ربة منزل فى منتصف الثلاثينيات من عمرها، أصيب زوجها منذ عدة أشهر بجلطات فى القلب أقعدته عن العمل ففقد مصدر رزقه الوحيد، حيث كان يعمل قهوجيا، ولديهما أربعة أبناء، أكبرهم عمره ثمانية عشر عاما، ويعانى هو الآخر حولا فى عينيه وضعفا فى النظر، وكان يتردد على عيادة الرمد، ويتناول أنواعا عديدة من القطرات، ولكن نتيجة لمرض والده والظروف القاسية التى تعيشها أسرته، أهمل العلاج، وتدهورت حالته، حتى فقد النظر فى احدى عينيه وترك التعليم فى المرحلة الاعدادية لمساعدة أسرته، فعمل قهوجيا أيضا، وأصبح العائل الرئيسى لها، وذات يوم، وفى أثناء مروره بالشارع صدمته سيارة ميكروباص، وأطاحت به إلى الجانب الآخر من الطريق، وأصيب بكسور فى وجهه، وفى عظم العين الأخرى التى يرى بها بشكل طفيف. وأجريت له جراحة لتركيب شرائح ومسامير وبعد فترة قصيرة من العلاج، والتغيير على الجروح فوجئت والدته أن عينه السليمة تظل مفتوحة ليلا ونهارا ولا يستطيع أن يغمضها أبدا، ولم يبح لها أنه لم يعد يرى بها لإحساسه بالمسئولية تجاه أبويه وأشقائه الثلاثة، ومازال يخضع للعلاج والمتابعة، كما يحتاج إلى جراحة عاجلة فى عينيه على أمل أن يسترد نظره من جديد. ولا تعلم هذه الأم كيف تدبر نفقات علاج زوجها وابنها معا، خاصة بعد تعرضه لهذا الحادث الأليم، الذى أفقده نظره وعمله أيضا، وبرغم الضيق الذى يعيشون فيه، فإنها لم تستسلم لهذه المأساة، بل ذهبت للعمل فى البيوت حتى تواصل مسيرة الحياة وتنقذ أسرتها من الجوع والتشرد، ولكن كل ما تحصل عليه من أجر تسدد به ايجار الشقة التى يسكنون فيها وكل ما ترجوه هو أن تجد من يساعدها فى توفير الأدوية لزوجها وابنها، وينقذ أسرتها من التشرد. إيناس الجندى