بدأ التيار يتحول ضد داعش بعد زحفها المتواصل على مدن فى العراق وسوريا، وحدث ما لم تكن تتوقعه، وهو أن تأتى الضربة المضادة لها من داخلها، بعد أن أخذ المخدوعون فى شعارات التنظيم يرون بأعينهم التوحش والعداء للإنسانية، والفساد فى تنظيم جذبهم إليه بشعارات إقامة دولة تلتزم بتعاليم الدين وتحترم الإنسان. وبناء على معلومات وصلت إلى مراسل صحيفة "التايمز" البريطانية فى العراق من مصادر يوثق بها وتشرح بدايات التمرد الذى ظهر فى عمليات إنشقاق فى صفوف تنظيم داعش، يقول أن داعش تواجه عصيانا عاما متزايدا، وإرتفاع أعداد الذين ينشقون عن التنظيم، وظهور تدهور فى الروح المعنوية للمقاتلين فى الموصل بالعراق والرقة بسوريا. بالإضافة إلى تراجع خوف الأهالى، الذين بدأوا عمليات مقاومة، ظهرت بعض أشكالها فى إنتشار رسوم الجرافيتى المعادية لداعش فى المناطق التى تسيطر عليها، يضاف إلى ذلك إستياء أفراد من التنظيم من ممارسات تتسم بالفساد بين قيادات داعش الذين يفرضون على السكان الذين يريدون الخروج من المناطق الخاضعة لداعش، رشاوى تصل إلى 500 دولار للفرد. ويقول ناشطون فى جماعات المقاومة فى الموصل، وهى أكبر معقل لداعش فى شمال العراق، أن طريقة قتل الطيار الأردنى "معاذ الكساسبة" بإحراقه حيا، أثارت صدمة نفسية لدى بعض مقاتلى داعش المغرر بهم. كما وجهت هزيمة داعش فى كوبانى السورية، على يد قوات البشمرجة الأكراد، وغارات طائرات التحالف، وكذلك الضربة الجوية المصرية على مواقع التنظيم فى ليبيا، ضربات معنوية فى صفوف التنظيم. وقالت هذه المصادر أن السكان يشعرون بأن داعش سوف تطرد من مدينة الموصل، وأن خروجها من المدينة صار مؤكدا. ومن أجل مواجهة تزايد الإنشقاقات والهروب من التنظيم، أقامت داعش حواجز على الطرق الرئيسية خارج الموصل، لمنع سيارات النقل التى تمر من هذه الطرق، من نقل أى مقاتلين من التنظيم يحاولون الهرب. وذكرت مصادر من سكان مدينة "حمام العليل" جنوب الموصل، أن حوالى 15 من قيادات داعش قد هربوا خلال الأيام الأخيرة، وإستطاعوا الوصول إلى تركيا، لكى يغادروها إلى بلاد أخرى، وأن هؤلاء الأشخاص كانت معهم أفراد عائلاتهم الذين أحضروهم معهم عندما إنضموا إلى داعش، وقد تعمدوا إخراج عائلاتهم من العراق فى وقت سابق. ويقول التقرير أيضا، أن التوترات تزيد داخل صفوف داعش، بين أعضاء التنظيم من العراقيين، وبين الذين إنضموا إليهم من الجزيرة العربية، كما أن هناك نظرة شك فى المتطوعين القادمين من أوروبا، والذين يشكون فى أنهم يمكن أن يكونوا جواسيس ومتصلون بمخابرات أجنبية. ورغم أن تنظيم داعش حاول التركيز خلال حملاتهتركز فى حملاتها الدعائية عبر الإنترنت على أنه سيقيم دولة ستكون نموذجا لتطبيق تعاليم الإسلام، إلا أن ممارسات التنظيم أثبتت أنها تخالف أبسط تعاليم الدين الإسلامى، وبعض المنضمين لداعش، والذين يطبقون هذه الممارسات، تظهر صورهم وكأنهم قد جرت لهم عمليات غسيل مخ، وطمس لأبسط المشاعر الإنسانية فى نفوسهم، ومنهم من لايزال مقتنعا بأن ما يفعله هو الصواب، لكن بعضهم بدأ يتلقى الصدمات من الإفراط فى تصرفات دموية بدت لهم وكأن زملاءهم يستمتعون بلون الدم. ويقول المتابعون لحالة الإنشقاق داخل صفوف داعش، أن قوة التأثير على عقول المنضمين للتنظيم، والتى دفعتهم لترك بلادهم والسفر إلى العراق وسوريا، قد بدأ يظهر لها رد فعل مساو لها، يتمثل فى الشعور القوى بالخديعة التى تعرضوا لها، وأنهم تحولوا من أصحاب عقيدة، كما كانوا يتوهمون، إلى قطعان من القتلة التى تسفك الدماء، وتنتهك حرمات الإنسان، دون أى شعور بالندم، أو بأن ما يفعلوه يعد خطايا ضد الإنسانية والأخلاق والدين. وفى المقابل وجد زعماء التنظيم أن الحل الوحيد للتصدى للإنشقاق فى صفوف داعش، وهو إستهداف أعضائها المنشقين وقتلهم، بنفس الطريقة التى تقتل بها من إعتبرتهم أعداء لها، وقد تجلى ذلك فى عمليات إعدام فى الفترة الأخيرة لعدد من كبار قيادات داعش الذين حاولوا الهروب والإنشقاق عن التنظيم.