ملح الطعام أو كلوريد الصوديوم من الأملاح المهمة للإنسان والحيوان ولا يكاد يستغنى عنه ولو بنسب قليلة أى كائن حي، ولملح الطعام أهمية خاصة فى الصناعات الغذائية مثل الأجبان والألبان والخبز والفطائر ومن حسن حظ مصر أن ساحل البحر الأبيض المتوسط من أنسب المواقع لاستخراج الأملاح نظرا لأن هذا الساحل يتميز بميل تدريجى نحو البحر وليس صخريا مثل الساحل الأوروبى للبحر المتوسط، كما أن الشمس الساطعة تساعد على عمليات البخر وانشاء الملاحات الشمسية إلى جانب هدوء الرياح، وأهم شيء أن مياه البحر هى مصدر دائم ومتجدد للأملاح ويوجد فى مصر أربع ملاحات على ساحل البحر المتوسط هي: سبيكة بجوار العريش، وبورسعيد، والماكس بالإسكندرية، وبرج العرب أيضا يوجد على بحيرة قارون بالفيوم ملاحة تنتج ملح الطعام بطريقة فيزيائية وكيمائية تعتمد على التبخير والتبريد والتسخين كما تنتج فى الوقت نفسه كبريتات الصوديوم وكبريتات المغنسيوم ويسهم استخراج الأملاح من البحيرة فى تخفيف الملوحة بها فتصبح أكثر ملاءمة للأسماك والاحياء البحرية، ويوجد الآن مشروع جديد لملاحة أخرى على نفس البحيرة، ويتم إنتاج ملح كلوريد الصوديوم من مياه البحر حيث يمثل وحده 75% من مجموع الأملاح الذائبة فى مياه البحر ويتم إنتاج ملح الطعام عن طريق التبخير الشمسى بطريقة التبلور الجزئى فى ثلاث عمليات متتالية هي: أحواض التركيز، وأحواض التبلور، وصرف المحلول المتبقي، وتجرى عمليات أخرى لتنقية الملح ورفع جودته عن طريق الغسيل والتكرير والتعقيم، وبعدها يصبح صالحا للاستهلاك الغذائى والاستخدامات الصناعية. ويعتبر ملح الطعام عنصرا أساسيا للعديد من الصناعات أهمها: صناعة الصودا الكاوية وغاز الكلور بالتحليل الكهربائي، وكربونات الصوديوم المستخدم فى صناعة الزجاج، وكبريتات الصوديوم الذى يستخدم فى الزراعة. ويشترط لاستخدام الملح فى الصناعات المختلفة أن يكون عالى النقاوة خاليا من الشوائب كما يستخدم فى الطب لإنتاج المحاليل الطبية ومحلول الغسيل الكلوى وعلاج بعض الأمراض مثل الأنيميا وهشاشة العظام، كما يستخدم فى دباغة الجلود والصباغة وسوائل الحفر فى آبار البترول. ويحتوى جسم الإنسان فى المتوسط على 100 جرام من الملح يفقد منها يوميا عن طريق العرق والبول نحو 30 جراما ولذلك يحتاج الجسم البشرى إلى تعويض ما يفقده عن طريق الغذاء لإحداث التوازن الفسيولوجى للجسم. وكان للهند تاريخ كبير فى استخراج الملح فقد قاد المهاتما غاندى مسيرة «الملح الكبرى» عام 1930 ميلادية احتجاجا على القوانين التى فرضها المستعمر الإنجليزى بمنع المواطن الهندى من استخراج الملح أو الاتجار به وكانت هذه المسيرة ايذانا ببدء تحرير الهند من قبضة الاستعمار، ومن طرائف تاريخ الملح أنه خلال الحكم العثمانى كان يعرف باسم طز (toz) وهى كلمة تركية معناها ملح الطعام وكان معفيا من الضرائب، وكان تاجر الملح المصرى عندما يمر أمام حارس بوابة المدينة وهو يحمل أكياس الملح يشير إليه الحارس سامحا بالدخول وهو يسأل التاجر هل هو طز؟ فيرد عليه التاجر المصرى قائلا طز (toz) أى أن ما يحمله ليس سوى ملح ويمر دون تفتيش، ومازالت هذه الكلمة على اللسان المصرى العامى تدل على شيء لا قيمة له، ويتم فى مصر حاليا اضافة اليود لملح الطعام لمنع انتشار أمراض اضطرابات الغدة الدرقية وذلك بموافقة الجهات المعنية بوزارة الصحة فى صورة ايودات البوتاسيوم بحد أقصى 70 جزءا فى المليون ويحتاج الإنسان إلى اليود لتكوين هرمونات الغدة الدرقية اللازمة لوظائف المخ والجهاز العصبى وحيوية الجسم. أما بالنسبة للصادرات من الأملاح فانه يتم حاليا تصدير كميات من الملح الخام لاذابة الجليد فى دول أوروبا وكميات أخرى من الملح المغسول لاجراء عمليات التنقية والتكرير للحصول على ملح عالى النقاوة، وبلغت صادرات مصر 150 ألف طن ملح خام و100 ألف طن ملح مغسول وسوق أوروبا بالنسبة للملح مفتوحة ويمكن زيادة الصادرات منه بسهولة. والمطلوب حاليا زيادة الملاحات على شاطيء البحر المتوسط وهى عملية ممكنة وبتكلفة بسيطة، حيث أن مصر يتوافر فيها الشمس الساطعة والرياح الهادئة ومياه البحر التى هى مصدر الخام الذى لا ينضب، ويمكن فى هذه الحالة الوفاء بالاحتياجات المحلية المتزايدة من الأملاح والحصول على عملة صعبة من الصادرات التى نستطيع زيادتها باستمرار، والإنسان يمكن أن يعيش بدون ذهب ولكنه لا يمكن أن يعيش بدون ملح. مهندس مناجم استشارى بهى الدين أحمد محمود