هذا القبح الذي تبدو عليه مصر في وسائل إعلامها.. حقيقي أم مصطنع؟ وهل مصر -فقط-: انفلات أمني، ونصب سياسي، وترد اقتصادي، وفقر أخلاقي؟ نعم.. لدينا ظواهر سلبية، وأخطاء كبيرة، ولكن لدينا أيضا إيجايبات، وإنجازات، وصور مضيئة.. فلماذا غياب التوزان في كل معالجة، وتصدير الدمامة في كل مشهد، وتقديم القبح في كل سلوك، وبث السوداوية في كل رؤية؟ إنها مصر أخرى من صنع إعلام موجه يمارس هدما لا يتوقف منذ الثورة، بعيدا عن أدنى إحساس بروح المسئولية، أو التزام بالمعايير المهنية، أو احترام لمواثيق الشرف الصحفي. إعلام لم يجد في تقدم المئات للترشح للرئاسة أمرا إيجايبا، أو شيئا يستحق التحليل، بل اعتبرها "ضربة البداية للشو الإعلامي"، كما جاء في مانشيت الأهرام المسائي"، و"مولد" بتعبير جريدة "الحرية والعدالة"، وماسورة "قذفت بهؤلاء المرشحين"، كما ذكرت "اليوم السابع"! الحمى القلاعية موجودة في مصر منذ عقود، فلماذا المبالغة، والتركيز فقط على صورة العجول النافقة التي ألقى بها بعض المربين بإحدى الطرق؟ لدينا برلمان منتخب، لكنه -في نظر إعلاميين- "برلمان الإخوان والسلفيين"، وليس برلمان الشعب، لمجرد أنهم أغلبية فيه! الاختلاف حول تشكيل الجميعة التأسيسية لوضع الدستور صحي، وحضاري، لكن لماذا النفخ فيه، والترويج لتكهنات الصفقات، وملء الساحة بأجواء التشكيك، والتفتيش في النيات؟ النائب البلكيمي صاحب قصة الاعتداء الباطل عليه.. ما زال مادة للتندر، والسخرية؛ برغم اعترافه بخطئه، واعتذاره عنه، واستقالته بسببه، دون التطرق إلى أننا إزاء استقالة برلماني بسبب الكذب، مما يرسي ظاهرة سياسة جديدة. والأسوأ توظيف الحادث إعلاميا لتشويه الإسلاميين، وتغذية فزاعة الخوف منهم؛ التي أسقطتها الثورة، لكن العزف عاد عليها من جديد. وفي الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب ركزت الصحف على التجاوزات دون أن تهتم بإبراز مشهد نجاح الشعب، أو نقل القصص الإنسانية لمن وقفوا في الطوابير الممتدة لكيلومترات بالساعات، مما أبهر العالم..دونا عنا! الانتقائية، وعدم التدقيق، والشخصنة، والتحيز، وعدم الحياد والتوازن، وتغييب الحقائق، وتعميم الأحكام..صورة غالبة على إعلامنا، كأنه يقول : طالما أن الثورة أتت به..فهو قبح ثوري! والحقيقة أنه قبح إعلامي مصطنع..فمصر جميلة، وآمنة..نعم متوعكة لكنها أبدا لن تكون قبيحة. [email protected] المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد