وضعت العديد من المراكز المتخصصة في الدراسات الاستراتيجية والأمنية مؤخراً، الكثير من الأبحاث والتقارير التي تتضمن نصائح وتوجيهات موجهة لدوائر اتخاذ القرارات، بخصوص كيفية القضاء على تنظيم داعش، التنظيم الذي انهار على يديه جيشين من أهم جيوش منطقة الشرق الأوسط، رغم قلة عدد أعضاء التنظيم وافتقاره للموارد مقارنة بالجيوش التي واجهها، وفي هذا التقرير نستعرض أهم نقاط القوة والضعف الكامنة في تنظيم داعش والتي ذكرتها مراكز الأبحاث العالمية في الأوراق البحثية الصادرة عنها. نقاط قوة داعش: صواريخ سكاد بحوز داعش صواريخ سكاد بحوز داعش 1- القوات المجهزة: رغم عدم تصنيف داعش كجيش نظامي ورغم عدم امتلاكها مصانع لتصنيع الأسلحة الثقيلة، إلا أن التنظيم يعتبر مجهز تجهيزاً جيداً، وهذا يعود إلى استطاعة داعش الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة سواء من الجيش العراقي أوالسوري، لكن بالرغم من هذا ما زالت داعش تعتمد في المقام الأول على سيارات ال”بيك أب” والعربات المدرعة الخفيفة، ومازال هناك شكوك حول قدرة داعش على توظيف الأسلحة الثقيلة التي حصلوا عليها من الجيش العراقي والسوري، مثل دبابات M1 العراقية، وصواريخ سكاد السورية، علاوة على ذلك فإن الطريقة الوحيدة التي تستطيع داعش زيادة مخزونها من الأسلحة هي عن طريق الغنائم التي تستولي عليها من أرض المعركة، كما تحوم الشكوك أيضاً حول قدرتهم على صيانة الأسلحة التي بحوزتهم. دبابة M1 بحوزة داعش دبابة M1 بحوزة داعش 2- التكيف: استطاعت داعش أن تنتقل من طور التنظيم الإرهابي الذي يستخدم أساليب وطرق إرهابية كالعمليات الانتحارية بين المدنيين، إلى مرحلة جديدة تستخدم فيه أساليب “مهجنة”،جمعت فيها بين تكتيكات الحرب التقليدية وبين تكتيكات حرب العصابات والأساليب الإرهابية، وقد تكيفت داعش مع القصف الأمريكي، حيث قامت باتباع تكتيكات جديدة أسفرت عن تقليل خسائرها، مثل تفريق قواتها وعدم التكتل بأعداد كبيرة في نقطة واحدة، وعدم التنقل في مواكب كبيرة، إنما يكون التنقل والاتصال بشكل أقل وضوحاً، بالإضافة إلى استخدام هياكل السيارات لإيهام الطائرات الأمريكية، ووضع أعلام داعش على مقرات وهمية، في نفس الوقت يستمر التنظيم في الهجوم سواء على الجبهة العراقية أو السورية. 3- خطوط الاتصال الداخلية: تتمتع داعش بقيادة وسيطرة مركزية، بالإضافة إلى شبكة اتصالات داخلية، تمكنها من إعادة انتشار قواتها على الأرض بسرعة في حالة وجود تدخل عسكري مفاجئ من قبل الجبهة المضادة سواء في العراق أو سوريا، وهذا بعكس الجانب الآخر، الذي لم يستطع حتى الأن إيجاد صيغة للتنسيق فيما بينه بهدف خلق ضغط على داعش. 4- الدعاية: تمتلك داعش آلة دعائية قوية ومؤثرة، والتي استخدمت فيها على سبيل المثال مقاطع قطع الرؤوس في إرهاب أعداءها وتحفيز أتباعها، إن التلاعب بالخوف وإدارة الأساليب الوحشية من خلال الإعلام يعتبر من أهم القدرات التي تمتلكها داعش. 5-القيادة والتنظيم: تمتلك داعش قائد كاريزمي موهوب من الناحية العسكرية الميدانية، لكن على الرغم من ذلك، هناك تهديد دائماً يواجه داعش، وذلك التهديد ممثلاً في قدرتها على إدارة المناطق الواسعة الممتدة بين سورياوالعراق، وهل بمقدرة القوانين التي وضعوها و طبقوها أن تلبي احتياجات سكان هذه المناطق أم لا. 6-أسباب التأييد: لدى داعش عدد من الأسباب التي تدعو المسلمين السنة من جميع أنحاء العالم الإنضمام إليها مثل: إعادة الخلافة، محاربة الشيعة وإيران اللذين في عداء دائم مع الطائفة السنية، مما يعطي مبرر لأفعال داعش المتوحشة، ورغم قلة مؤيدي داعش في أوساط الطائفة السنية إلا أن عددهم كافي لتشكيل الكتلة الحرجة القادرة على تكوين تنظيم عسكري قادر على إحداث تغيير، بالإضافة إلى قدرات داعش في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت في تجييش أتباع من جميع أنحاء العالم.موكب داعش 7-التنظيم الذي لا يقهر: حتى وقت قريب، كانت داعش تحقق انتصارات عسكرية متتالية، إلا أن الضربات الأمريكية الأخيرة قد أحبطت محاولات سيطرة داعش على المناطق الأخرى في محاولاتهم الدائمة لتكرارعملية الموصل المفاجئة، هذه الانتصارات العسكرية كانت من أقوى الطرق وأكثرها جاذبية والتي استطاعت داعش عن طريقها تجنيد الكثير من الشباب السني المتحمس الذي يريد صنع التاريخ وتحقيق حلمه المتمثل في إقامة الخلافة، وهذا يعود إلى سمعة انتصاراتها الأخيرة التي يحاول البعض إضفاء هالة تقديس عليها كإدعاء أن هناك مدد إلهي للتنظيم مما يجذب بعض الشرائح، لهذا إذا قدر لداعش السيطرة على كوباني والسيطرة على محافظة الأنبار في العراق، ستكون دفعة قوية للتنظيم وستكون بمثابة نكسة للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. *رغم امتلاك داعش لنقاط قوة ذكرناها، إلا أن هناك نقاط ضعف تهدد بقاء سلطة داعش، من أبرز هذه النقاط 1-تمدد القوات: يتميز أعضاء تنظيم داعش بالولاء التام للتنظيم رغم قدومهم من مناطق شتى حول العالم، إلا أن الولاء للتنظيم ليس كاف لإحكام السيطرة وضمان عدم انشقاق أتباعها، فبسبب تمدد أطراف المناطق التي تسيطر عليها داعش وبسبب قلة عدد الجنود وأعضاء التنظيم نسبياً مقارنة بحجم المناطق التي تسيطر عليها، يصبح هناك تخوف من فرص الانشقاق بالأخص من جانب العناصر التي انتمت للتنظيم بدافع المصلحة، مما يشكل نقطة ضعف تهدد التنظيم في حالة تراجعه في المستقبل أو تعرضه لهزائم متتالية. 2-التشدد: يتوقع بعض الباحثين أن تفقد داعش، حاضنتها الشعبية السنية في الفترة القادمة، وهذا يعود لعدة أسباب، منها عدم قدرة داعش توفير احتياجات السكان في المناطق الواقعة تحت يدهم في المستقبل، قسوة داعش في التعامل مع الناس، والتشدد في تطبيق القوانين الإسلامية، وما أن يجد بعض السكان الواقعين تحت حكمهم فرصة للثورة عليهم بالمساندة أو بالتنسيق مع قوى عسكرية أخرى، من الممكن أن تنتهي سيطرة داعش على كثير من المناطق. 3- إمكانية انكسار تحالف داعش: سيكون هناك حمل كبير على داعش في الفترة القادمة في محاولة منع فرط عقد الائتلاف المكون من داعش والعشائر السنية والمتمردون الآخرين الذين لا يتوافقون مع داعش في رؤاها أو مصالحها خصوصاً بعد ما أعلنت داعش قيام الخلافة الإسلامية، مثل البعثيين الجدد وجيش الطريقة النقشبندية، والجهاديين السوريين الذين انضموا لهم بالإضافة إلى المقاتلين الأجانب الذين انضموا لداعش بعد صعود نجمها، استطاعت داعش التخلص من بعض العناصر التي عارضتها مؤخراً خصوصاً من العشائر السنية، إلا أن تفكك هذا الحلف أو الائتلاف، من الممكن أن يعطي الفرصة للولايات المتحدة والتحالف الدولي للتدخل والتنسيق مع الجبهات المشنقة للقضاء على داعش. جيش الطرييقة النقشبندية جيش الطرييقة النقشبندية 4-القدرة العسكرية: يتكون الأغلبية العظمى من جيش داعش، من مجموعات كبيرة من عربات ال”بيك أب” والعربات المصفحة الخفيفة والثقيلة، والتي تعتبر ضعيفة جداً وعرضة للتدمير أمام القوة النيرانية الهائلة للسلاح الجوي الأمريكي، خاصةً إذا تكتلت هذه العربات في تجمعات أو مواكب كبيرة. 5-موارد غير كافية: عدت كثير من مراكز الأبحاث “داعش” كأغنى منظمة جهادية في العالم، حيث تكسب داعش ما بين مليون أو مليوني دولار يومياً جراء عمليات التهريب والابتزاز والضرائب، ويقول عديد من الخبراء أن لدى داعش مليارات الدولارات، ولكن إذا قسنا إمكانيات داعش بمقاييس ومقاييس الدول، سنجد أنها فقيرة، على سبيل المثال، فميزانية إقليم كوردستان والتي تحكم نفس عدد الناس تقريباً الذي حكمه داعش، حوالي 12 مليار، أما داعش فليس لديها الموارد الكافية حتى تدير هذه المساحات الشاسعة وهذا العدد الضخم من السكان. 6- العزلة والانغلاق: في النهاية، يعاني التنظيم من العزلة وعدم وجود أي سواحل على حدوده، بالإضافة إلى اعتماده على شبكات صغيرة قليلة العدد لربط قواعد العمليات في العراقوسوريا، مما يجعلها مكشوفة أمام أعدائها وعرضة للضرب في أي وقت.