زعموا أنهم يمثلون الإسلام وهو برىء من تصرفاتهم .. اعتقدوا أنهم حراس وأنصار الشريعة وكل أفعالهم تخالف نصوصها .. وخدعوا الشباب بمفاهيم خاطئة لتجنيدهم ضد أوطانهم، وحثهم على الهجرة والانضمام لهذه الجماعات المارقة. وما بين التأويلات الخاطئة لمفاهيم الجهاد والخلافة وغيرها خرج تنظيم “ داعش” علينا بمصطلح دار الكفر ودار الإسلام، وطالبوا الشباب بترك الأوطان والهجرة والانضمام للجماعات المتطرفة بعد ان حول هؤلاء المارقون بلاد المسلمين الى ديار كفر. علماء الدين يؤكدون أن بلادنا دار إسلام، فهناك المساجد فى كل الشوارع وتقام فيها الصلوات الخمس، ولا يمكن أن تكون بلادنا دار كفر، فبلاد الكفر هى التى يمنع فيها المسلم من أداء الشعائر الدينية وهذا لا يحدث فى بلاد المسلمين، وأوضح العلماء أن المؤسسات الدينية فى أوطاننا تنشر الإسلام الوسطى المعتدل، والدولة تبذل جهدا كبيرا فى الاهتمام بعمارة المساجد ورعاية حفظة القرآن الكريم وتعليم العلوم الشرعية. وشدد العلماء على ضرورة أن تقوم جميع المؤسسات المعنية بدورها فى مواجهة هذه الجماعات التى تستخدم وسائل حديثة لتجنيد وخداع الشباب، وطالبوا المؤسسات الإعلامية والثقافية والتعليمية بتوعية الشباب حتى لا يقعوا فريسة لهذه الجماعات المتطرفة، التى تقنعهم بالمغامرة وترك الأوطان والانضمام إليها. وقال الدكتور رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن هذه الدعوات التى تطلقها الجماعات المتطرفة، تدل على جهل بأحكام الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن العلماء يؤكدون أن أى دولة إسلامية لا يجوز الحكم عليها بأنها تحولت من دار إسلام إلى دار كفر إلا إذا صارت كل الأحكام التى تنظم حياة الناس فيها كافرة، وكذلك أصبح سلوك الناس جميعا بعيدا عن تعاليم الإسلام، وهذا لا يتحقق فى كل البلاد العربية والإسلامية، لأن الكفر هو قمة العقوبة، والحكم بتحول دار الإسلام إلى دار كفر، يتحقق عندما لا يبقى فيها حكم واحد إسلامي، لكن مصر والدول العربية والإسلامية بهذه الصورة الإسلامية الواضحة، لا يمكن الحكم بتحولها إلى دار كفر، وكل هذه الدعوات التى تخرج من خوارج العصر، تدل على جهل بأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يجوز تكفير أى من البلاد العربية والإسلامية، لأن هذه البلاد تعلى من تعاليم الشريعة الإسلامية، كما أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث الشريف “ من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما “ . لا هجرة بعد الفتح وقال الدكتور محمد محمود أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه بعد فتح مكة انتهت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، موضحا أنه كانت هناك هجرة من دار الخوف إلى دار الأمن، وذلك عندما هاجر المسلمون من مكة إلى الحبشة، ثم كانت هناك هجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام فى المدينةالمنورة، وبعد فتح مكة لم تعد هناك هجرة، وذلك كما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “ لا هجرة بعد الفتح “، وذلك يؤكد أن كل التصرفات والدعوات التى تطلقها داعش وغيرها من الجماعات ليس له أساس من الصحة، وهذا الفكر المنحرف يتطلب حوارا مع الشباب لبيان حقيقة هذه المصطلحات، وأن هذه الجماعات تضللهم وتطلب منهم الهجرة من أوطانهم والانضمام إليها، لتحقيق مصالح ومكاسب دنيوية، فالإسلام برىء من تصرفات هذه الجماعات، التى أصبحت تكفر بلاد المسلمين، وتضع الشباب فى حالة عداء مع أوطانهم، رغم أنه ليس هناك عداء بين مصلحة الدين ومصلحة الوطن . أوطاننا بلاد إسلام ويضيف د. أبو هاشم أن أوطاننا والحمد لله بلاد إسلام، ولا يخلو شارع فى مصر أو البلاد العربية إلا ويوجد به مسجد، يرفع فيه الآذان وتقام فيه الصلوات الخمس، وهناك الكثير من مظاهر التدين، والدولة تنفق الكثير على عمارة المساجد ونشر العلوم الشرعية ورعاية حفظة القرآن الكريم، ولدينا المؤسسات الدينية التى تعلم سماحة وعظمة الإسلام وسعة أفقه، ولدينا الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية ونقابة الأشراف، وهذه المؤسسات تمثل الإسلام الوسطى المعتدل، تعمل على نشر الدعوة وغرس القيم والمبادئ، ولذلك نقول للشباب كيف تسيرون وراء هذه الدعوات الكاذبة، التى تهدف لتدمير عقولكم بالأفكار الشاذة، وتضع الناس فى حالة عداء مع الأوطان، وهذه قضية غاية فى الخطورة، فالشباب هم عماد الأمة ومستقبلها، وكل هذه الدعوات التى توجه للشباب وتهدف لتغيير فكرهم، تمثل خطورة على البلاد العربية والإسلامية، لأننا نعيش فى أمن وسلام واستقرار، وهناك وحدة وطنية وتلاحم بين أفراد الشعب، لكن هذا لا يرضى هذه الجماعات المتطرفة، التى تسعى لضرب هذا الاستقرار، من خلال خداع الشباب والتغرير بهم، وهم بذلك يستغلون حماس الشباب، ويقومون بتفسير بعض النصوص، بشكل خاطئ، فمصطلح دار الكفر، يطلق على البلاد التى يمنع فيها المسلم من أداء شعائر الإسلام، وهذا غير موجود فى جميع البلاد العربية والإسلامية، فهناك اهتمام بعمارة المساجد، وكذلك هناك اهتمام بنشر سماحة الدين وتدريس العلوم الشرعية ونشر الوسطية، وهذا دليل على كذب وافتراء هذه الجماعات المتطرفة، ولابد أن يكون ذلك واضحا أمام الشباب حتى لا ينخدعوا بهذه المصطلحات. متاجرة بالدين وفى نفس السياق يوضح الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن ما تبثه داعش من دعاية لتجنيد الشباب المغامرين للانضمام إليها، كلها أمور بعيدة عن الصواب تماما، ذلك أنهم يحاولون إقناع الشباب بأن الانضمام إلى داعش والمغامرة فى الوصول إليها، يعد طريق الجنة وللوصول للحور العين، وكل ذلك غير صحيح وافتراءات، كما أنه يعد استغلالا للدين للوصول إلى أهداف دنيوية، والمشكلة تتمثل فى أن كثيرا من الشباب قد ينخدع بهذه المصطلحات، والشباب الذى انضم لداعش وغيرها، لم يجد من يوضح لهم هذه الحقائق، وهنا نؤكد أن هذه الجماعات تستغل الدين للوصول إلى أهداف دنيوية، والدين برىء من تصرفاتهم، والدليل أنهم يستغلون الدين، يظهر واضحا فى أنهم يزعمون أن من يهاجر إليهم يدخل الجنة، لأنهم يدركون أن الجميع يريد الجنة، ولذلك يتم المتاجرة بالدين لتجنيد الشباب، وهنا لابد أن تكون المواجهة بالفكر وتصحيح المفاهيم لمنع تجنيد الشباب فى هذه الجماعات، وذلك بالإضافة لغرس حب الأوطان فى نفوس الأجيال الجديدة، لأن هذه الجماعات تحاول دائما أن تخدعهم وتجعلهم فى حالة عداء مع أوطانهم، من خلال تكفير المجتمعات التى يعيشون فيها، وتطالبهم بالهجرة من هذه البلاد لأنها دار كفر، فالتوعية الدينية هنا ضرورة لتصحيح المفاهيم لدى الشباب وتوعيتهم بمخاطر هذا الفكر المنحرف . خداع لتجنيد المراهقات ويشير الدكتور حامد أبو طالب، الى أن هذه الجماعات بدأت تستخدم أساليب جديدة لتجنيد الشباب، وهذه الأساليب تستخدم مع شريحة فى المجتمع، وخصوصا الفتيات المراهقات، حيث يوهمهن بالزواج من أشخاص على درجة كبيرة من الوسامة، وينشرون صور هؤلاء الشباب على شبكة الانترنت، بهدف تجنيد الفتيات المراهقات، فهذه الجماعات لديها القدرة على استخدام وسائل التواصل الحديثة لتجنيد الشباب، وهذه القضية تحتاج إلى مواجهة أيضا، لأنهم عبر وسائل التواصل الحديثة، يطالبون الفتيات بالهجرة إليهم للزواج، ونجد مغامرة من الفتيات المراهقات للذهاب إلى هذه الجماعات للزواج، بدعوى أن هذا الزواج سيكون بداية الطريق إلى الجنة، وكل هذه افتراءات وأكاذيب تقوم بها الجماعات المتطرفة، والتى تركز على فئة الشباب، وتستغل حماسهم، وتخاطبهم عبر الوسائل التى يستخدمونها، ولذلك لابد أن تقوم مواجهة هذه الجماعات، على أسس الحوار مع الشباب والتواصل معهم، عبر وسائل التواصل الحديثة، والرد على كل هذه الأكاذيب من خلال العلماء المتخصصين، ولابد أن تقوم وسائل الإعلام المختلفة بدورها فى هذه المواجهة، بالإضافة لدور الأسرة والمؤسسات الثقافية والتعليمية .