وهذه معجزة وبركة للدير ليكون موجودا بالدير لكثرة حبه للأنبا بيشوي. وفي لقاء مع القمص أفرايم الأنبا بيشوي أكد أن البابا شنودة كان يحب الدير ويعتبر القديس الأنبا بيشوي الذي رقد في417 ميلادية هو شفيعه الروحي, وأرجع الفضل للبابا شنودة في النهضة الروحية والزراعية التي شهدها الدير, فهو الذي بحكمته اختار الأنبا صرابامون أسقفا ورئيسا للدير سنة1973, وكان بالدير5 رهبان فقط فأصبح فيه ما يقترب الآن من مائتي راهب. وأكد أن البابا شنودة هو صاحب النهضة الزراعية بالمنطقة وقد جادت عليه الصحراء بأسرارها فهو صاحب فكرة إنشاء الترع الزراعية من المياه الجوفية والتي تم بها استصلاح مساحات واسعة من الأراضي وحتي خبراء الاصلاح الزراعي كانوا يأتون للدير للاستفادة من خبرة الآباء في الزراعة ويرجع له الفضل في قبول ورهبنة المئات من الآباء حاملي الشهادات العليا والذي يتمتعون بالروحية والخدمة في الكنيسة ومن بينهم تم اختيار كل الأساقفة الذين يقودون الكنيسة الآن. وأضاف أن البابا شنودة كان راهبا رغم أنه بطريرك فكان يقضي نصف الأسبوع بالدير يحمل قلب راهب محب للخلوه والصلاة مؤكدا ان الراهب الحقيقي هو الذي يختزل الوجود بين عابد ومعبود, وفي نفس الوقت يحمل همو وآمال شعبه ويرفعها الي الله ففي كل المشاكل التي واجهت الكنيسة كان يأتي الي الدير ليصلي ويطلب من الله اليد التي تدير الكون ليحل مشاكلنا. وفي نفس الوقت حياة الخلوة والصلاة تعطي استنارة روحية للإنسان لكيما يكتشف الحلول المناسبة, والحكيمة ويقوم باتخاذها في مواجهة كل أحداث حياته. منذ أن تم اختياره كان يأتي نصف الأسبوع في المقر البابوي بالدير, يحب مكان تعبده وكذلك الأنبا بيشوي. علمنا معني الحياة الروحية بهذه الكلمات بدأ القمص ويصا الشنودي أمين دير الأنبا شنودة بسوهاج وأحد خريجي دير بيشوي حديثه معنا عن البابا شنودة الثالث وأوضح ان البابا كان يقيم في مغارة خارج الدير بجوار المطار لمدة8 سنوات متوحدا ويخدمه الأنبا صرابامون, حيث كان يعشق حياة الخلوة ولم يكن يسعي الي منصب ولكن العناية الإلهية هي التي اختارته ليكون بطريركا. وأكد أن البابا كان كل همه كيف نعد أنفسنا للقاء الله؟ وكيف ان الدنيا فانية فكيف نجاوب عن الدينونة؟ وعندما نسأله يجيب علي كل واحد منا ويحدثنا عن المنفعة التي يستفيد منها الانسان. ويضيف قائلا: ولاننسي ان البابا كتب140 كتابا كانت باكورتها إنطلاق الروح وكتبه في أثناء وجوده في الدير وفي سنة81 عندما قضي36 شهرا كانت أيام مايسمي بالعزل السياسي بقرار الرئيس الأسبق السادات بمثابة رجوع الي الفردوس الذي كان يحبه قداسة البابا وعندما أتي في1981/9/5 قال لقد رجعت الي حياة الفردوس مرة أخري. ويؤكد ان البابا كلما أتي إلي الدير كان يقوم بتوزيع الهدايا المادية والعينية علي الرهبان ويلقي عليهم كلمة روحية, وكان باستمرار يتحدث عن حياة الراهب والهدف الذي سعي من أجله وكانت عظته روحية خاصة بالرهبان ومعاملة الراهب مع أخوته والأخرين وعزاؤنا الوحيد بعد رحيله أن يرقد الي جوارنا في الدير. وأضاف أنه عند حدوث أي أزمات كان يفد مصطفي الفقي لمناقشة البابا والوصول الي الحلول, ومشكلة كنيسة العمرانية عندما اعتقل81 من المسيحيين في أثناء دخول عيد الميلاد لجأ البابا إلي الاعتكاف بالدير فوفد إليه مصطفي الفقي وزكريا عزمي وتم الإفراج عن المسجونين. كما أشار الي أن الدكتور يحيي الجمل كانت له علاقة وثيقة بالبابا وكثيرا ما كان يأتي اليه فضلا عن محافظي البحيرة, وكل رؤساء الكنائس ومن بينهم بطريرك أثيوبيا بولس والبابا البطريرك إليكسي الثاني بطريرك روسيا ومعظم السفراء. وعن روح الدعابة عند البابا شنودة كشف الأب ويصا عن أن أول موقف له أثناء تعريفه لعمل الرهبان داخل الدير لعدد من مرافقيه, وكنت وقتها أعمل في المخبز وسألني سيدنا عن عمل المطحنة, فقلت له بنطحن فيها الفول ونطحن بصارة فقال لي جدع لأن عندك بصارة يقصد البصارة الروية. ومرة أخري قال لي عارف يا أبونا النار بتعمل إيه فقال النار كتامة الأسرار فما تحرقه النار ويدخل فيها لايظهر له أثر, وعندما يدخل إلي المخبز كان يوزع عليهم هدايا عينية ومادية. وعندما قال له أحد الأشخاص ياسيدنا أنت قاموس, فأجابه البابا بس فين العجول اللي تفهم. وأضاف أن البابا شنودة عندما التقي بالرئيس جيمي كارتر في البيت الأبيض فسأله هل اليهود هم شعب الله المختار فأجابه قداسة البابا متسائلا إذا كان اليهود هم شعب الله المختار فأنا وأنت من نكون؟ كان له موقف مشرف مع القضية الفلسطينية وكان يحرص ياسر عرفات علي زيارته للتشاور وأضاف أن البابا كان يتعامل معنا كراهب عادي, ولايمسك العمة أو عصاته داخل الدير ولكن يعاملنا كإخوته وأبنائه ويرشدنا في كيفية التعامل مع كل الناس. وأكد أن نبأ وفاته نزل علينا كالصاعقة هو غالي عند ربنا لكن المشكلة فينا إحنا في أيامه الأخيرة كان يعد هذا المكان إنه فرحة للدير كبيرة جدا ونشعر أن البابا لم يتنيح وسيظل معنا.