قد لا يكون نشر هذا الحادث الهدف منه إشباع فضول القراء أو إثارة عواطفهم نحو دراما الحياة التي تغتال الحلم والبراءة وتحول النهار إلي ظلام دامس والورد إلي أشواك دامية ولكنها صرخة تحذير ضد ما يمكن أن نسميه غول الإهمال الذي أصبح يسيطر علي الشارع المصري . إما بفوضي المرور أو استخفاف السائقين بالأرواح أو عدم التزام المشرفين في المدارس والحضانات كل في مجاله بواجباتهم المقررة. إنها دراما طفل برئ بإحدي الحضانات الخاصة بمدينة دمياط الجديدة ارتدي المريله وتوجه الي الحضانه ليتعلم ويلهو مع رفاقه الا انه عاد لاسرته جثة هامدة، زياد طفل في الثالثة من عمره وحيد لشقيقة عمرها 9 أشهر، التحق بالحضانة الخاصة ليبدأ رحلته نحو الحياة الاجتماعية والالتقاء والتفاعل مع زملاء السن والمرحلة، كانت فرحته بالحياة تدفعه إلي اللعب والانتقال والحركة الذي يطلق عليها الكبار (الشقاوة) كانت سيارة المدرسة هي الأمل الذي يداعبه في لحظات اليقظة الأولي في الصباح وبمجرد أن يتناول فطوره ويرتدي ملابسة كان يخرج أمام المنزل في انتظار السيارة وكأنه يعيش حفلاً لاستقبال يوم جديد من حياة يراها مليئة بالبهجة والأمل، وفي يوم المأساة وبعد يومه المعتاد في اللعب واللهو مع رفاقه جاء موعد السيارة للعودة به إلي منزله وكالعادة كانت ترتفع صيحات الأطفال وترديدهم الأناشيد والأغنيات التي حفظوها داخل الحضانة وكانت السيارة تمر علي منازلهم طفلاً طفلاً ليذهب إلي أهله وكانت أم زياد تنتظره كل يوم بلهفة لتحتضنه وتقبله فهو أول فرحتها وثمرة زواج سعيد مع ابن عمها إلا أن الأم في ذلك اليوم القاتم وقفت ترنو إلي وصول السيارة بنفس اللهفة والاشتياق لاحتضان صغيرها ولكن أثناء نزوله من سيارة الميكروباص لم يتمكن من الوصول إلي ذلك اللقاء الحميم الذي يتكرر يومياً حيث لقي مصرعه دهساً تحت عجلات نفس السيارة التي نزل منها عندما كانت تعود للخلف وسط صراخ رفاقه الذين فشلوا في تنبيه السائق ولم يستمع لصرخاتهم ليقع صريعاً تحت عجلات السيارة الثقيلة، وتم نقله علي الفور إلي مستشفي الأزهر بالمدينة ولكن روحه صعدت إلي بارئها في أجلها المحتوم , وكان اللواء حسن البرديسي مدير أمن دمياط قد تلقي إخطارا بمصرع الطفل زياد 3 سنوات تلميذ بإحدي الحضانات الخاصة، انتقل إلي مكان الحادث الرائد محمد سرحان رئيس مباحث قسم دمياط الجديدة ، حيث أكدت التحريات أنه عقب انتهاء اليوم الدراسي وعودة الطفل المتوفي لمنزله مستقلا سيارة ميكروباص خاصة بالمدرسة قامت مشرفة الميكروباص بإنزاله أمام منزله ليعبر من أمام الميكروباص الطريق بمفرده ، ولم ينتبه السائق للطفل فصدمه فمات علي الفور , التقت ( الأهرام ) بوالد الطفل محمد رمزي عبد العزيز 34 سنة _مهندس بترول ) الذي تحدث وهو يغالب أحزانه ويتحكم في مشاعره الأليمة من هول المفاجأة قائلا أنني متزوج من ابنه عمي ( مهندسة ) والتي رفضت العمل من اجل تربية أولادنا زياد رحمه الله وروفانا 9 شهور وأنا اعمل لدي شركة بترول في القاهرة ويوم الوفاة كنت في رحلة عمل لدبي ووصلت الساعة الثالثة عصرا بتوقيت الإمارات اتصلت بي زوجتي وأخبرتني أن زياد قد أصيب في حادث فانتظرت لحظات ثم اتصلت بها ولكنها لم ترد من هول الصدمة اتصلت بعد ذلك بشقيقي الذي أبلغني بالخبر المشئوم فرجعت علي الفور في نفس اليوم علي أول طائرة عائدة. ويضيف: زياد كان روحي وعقلي فهو مولود يوم 8/8/2011 كان يعيش حياته مثل أي طفل فهو دائم الحركة جدا عصبي وعنيد وذكي إلي أكثر الحدود الا انه كان يملأ المنزل بالفرحه واصوات ضحكاته كانت تهز اركان المنزل وبريق عينيه كان يضييء جوانبه المظلمة وكنت استدفيء بانفاسه الطاهرة في ليالي الشتاء القارسه .. اصوات مداعباته لشقيقته الصغري ترن في اذني وتوقظني من نومي الذي خاصم جفوني منذ رحيله، اشعر بأن روحي خرجت مني بعد سماع الخبر كنت متعلقا به جدا كنت بنزل من عملي لمنزلي كل خمسه أيام وكان يكلمني في اليوم أكثر من 20 مرة وكان يأخذ التليفون من يد أمه ليكلمني ويرفض أن يكلمني غيرة , أخر يوم رأيته فيه كان يوم الاثنين الماضي يوم سفري ( قبل الوفاة بيوم ) بعد أن جاء من الحضانة تناول معي وجبه الغذاء كالعادة وأصر في هذا اليوم لأول مره أن يأكل معي من نفس الطبق وبعد ذلك لعب معي عدة دقائق ثم ذهب للنوم وعندما استيقظ من نومه لم يجدني فأخذ يبكي واتصل بي وقال لي ( يا بابا ماتسفرش تاني وتبعد عني ) ثم أصر أن يأكل باقي الأكل الذي كنا نأكله سويا وبعد ذلك لم أسمع عنه شئ سوي خبر وفاته . ويؤكد الأب المكلوم أنه راضي بقضاء الله ولكنني أطالب فقط بحق إبني وأطالب بالعدالة ومحاكمة المتهمين حتي يرتاح قلبي وكيف لهؤلاء بإهمالهم أن يقتلوا فلذة أكبادنا؟! وكيف لا يهتمون بأطفالنا وهم أمانة في أعناقهم ؟! وكيف يصل إهمالهم بان يتركوه وسط الشارع ليلقي مصيره ؟! ولذلك أنا قررت أن أتخذ كل الإجراءات القانونية للنهاية حتي أحصل علي حق إبني المتوفي .