يقدم مؤلفو كتب التاريخ المدرسية فى الدول الغربية الحضارة الإسلامية كحضارة مزدهرة, ولكن يقدمون الإسلام فى صورة سلبية، وتصحيح هذه الأخطاء يحتاج إلى نفس طويل من قبل الأساتذة الباحثين الذين يجيدون لغات و ثقافات تلك الدول, والحصول على الكتب التى يجب دراستها ثم الطبعات الجديدة من الكتب المدرسية وإجراء دراسات على الطبعات الأخيرة لمعرفة ما تم تصحيحه وتقديم كل دراسة فى حينها للمسئولين عن التعليم وعن دور النشر المدرسية.من هذا المنطلق جاء بحث ودراسة الدكتور مصطفى الحلوجى الأستاذ بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، متناولا تقديم بعض الجهود فى الدراسات العديدة لتصحيح صورة الإسلام فى طبعات متتالية للكتب المدرسية التى تمت دراستها ومناقشة الدراسات المتوالية عقب كل طبعة جديدة مع المسئولين عن التعليم و دور النشر المدرسية فى فرنسا, وأدى ذلك إلى تصحيح 90% من الأخطاء فى الطبعة الأخيرة.وأوضحت الدراسة أن كل الكتب المدرسية تشير إلى تقدم المسلمين فى الطب والعلوم والفلك والرياضيات والآداب والفنون والفلسفة.. إلخ، وعلى النقيض من ذلك فصورة الإسلام فى كتب التاريخ المدرسية الفرنسية سلبية, وذلك من خلال تقديم بعض المفاهيم الإسلامية بشكل خاطئ مثل: آيات قرآنية تأمر المسلمين بالجهاد بمعنى قتال العدو دون ذكر السياق النصى أو التاريخى أو الحربى أو أسباب النزول أو شرح و لو وجيزا ليعرف التلاميذ أن المقصود بالجهاد فى الإسلام هو الدفاع وليس الهجوم، كما تقدم الحجر الأسود كصنم يعبده المسلمون فى بعض كتب الدول التى تناولتها الدراسة مثل روسيا، كما يقدم مؤلفو كتب التاريخ المدرسية فى الدول الغربية الخلافة على أنها سلطة دينية و سياسية فى حين أن الإسلام لا يعرف السلطة الدينية، ووضع المرأة فى الإسلام من خلال تعدد الزوجات و نصيبها فى الميراث مع ذكر نصف آية التعدد، والجهاد على أنه محاربة غير المسلمين لنشر الإسلام بالقوة. وأشار الباحث إلى أن المفاهيم الإسلامية الخاطئة فى الكتب الفرنسية مثل الجهاد موجودة فى بعض كتب التاريخ المدرسية فى الدول الأخري، فالجهاد يقدم على أنه حرب مقدسة لنشر الإسلام بالقوة والنبى محمد عليه الصلاة والسلام رجل يحارب غير المسلمين لإجبارهم على اعتناق الإسلام, وذلك بدون التطرق للتعريف الكامل للجهاد فى اللغة العربية أو لذكر أسباب الغزوات التى خاضها المسلمون للدفاع عن أنفسهم ضد مشركى مكة الذين هاجموا المسلمين فى عدة غزوات حدثت بالقرب من المدينة، مشيرا إلى أن هذا التقديم الخاطئ للجهاد فى الكتب المدرسية يشجع بعض التلاميذ المسلمين فى الدول الغربية وغيرها على التطرف والوقوع فريسة سهلة فى أيدى الإرهابيين, كما يتجاهل المؤلفون آراء المؤسسات الإسلامية ذات التاريخ العريق مثل الأزهر الذى يقدم الصورة الصحيحة للإسلام منذ أكثر من ألف عام. أسباب الأخطاء وأشار الى أن الأخطاء فى معظمها كانت بسبب تقديم الآيات القرآنية وبعض النصوص العربية بعيدا عن سياقاتها والأحكام المسبقة الخاطئة التى تناقلتها الأجيال منذ الحروب الصليبية وتاريخ الامبراطورية العثمانية فى أوروبا وتاريخ الاستعمار والحملات الإعلامية ضد المتطرفين من المسلمين، يضاف إلى ذلك الاعتماد أحيانا على مراجع ثانوية أو على ترجمات خاطئة. وأضاف أن المفاهيم الخاطئة التى تشوه صورة الآخر وثقافته تؤدى إلى فقدان الثقة فى الشعوب الأخرى والخوف منها وقد تؤدى إلى تواجد الإرهاب واشتعال الحروب بين دول الشمال والجنوب، فى حين أن الاحترام المتبادل بين الشعوب والثقافات ومتابعة التصحيحات يساعد على التعاون والتعايش فى سلام.