يبدو أن الربيع العربي يأخذ بالفعل اتجاها آخر نحوخريف عاصف ينبئ بسلسلة طويلة من التوترات والمنعطفات الخطيرة خاصة وأن التحولات العربية نحو الديمقراطية لم تعد تحت تصرف أصحاب الشأن أنفسهم وأنما تكالبت عليهم قوي خارجية تمارس ضغوطا عنيفة بحثا عن نفوذ ومصالح محددة, وبعيدا عن جدلية أهمية أو خطورة التدخلات الخارجية ألا أن هناك مجموعة من الشواهد الداخلية والاقليمية التي تؤكد بالفعل أن هناك انحرافا عن الأهداف المنشودة للربيع العربي والتي يجب أن تصب في نهاية المطاف لمصلحة المواطن العربي وآماله في مزيد من الديمقراطية والحرية والحياة الكريمة, ولعل المشهد الابرز في هذا الشأن ما حدث في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة والتي أظهرت انقساما حادا في المواقف حول كيفية التعامل مع الأزمة السورية مما يؤكد أن القادم أسوأ وأن أنهارا من الدماء سوف تسيل بين المدنيين السوريين الأبرياء قبل أن تتحقق أحلامهم في ربيع كان يفترض أن يكون سلميا.لتعيش سوريا بذلك مشاهد من الواقع الأفغاني الذي عاشته أفغانسان مع نسائم التحرر من حكم حركة طالبان. واستكمالا لمشاهد الربيع العربي الذي يبدو أنه سيكون أفغاني الطابع, تجدر الاشارة الي مشاهد أخري متتالية لتكريس هذا المعني, وفي ما مقدمتها ما حدث قي ليبيا ونزوع أقليم برقة العلني الي الأستقلال تحت مسمي الفيدرالية أو الدولة الاتحادية وهو تطور يحمل من السمات القبلية الشئ الكثير وينذر بما هو أخطر في المراحل المقبلة, وفي مصر تأخذ المسألة القبلية شكلا آخر متمثلا فيا يجري تزامنا مع أقتراب موعد انتخابات الرئاسة التي شاب اجراءات الاعداد لها الكثير من مشاهد الارتباك من بينها تلك الآساليب الغريبة لتزكية المرشحين واللجوء لأصعب الطرق البيروقراطية بدلا من الدخول للعالم الحديث بالوسائل التكنولوجية الجديدة, فضلا عن كل هذا الحديث حول الصفقات مما يجعل من المسألة القبلية أمرا واردا حتي وأن كانت ترتدي ثوبا أكثر تمدينا, لكنها بالقطع ممارسات لها خطورتها وتجعل العملية الديمقراطية منقوصة. أما التطور الأخطر في سياق ما يمكن وصفه بالربيع العربي الافغاني هو تلك الأزمة المفتعلة والغريبة التي اندلعت بين جماعة الاخوان المسلمين والدول الخليجية نتيجة التصريحات المتعلقة بالشيخ القرضاوي وما كان لها أن تثير كل هذا التوتر أو ردود الفعل من مختلف الأطراف ولكنها علي أية حال جاءت لتعكس حجم التوتر والقلق الكامن في نفوس الكثيرين نتيجة تغيرات الربيع العربي الأمر الذي يستوجب من الجميع العودة الي الرشد والتمسك بالعقلانية بدلا من تلك الروح القبلية التي ستحول الربيع العربي الي جحيم حقيقي أو ربيع أفغاني آخر. المزيد من أعمدة عماد عريان