تحتفل مجلة السياسة الدولية بالأهرام هذه الأيام بمرور خمسين عاما على صدورها فى عام 1965 على يد عملاقى الصحافة والسياسة الأستاذ محمد حسنين هيكل، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام آنذاك، والدكتور بطرس بطرس غالى رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة آنذاك، لتفتح بهذا التأسيس نافذة كبرى تشع علما وفكرا وثقافة سياسية رصينة، تعلى من قيم الإبداع والحرية، وتؤسس لقيم الوطنية المصرية، وتنحاز لقضايانا العربية وتعلى من مصالحنا القومية، وتؤطر لقضايا العالم الثالث فى أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية. كما ظلت «السياسة الدولية» عينا راصدة للأحداث الدولية ومرآة تعكس واقع التفاعلات الإقليمية تخضعها للبحث والتحليل والتفسير من خلال أقسامها المختلفة سواء فى المجلة أوموقعها الإلكترونى أو ملحقيها «تحولات إستراتيجية» و«إتجاهات نظرية»، وتقدم رؤى موضوعية شاملة لقضايا العلاقات الدولية علما وممارسة، كما كانت ولاتزال بمثابة شاهد عصر على كافة الأحداث العربية فى نصف القرن الفائت، وهى مرجع أكاديمى موثوق لدارسى العلوم السياسية والإستراتيجية والإقتصادية والقانونية والإجتماعية، ولجميع الدوائر العلمية والسياسية، ومركز للتفكير فى قضايا العلاقات الدولية والسياسة الخارجية. ولا شك أن دور «السياسة الدولية» الأصيل قد تجلى فى كونها «صانعة الباحثين»، فقد بدأ كثير من الباحثين حياتهم من بابها وهى فى هذا الإطار قد أسهمت فى تقديم عدة أجيال صاروا قامات علمية وفكرية وسياسية كبيرة، من خلال توفير الفرصة لشباب الباحثين من خلال الدورات التدريبية والكتابة فى أقسام المجلة، كل حسب مهارته وإبداعه. كما تعد مجلة السياسة الدولية بحكم تخصصها فى العلاقات الدولية مرجعا أساسيا لصناع القرار فى مجال السياسة الخارجية، فأى عملية رشيدة لصنع القرار، لا بد أن تعتمد على مصادر رصينة من المعلومات، وهذا ما توفره «السياسة الدولية» وغيرها من الدوريات ومراكز البحوث والدراسات من خلال نشر الدراسات العلمية والتقارير والتحليلات والملفات المتخصصة فى قضايا العلاقات الدولية، وفى القلب منها القضايا المصرية والعربية والإقليمية، وكونها «مركزا للتفكير» يجتهد فى تقديم الرؤى والخيارات والبدائل التى يأمل أن يستفيد منها صانع القرار، مما جعل المجلة بمثابة المرجع الأول للدبلوماسيين، بل للشباب الطامحين فى الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، كما ظلت المجلة، منبرا لكل إسهامات رجال السلك الدبلوماسى الذين أثروا المجلة بعلومهم وخبراتهم الواسعة . وحرصت مجلة «السياسة الدولية» دوما على أن تكون ساحة لالتقاء الأفكار وتفاعلها بين الثقافات السياسية على اختلاف توجهاتها و تعدد مشاربها، كما تهدف المجلة إلى أن يكون هناك تواصل وتعاون وتبادل للخبرات بينها وبين جميع مؤسسات العمل الأكاديمى فى مجال العلوم السياسية، الممثلة فى المراكز والهيئات البحثية وكليات الاقتصاد وأقسام العلوم السياسية فى كل الجامعات المصرية والعربية، ومختلف المنتديات السياسية ومراكزالتفكير. وأخيرا تعد «السياسة الدولية» بمثابة درة فى تاج مؤسسة الأهرام العريقة، بحكم دورها الوطنى والقومي، ورسالتها الحضارية التنويرية تجاه الأمة والوطن، ورغم التحديات التى تفرضها طبيعة التطورات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية مثل ظهور العديد من المراكز والمجلات المنافسة وهى بالطبع ظاهرة محمودة فإن «السياسة الدولية» لا تزال إحدى الدوريات الرائدة فى عالمنا العربى وستظل حافظة لمكانتها من خلال الإيمان برسالتها، والتطوير المستمر والعمل الدءوب، ومن خلال إدارتها التى تعتمد دائما على نخبة من خيرة الشباب النابهين من خريجى العلوم السياسية، ممن نهلوا من بحور المعرفة وأصقلتهم التجارب العلمية والعملية مزودين دائما بكل ما هو جديد فى العلم، ومواكبين للتطورات التكنولوجية فى مجالهم. وكثير هم الذين ساعدوا فى بلوغ «السياسة الدولية» هذه المرتبة بجهدهم وإبداعاتهم وإسهاماتهم القيمة من الباحثين والخبراء والدبلوماسيين وأساتذة الجامعات فى مصر والعالم العربي، فقد صدر عن المجلة 200 عدد خلال 50 سنة، قدمت فيها آلاف الصفحات من الفكر والعلم والثقافة، وبفضل هذه الإسهامات، ستبقى مجلة «السياسة الدولية» شمعة للبحث والتفكير والتنوير تضيء الطريق للأجيال المقبلة. لمزيد من مقالات أبوبكر الدسوقى