الإساءة إلي الرسول - صلي الله عليه وسلم - جزء من حملات تشويه صورة الإسلام في الغرب. ولا شك أن هناك جذوراً وعوامل متعددة تغذي هذه التوجهات وتحركها. لعل أهمها المعلومات الخاطئة النمطية عن الإسلام التي تدرس للطلبة في المدارس والمعاهد وتساهم في تشكيل العقل الغربي وتزيد من تشويه صورة الإسلام والمسلمين ومخاطر الإسلاموفوبيا. وكانت مصر قد أدركت خطورة استمرار الصورة السلبية عن الإسلام وحضارته وأنشأت لجنة تصحيح صورة الثقافة العربية الإسلامية في كتب التاريخ المدرسية عبر العالم. وهي تابعة لوزارة التعليم العالي وضم تشكيلها علي أعضاء من مجالات وتخصصات علمية مختلفة. أغلبهم علماء وأساتذة متخصصون من كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر. نظراً لتميزهم بالجمع بين اللغة والعلم الشرعي. مما يؤهلهم للاتصال بالآخر والعكوف علي دراسة الكتب والمقررات الدراسية في الدول الأوروبية والأمريكية والقيام بمهمتهم بنجاح واقتدار. وانحصر هدف اللجنة ومهمتها في تصحيح صورة الإسلام في المناهج التاريخية حول العالم. وبدأت عملها في عام 2006. وعكفت علي دراسة كتب التاريخ المدرسية في الدول 22 دولة أوروبية. وغير إسلامية وانتهت إلي أن الإسلام كدين قد أسيء تقديمه في كتب التاريخ المدرسية التي تدرس في الدول الأوروبية وبصفة عامة في الدول غير الإسلامية. وأن صورة الثقافة الإسلامية تقدم من منظور قريب من التطرف والإرهاب. كما اكتشفت اللجنة أن مؤلفي هذه الكتب من المدرسين والمؤرخين لديهم أحكام مسبقة خاطئة عن الإسلام. استقوها من فترة الحروب الصليبية. وتوصلت إلي أنهم يخلطون ما بين الإسلام كدين وبين العادات والتقاليد المحلية السائدة في الدول الإسلامية منذ القدم أو أنهم يخلطون بين الإسلام كدين وبين سلوك بعض المتطرفين من المسلمين أو أنهم يعتمدون علي مراجع ثانوية أو ذات ترجمات خاطئة.. كما وجدت أن بعضهم يفضل إبراز البعد الحربي للنص مع إهمال السياق التاريخي أو الجغرافي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي للنص العربي أو للآية القرآنية. ووجدت من خلال فحص بعض المؤلفات أن بعض مؤلفي كتب التاريخ المدرسية في الدول غير الإسلامية يرون أن ما يقوم به المتطرفون المسلمون أو الإرهابيون من أعمال إرهابية أو ما قامت به بعض الجماعات الإسلامية أو بعض الأفراد من تجاوزات عبر التاريخ الإسلامي في ظروف معينة هو من قبيل الجهاد في الإسلام. وبينت أنهم في هذه الكتب يخلطون الأحداث التاريخية بالآيات القرآنية أو ببعض أجزاء الآيات القرآنية والتي قدمت بعيدة عن سياق نزولها التاريخي والجغرافي والديني والثقافي والاجتماعي والسياسي. ويخلطون كل ذلك بالأحكام المسبقة عن الإسلام والتي ترسبت في أذهانهم من خلال تراث ثقافي في حاجة إلي تنقية. كما يخلطون هذه العوامل بتصرفات المتطرفين المسلمين الذين يلجأون إلي استخدام العنف وبالحملة الإعلامية التي تشنها وسائل الإعلام الغربية ضد الإسلام. وأكدت أنه جري تشويه مفهوم الجهاد في الإسلام. حيث تم تقديمه في سياق حربي فقط. كما يقدم الرسول محمد كرجل حرب ينشر الإسلام بالقوة ولا يهتم المؤلفون بالسياق التاريخي والجغرافي والديني والثقافي والاجتماعي والسياسي. بالإضافة إلي تقدم الآيات دون شرح ودون تقديم سياقها فيفهم التلميذ وكذا المدرس عكس مضمون الآية أو النص.. وتقدم بعض أفعال الرسول محمد الدفاعية والأحداث التاريخية الإسلامية بعيدة عن سياقها مع التركيز علي البعد العنيف فيها وإهمال الأبعاد الأخري وربط كل ذلك بالإسلام. وأشارت اللجنة في تقريرها إلي أن بعض هذه الأخطاء بسبب الترجمة من العربية إلي اللغة الأجنبية وبعضها بسبب الاعتماد علي مراجع غير موثوق بها. ووجود اتجاه يقدم الإسلام كدين يعلي من العدوان والحرب مقدسة لنشره. وبالرغم من الجهود الكثيرة التي قامت بها اللجنة والدراسات التي قدمتها وبينت فيها الأخطاء المنهجية في الكتب الدراسية في العديد من الدول الغربية. إلا أنها عانت من الكثير من المعوقات المادية والتنظيمية التي صعبت من مهمتها وانتهت إلي توقف أعمالها تماماً وعدم استكمال باقي أهدافها والدفاع عن الحضارة العربية والإسلامية وتقديم المعلومات الصحيحة عن إسهاماتها في خدمة البشرية. توقف الأعمال كشف الدكتور محمد أبوليلة. أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية وعضو اللجنة. أن اللجنة توقفت أعمالها في أعقاب ثورة 25 يناير. مؤكداً أنه كان في مهمة بالولايات المتحدةالأمريكية بتكليف من اللجنة أثناء اندلاع الثورة لمتابعة الكتب الدراسية في مراحل التعليم المختلفة وما فيها من المعلومات عن الإسلام والمسلمين. قال إن دور اللجنة هو متابعة ورصد الأخطاء التي تخلق صورة ذهنية سلبية عن الإسلام وشعوبه ومجتمعاته. مبيناً أن أعضاء اللجنة قاموا بزيارات للعديد من الدول الغربية وغير الإسلامية والتقوا مع العديد من المسئولين عن المناهج ودور النشر والمنتديات الثقافية ودخلوا معهم في حوار متواصل أثمر عن تحقيق نتائج مهمة ساهمت في تنقية الأخطاء الموجودة في المقررات الدراسية لبعض الدول. ويؤكد أنه تمكن من اقناع المسئولين عن المناهج في ولايات هيستون الأمريكية بضرورة مراجعة كافة المعلومات الموجودة بالقرارات وتنقيتها من الأخطاء. مضيفاً أن المنظمات اليهودية فور علمها باتصالنا بالمسئولين وما توصلنا إليه معهم قاموا بالضغط علي المسئولين الأمريكان ووصل الأمر إلي حد تهديدهم بعدم شراء الكتب في ولايات هيستون إذا استجابوا للمطالب الإسلامية. قلة التمويل وأشار إلي أن هناك عقبات كانت تحد من فاعلية اللجنة وتعيق قدرتها علي تحقيق نتائج سريعة. مبيناً أن عمل اللجنة يعتمد علي اقتناع الأعضاء بأهمية ما يقومون به وهم لا يتلقون مقابل عن جهودهم. حيث يعتبرون ما يبذلونه من وقت وجهد حسبة للدفاع عن الدين الحنيف. ويوضح أنه في كثير من الأحوال كانت قلة التمويل هي السبب الرئيسي في عدم تمكناً من مواصلة جهودنا سواء في شراء الكتب والمؤلفات الغربية أو غير الإسلامية لرصد ما فيها من أخطاء أو الاتصال بالمسئولين في الدول الغربية أو السفر للتباحث وإجراء حوارات موسعة معهم وإقناعهم بضرورة الاستجابة لمطالبنا وتقديم المعلومات الصحيحة لهم. ويقول إن بعض رجال الأعمال الخيريين كانوا يتحملون تكاليف الرحلات التي يقوم بها الأعضاء ولكن بسبب الظروف العامة لم يعد هناك أي تمويل وتوقف نشاطنا تماماً. مشدداً علي ضرورة إعادة تشكيل اللجنة وإعادة تفعيلها ورصد المبالغ اللازمة التي تمكنها من القيام من واجبها والدفاع عن الإسلام.