الدنيا مقلوبة علي صناعة المشروبات الغازية بعد أن استندت السلطات الصحية في ولاية كاليفورنبا الأمريكية إلي دراسة علمية تبين أن مادة تستخدم في الأصباغ الملونة لبعض المشروبات تسبب السرطان. وتفاديا لوضع تحذير علي عبوات المياه الغازية تشير إلي ان هذا المشروب يحتوي علي مواد مسرطنة, اعلنت كل من شركتي بيبسي وكوكاكولا اللتين تحتكران 90% من سوق المشروبات الغازية حول العالم انهما ستقومان باستبعاد هذه المادة إم أي أي 4 من مكونات الانتاج. غير أن الشركتين لم توضحا ما إذا كانتا سوف تستبعدان هذه المادة من نتاجهما خارج الولاياتالمتحدة والذي يمثل الآن معظم المبيعات. علامات الاستفهام حول المخاطر الصحية للمياه الغازية ليست جديدة, ومنذ اختراع أول زجاجة كوكاكولا عام 1888, والاتهامات تطارد الصناعة بأن انتاجها يمثل ضررا علي المستهلكين, حيث تشير الاتهامات إلي أن المياه الغازية تؤثر سلبا علي العظام والأسنان والكبد, غير ان هذه الاتهامات لم تثبت أبدا بطريقة علمية مؤكدة نتيجة نفوذ شركات صناعة المياه الغازية العملاقة, والتي لاتعدم وسائل في استصدار شهادات صلاحية من مراكز أبحاث وهيئات مرموقة, كما حدث هذه المرة أيضا عندما اعلنت أكثر من جهة ان المخاوف من المادة المسرطنة التي تم التأكد من وجودها بالفعل لامبرر لها.. لانها تصيب الحيوانات فقط! ؟ المعضلة الرئيسية في صناعة المياه الغازية انها تصر علي عدم الكشف عن مكونات المركزات والبودرة التي تعد المادة الأساسية في انتاج العبوة, إضافة إلي المياه والسكر, وبرغم الإلحاح الدولي علي ضرورة الكشف عن هذه المكونات, إلا ان الشركتين ترفضان الإذعان بحجة سرية الخلطة التجارية, وهو ماترك المجال لتطاير الشائعات حول طبيعة هذه المكونات السرية وأضرارها الصحية, وغير الصحية. الشركتان الرئيسيتان في صناعة المياه الغازية تعدان من أعلي الشركات ربحية حول العالم, حيث حققتا معا ما يزيد علي 12 مليار دولار أرباحا صافية العام الماضي. وبرغم التراجع في مبيعاتهما في الأسواق الأمريكية لمصلحة المنافسين من منتجي المياه المعدنية والعصائر, فإن الزيادة الضخمة في مبيعاتهما في الصين والهند والبرازيل تعوض ما فقدتاه في الأسواق الأمريكية.. فهل ينجح العالم هذه المرة في إجبار الشركات علي الكشف عن مكونات الخلطة التجارية للكولا حتي يطمئن الناس لما يشربه أولادهم كل يوم ؟ المزيد من أعمدة عماد غنيم