جاء التعديل الوزارى إيجابيا مواكبا للحدث بشكل كبير، حيث تضمن تغيير وزراء فى ست وزارات واستحداث وزارة دولة للتعليم الفنى والتدريب وعودة وزارة الدولة للسكان بعد غيبة تخللها ارتفاع معدل النمو السكانى ليصل الى نحو 3% سنويا بعد أن كان قد تناقص فى العقد الماضى الى نحو 2.6% ولعل عودة الوزارة تكون مجدية فى اتخاذ اجراءات من شأنها تحقيق نتائج فاعلة على أرض الواقع، وأركز هنا على إنشاء وزارة الدولة للتعليم الفنى والتدريب مع اشارة محدودة الى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى التى يجب أن يعمل وزيرها الجديد على اعادة تحديد الأولويات العاجلة للسياسة الزراعية المتعلقة باستصلاح مليون فدان والبرنامج الزمنى لتنفيذ ذلك والمواقع التى ستغطى تلك المساحة مع التأكد من تدقيق بيانات المخزون الجوفى من المياه وكفاية تدفقاتها على نحو يراعى العائد والكفاءة ببعديها الاقتصادى والاجتماعي، مع حل مشكلة محصول القطن واعادة هيكلة التراكيب الصنفية له والتركيز على زراعة الأصناف قصيرة التيلة التى تفى باحتياجات الصناعات القطنية بديلا عن استيرادها من الخارج واعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتلك التى لا تعمل بطاقتها كاملة بما يحقق الاكتفاء الذاتى من المنسوجات القطنية واستخراج زيت بذرة القطن وما يتبعه من تصنيع الأعلاف للثروة الحيوانية من مخلفات وبقايا البذرة والتصدير للخارج كملابس جاهزة أو غزول طويلة التيلة وفقا لما تسمح به الأوضاع فى السوق العالمية. أما بالنسبة لوزارة التعليم الفنى والتدريب فيجب أن تضم اليها جميع مراكز التدريب المهنى والكفاية الانتاجية على مستوى الجمهورية وألا يقتصر التعليم الفنى على المدارس الصناعية والزراعية والتجارية فى المرحلة الثانوية بل يجب أن يشتمل على الكليات التكنولوجية والمعاهد الفنية العالية الحكومية والخاصة والأهلية عند انشائها مستقبلا فضلا عن برامج التلمذة الصناعية بالشركات والمصانع على أن يكون الاشراف العلمى على منشآت القطاع الصناعى الخاص وفق استراتيجية يتم صياغتها وأولويات يتم تحديدها فى اطار التنمية المستدامة المستهدفة فى قطاع الزراعة والصناعة ومن المهام المقترح تضمينها لتلك الوزارة الناشئة أن يضم اختصاصها التدريب المهنى بمفهومه الواسع ليتناول جميع المهن والحرف التى يتعامل معها المواطن فى حياته اليومية سواء فى منزله فى اطار معيشته الأسرية أو فى مؤسسته ومنشآته الخاصة فى النشاط الذى يمارسه أو يعمل به بحيث يحصل جميع العمال والحرفيين والمهنيين على التدريب المتخصص والمناسب كل فى اختصاصه ومستواه المهارى بما يؤهلهم للوفاء بمتطلبات واحتياجات السوق المحلية على أن تشمل تلك المهن أعمال الصيانة فى مجالات الكهرباء والسباكة والنجارة وأعمال الالومنيوم والدهانات والنقاشة والتشطيبات. وكذلك المهن المرتبطة بإصلاح السيارات من ميكانيكا وكهرباء وسمكرة ودوكو ولحام وغيرها وصيانة الثلاجات والغسالات والراديو والتليفزيون والكمبيوتر وتابعها لأن بعض تلك المهن أصبحت مهنة من لا مهنة له وما يجلبه ذلك من مشاكل لا تقتصر على فقدان ثقة المواطن فى السوق المحلية بل وتراجع الطلب فى الأسواق العربية على هذه المهن. ومن الضرورى ان تواكب ذلك ترتيبات واجراءات صارمة مع الأجهزة والمؤسسات الحكومية من شأنها ألا يتم تجديد الترخيص للانشطة والورش القائمة إلا بعد استيفاء العمال بها متطلبات التدريب اللازمة لممارسة المهنة وذلك بعد فترة سماح من بدء ممارسة الوزارة مهامها، ولا يتم الترخيص للانشطة الجديدة فى التوسعات العمرانية والمدن الجديدة او التى تتم اقامتها لاحقا بالأحياء والمناطق القديمة إلا بعد ان يقضى العمال بها الدورات التدريبية واجتيازها بما يمكنهم من مزاولة المهنة والحصول على التراخيص اللازمة لذلك وان تخصص مواقع الورش والانشطة خارج التجمعات السكانية فى المدن والتجمعات حديثة الانشاء وبمواصفات فنية قياسية ومساحات مناسبة تصلح لتلك الاغراض. ولايخفى ان تلك التدابير تستهدف تحقيق عدة مزايا منها: 1 تحويل المهن المشار اليها من عاملين فى ورش ومحال وساحات تتسم بالعشوائية فى كل شئ ويعمل معظمها فى اطار الاقتصاد غير الرسمي، إلى منشآت تمثل صناعات صغيرة ومغذية ترتبط ببعضها مثل الميكانيكا والخراطة، والسمكرة والدوكو وتعمل فى اطار الاقتصاد الرسمى المنظم وما يمثله ذلك من زيادة القيمة المضافة والدخل القومى وايرادات الدولة من الضرائب والرسوم. 2 توفير فرص عمل عديدة ذات عائد مجز فى الصناعات الصغيرة والمهن والحرف التى يقترح ان تتولى الوزارة الاشراف على اعمال التدريب المهنى المرتبطة بها بما يحد من مشكلة البطالة. 3 تصلح هذه الصناعات والحرف لحملة الشهادات الجامعية والمتوسطة ممن يرغب فى تأسيس مجتمعات اعمال وورش وصناعات صغيرة فى المجالات المنوه عنها. 4 الارتقاء بتلك المهن وتحويلها تدريجيا إلى مهن ذات قبول مجتمعى واسع عكس ما هو الحال عليه الآن. 5 زيادة كفاءة الأداء فى تلك الصناعات والأنشطة وارتفاع انتاجية العمل بها وكذلك عائد رأس المال. 6 حماية المواطنين من جشع تلك الفئة من العمالة وتقديم خدمات ذات جودة عالية ومواصفات قياسية وبأسعار مناسبة «ويمكن النظر فى تحديد اسعار استرشادية لتلك الخدمات». 7 تخفيض الفاقد والهدر الاقتصادى والتالف والتخلص من التلوث البيئى الناشئ، عن ممارسات العمالة غير المدربة والعشوائية. 8 تشجيع القطاع الخاص والاستثمارى على الولوج فى هذه الصناعات والأنشطة على نطاق متوسط الحجم بما يسهم فى ميكنة وتحديث الآلات والمعدات ومن ثم تحسين مستوى الخدمة. 9 انشاء مراكز تدريب متخصصة على مستوى عال تراعى متطلبات الجودة والاعتماد مع ديناميكية التطوير. 10 وجود فرص لعمل تعاقدات مع الدول الأوروبية لتصدير تلك النوعية من العمالة وفقا لبروتوكولات تدريب خاصة يمكن استمرارها لفترات طويلة لتزايد الطلب فى هذه الدول على المهن المذكورة، كما يمكن عمل برامج تدريب تغطى احتياجات الطلب على العمالة الفنية فى المشروعات الكبرى بمحور قناة السويس وتلك التى سيتم ترويجها من خلال المؤتمر الاقتصادى المنعقد حاليا بشرم الشيخ. د. عبد العظيم مصطفى عميد كلية الزراعة الاسبق جامعة الفيوم