هاني سعيد عميدا لكلية التربية الرياضية بجامعة طنطا    إعلان خلو مقعد الراحل عبد الخالق عياد من الشيوخ وإخطار الوطنية للانتخابات    مواعيد امتحانات كليات جامعة حلوان الفصل الثاني 2024    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    جامعة الأقصر تخطط لإنشاء مستشفى وكليتي هندسة وطب أسنان    مدبولي: نرغب في المضي بأسرع ما يمكن لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد    هشام آمنة: 256 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية    عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري بشأن "تكوين"    جلسة مباحثات بين وزير الخارجية ونظيره السلوفيني لبحث سبل وقف الحرب على غزة    الدفاع المدني في غزة: خسرنا أكثر من 80% من قدراتنا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بأفغانستان إلى 315 شخصًا    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    مظاهرات الجامعات توقظ ضمير العالم    الأردن يدعو إلى استكمال أطر التكامل الاقتصادي العربي    الناخبون فى إقليم كتالونيا الإسبانى يصوتون بالانتخابات البرلمانية    الإطاحة بتامر مصطفى.. قرار عاجل بتولي طلعت يوسف تدريب فيوتشر    أخبار الأهلي: غضب في الأهلي من اتحاد الكرة بسبب 3 ملفات    اكتشاف مواهب الشباب.. نائب يستعرض أهمية التوسع في مراكز التنمية الشبابية    إخماد حريق شب فى سيارة بجوار بنزينة فى أسوان    القبض على 4 أشخاص بالقاهرة لاتهامهم بتزوير المحررات والكارنيهات    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته في الفيوم لعدم حضور الشهود    الآثار تنظم سلاسل فعاليات ومعارض مؤقتة بالمتاحف احتفالا بهذه المناسبة    رئيس اليونان تزور المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية (صور)    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    هذا ما يحدث لضغط الدم عند تناول البطيخ.. مفاجأة    قضية "ضحية كلب البيتبول".. ابرز تطورات محاكمة زوج الإعلامية أميرة شنب    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    رئيس تحرير الجمهورية: بناء الأئمة والواعظات علميًا وخلقيًا ومظهرًا وأداءً من بناء الدول    نقيب البيطريين يناقش الأمور المالية والإدارية مع رؤساء النقابات الفرعية (تفاصيل)    بعد ظهورها بملابس عروس.. لقاء سويدان تتصدر مؤشر جوجل    وزارة الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية قصفت منطقة "بيلغورود" الروسية بصواريخ متعددة الأنواع    البريميرليج يقترب من النهاية.. من يحسم اللقب؟    قبل انطلاق الامتحانات.. رابط الحصول علي أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024    حريق يلتهم سيارة داخل محطة وقود في أسوان    إيرادات مفاجئة لأحدث أفلام هنا الزاهد وهشام ماجد في السينما (بالتفاصيل والأرقام)    مصلحة الضرائب: نستهدف 16 مليار جنيه من المهن غير التجارية في العام المالي الجديد    «ضد المشروع».. ليفاندوفسكي يثير أزمة داخل برشلونة    عبر «فيس بوك».. «الداخلية»: ضبط 3 أشخاص لقيامهم بترويج العقاقير والأدوية المخدرة    وزيرة التخطيط: 10.6 مليار دولار استثماراتنا مع صندوق مصر السيادي خلال السنوات الماضية    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الأحد المقبل.. إعلان تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان    الداخلية تُعلن قبول دفعة جديدة بمعاهد معاوني الأمن 2024 (تفاصيل)    حازم إمام: لا تذبحوا شيكابالا.. وغيابه عن نهضة بركان مؤثر علي الزمالك    الإفتاء: توضح حكم سرقة التيار الكهربائي    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    مدبولي: نراقب الدين العام ووضعنا قيودا على النفقات الحكومية    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    رئيس بلدية رفح الفلسطينية يوجه رسالة للعالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق‏:‏ معضلة التفاؤل في لقاء ربيع العرب بخريفهم‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 03 - 2012

نحتفل اليوم بتحرير طابا‏,‏ آخر بقعة من أرض الوطن كانت تحت الاحتلال‏,‏ بعد معركة سياسية ودبلوماسية شاقة‏,‏ لدحض الادعاءات الإسرائيلية في الأمم المتحدة وفي المحكمة الدولية‏ أيضا نحتفل بعد غد بعيد الأم, وهما محطتان مضيئتان قد تمدانا ببعض الأمل في بناء المستقبل, بعد أن أضحي التفاؤل معضلة في ظل الوضع العربي المأسوي, من ربيع افتراضي نحو الديمقراطية, إلي خريف عاصف من تدهور درامي للنظام العربي الإقليمي, فالتقي الربيع والخريف في زمن واحد, مما يجعل معضلة التفاؤل بالمستقبل ثقيلة, علي من يبحث عن الطريق لحل إشكاليات التقدم, وتمسكا بتلابيب التفاؤل, ما علينا إلا التأني, فكما يقول الشاعر تأن في الشيء إذا رمته... لتعرف الرشد من الغي لا تتبعن كل دخان تري... فالنار توقد للكي.. وقس علي الشيء بأشكاله, يدلك الشيء علي الشيء!
لاشك أن فكرة العروبة تعاني الانسداد التاريخي علي الرغم من مخزونها المعرفي والقيمي, بعد أن ضاعت قوة العرب بفعل أعداء العروبة التاريخيين وشخصتهم ثورة( يوليو) من قبل, في الاستعمار العالمي والصهيونية والرجعية العربية, ومع التأن في تحليل ما يجري من وقائع بينة, نجدهم هم المعاول التي أرجعت العرب إلي العصور المظلمة, في العراق وليبيا, ومن قبلهما في فلسطين والصومال والسودان, فحاربوا العروبة بكل وسيلة فكرية وسياسية واقتصادية وإعلامية, ودينية للأسف الشديد, فتم استخدام شيوخ النفط المجرمين للاستقواء بالأجنبي العدو علنا, في ظل تبريرات دينية خادعة, يتبرأ منها كل دين وأخلاق, وستظل الدماء العربية التي سفكت ظلما وعدوانا في رقابهم إلي يوم الدين!
لا أنكر أن الأنظمة العربية وصلت إلي حالة من الجمود والفساد, مما جعلها كيانات من الحطب الجاف الذي تكفي شرارة صغيرة ليشتعل, ضد تحالف السلطة بالثروة, والاحتقان السياسي, وعدم الإحساس بعوائد التنمية, وتآكل الطبقة الوسطي المسئولة عن التوازن الاجتماعي والأخلاقي, كل ذلك أشعل الموقف بصورة غير مفاجئة, إلا أن الربيع العربي المنتظر, تم تحويله إلي خريف يهدد العرب جميعا, بعد أن فقدوا التعاون النسبي فيما بينهم, إلي درجة أن يتآمروا علي بعضهم البعض, وبدلا أن يفضي الربيع العربي لتنقية العروبة من عوامل الاستبداد, أعاد إنتاجه لقوي متشددة رجعية متأخرة, تحرض علي الانقسام والتطرف والانفصال, والتلاعب بمشاعر الرأي العام وتضليله في العمي الفكري المخل بمعايير القوة والتقدم علي كل الأصعدة, وتحقق الانفصال الرسمي والواقعي في عدة دول كالسودان والعراق وأخيرا في ليبيا الذين احتفلوا بتحريرها من طاغية, ليسلموها لمجموعة من الطواغيت, وهو ما يدبر لغيرها من الدول العربية التي لم يمسها الربيع المزعوم بعد, فكما قلنا.. يدلك الشيء علي الشيء.
واحتفالنا بتحرير طابا مبعث تفاؤل للخروج من هذا النفق المظلم, لأنه يكشف عن أهمية مصر وقوتها التاريخية وثقلها السياسي, بما تملكه من قدرات عسكرية ودبلوماسية ومعنوية وثقافية, تجلت في( طابا) عندما تصدت الدبلوماسية العريقة للادعاءات الإسرائيلية واستردت طابا, فمن مصر بدأت النهضة العربية الحديثة علي مدي القرنين الماضيين, فالتاريخ متصل بالحاضر, وبلغت ذروتها مع ثورة يوليو, التي وفقت بين الوطنية المصرية والقومية العربية, وهو قائم علي أسس وطنية تبناها من قبل( مكرم عبيد) الذي ربط مصر بالعروبة ارتباط الجزء بالكل, فارتبط المشروع الوطني بالقومي العالمي, في نظرية الدوائر الشهيرة مجال الدور المصري في العالم العربي والأفرو آسيوي والعالم الثالث والعالم كله, وهو الدور الذي تخلت عنه مصر لأسباب مركبة بينما تبنته إسرائيل, وخارت القوة العربية حتي أن قوي الهيمنة الدولية, أصبحت تتفاوض علي مصيرهم مع قوي إقليمية أخري كإيران وتركيا, ولم ينقذ سوريا الشقيقة حتي الآن من المؤامرة الكبري عليها, إلا قوي دولية تكشف أبعاد الصراع الجيو استراتيجي في غياب تام للقوة العربية بعد غياب مصر, وانفراد أعداء العروبة( الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية) بالفعل علي أرض العرب, ونجحوا في تجنيد بعض المثقفين الذين تركوا الراية العربية ولم يفلحوا في خلق راية بديلة, مصر تملك تجربة حديثة جديرة بالاحترام, الذي لا يأتي أبدا مصادفة, فالمشروع الناصري القيم, قام علي الوحدة الوطنية, كقاعدة للعب دور عربي ودولي علي أسس قوية, فقدم التنمية والمشروعات الوطنية الإنتاجية في مقابل التطرف الديني المخرب, والوحدة العربية مقابل التفتيت والتجزئة والمدنية والمواطنة مقابل التعصب القبلي والجهوي والطائفي, ومن يتابع اهتمامات الناس ومطالبهم حاليا, يجدها تستدعي التجربة الناصرية في خدمة الوطن في الداخل, ودوره في الخارج من حيث تدري أو لا تدري, من مطالب الفلاحين في إعادة التعاونيات والدورة الزراعية, وحقوق العمال, وتدعيم الطبقة الوسطي إلي الانخراط في منظومة عربية وإقليمية ودولية, لتحقيق الأمن الدولي دون الاعتداء علي مصالح الدول الضعيفة والشعوب الفقيرة!
يمكن تطوير التجربة التاريخية لمصر في محيطها العربي لتتلاءم مع العصر وطبيعة المنطقة, والتحرر من الاستبداد ومآلاته المشئومة, والتنبه إلي خطر الأدوات الحديثة في التلاعب بالرأي العام في وتشجيع التطرف والانفصال, والتي سماها الرئيس الروسي( فلاد يمير بوتين) القوة الخفيفة.
أما مبعث التفاؤل الثاني, أي الاحتفال بعيد الأم فلأنه ارتبط في أصله بالدعوة إلي السلام ونزع السلاح, والدعوة لتوحيد النساء ضد الحرب بعد الحرب الأهلية الأمريكية, وما دفعته أمريكا من ثمن باهظ من أجل الوحدة التي تحرمها علي الآخرين, وعلي الرغم من فشل دعوة السيدة( جولينا هاو) في تخصيص يوم للمرأة ضد الحرب, إلا أن( أنا جارفيس) نجحت في تخصيص يوم لتكريم الأم, فتحتفل به أمريكا في الأحد الثاني من شهر مايو, ولكنها قامت بتنظيم مظاهرات واحتجاجات متكررة في النصف الأول من القرن الماضي, احتجاجا علي هذا العيد, الذي حولته الرأسمالية الأمريكية إلي يوم للاستهلاك, واستغلال العواطف النبيلة لترويج المبيعات للهدايا الثمينة, مما أخرج المعني الإنساني من مغزي هذا الاحتفال, فتري أن التعبير عن أسمي العواطف بأشياء رمزية, وكلمات رقيقة, هي أن يحمل الأبناء قرنفلة ملونة( حمراء) إن كانت الأم علي قيد الحياة, والأخري بيضاء لو كانت متوفاة, ولأن المناسبة النبيلة, تم تخصيصها استهلاكيا أودعت( جارفيس) السجن عدة مرات, لإصرارها علي الاحتجاج ضد هذا التشويه الإنساني.
فهناك دائما الأخيار الذين يتحملون المصاعب من أجل المعاني الإنسانية النبيلة, فمثلما فعلت في عيد الأم خصخصت حاليا أمريكا والغرب من ورائها حقوق الإنسان وسيستها كأداة ضغط, في حين أنهم لا يقبلون أن يخضعوا لنفس المعايير الإنسانية التي ينادون بها, وهو ما تصدت له بشجاعة نادرة وثقة هادئة السيدة( فايزة أبو النجا) وزيرة التخطيط والتعاون الدولي, فشرحت بالتفصيل كيف تمول أمريكا كيانات غير قانونية تحت اسم حقوق الإنسان, بينما يشتمل عملها علي برامج مخابراتية خطيرة وحولته للقضاء, فلم تخش مثلها مثل( أن جارفيس) في تصديها للأقنعة المزيفة لومة لائم, فأعطت نموذجا مشرفا للمرأة المصرية وللوطنية الصادقة مهما كانت النتائج, مما خلق دفعة من التفاؤل بنهضة مصر من عثرتها, لتقود العرب من جديد, فكما غنت( ثومة) عن مصر: أنا إن قدر الإله مماتي لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي, فلن تموت مصر بإذن الله, مادام أبناؤها يعرفون قيمتها وكيف يحافظون عليها! فكل سنة ومصر وكل أم بألف خير!.
المزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.