اللي غرق دراه"...كان هذا المثل الشعبي المصري الدارج هو حال المزارع اللبناني هذا الشتاء ،حيث أجهز الصقيع والثلوج علي المحاصيل اللبنانية من التفاح والموزوالزيتون والخضراوت والموالح وبقية المحاصيل الزراعية بعد تعرض لبنان لثلاث عواصف ثلجية خلال شهور الشتاء. وصلت بدرجة الحرارة إلي مادون الصفر مما جعل من جني المحصول خسارة لصاحبه، حيث إن تكلفة الحصاد تفوق قيمة المحاصيل عند بيعها ،لذا ترك المزارعون محاصيلهم الشتوية خاصة الموالح لتتساقط ثمارها تحت الأشجار ومن ثم تصبح سمادا بدلا من دفع الأموال لحصادها وبيعها بأقل من قيمة التكلفة. وحتي المحاصيل التي تم جمعها بيعت بأسعار تفوق قيمتها الفعلية نظرا لقلة المعروض وكثرةالطلب ،أما تلك المحاصيل والفواكه التي خصصت للتصدير واجهت عقوبات جمة أدت إلي خسارة المزارعين اللبنانيين الذين طالبوا الدولة بالتعويضات عن خسائرهم ولكن هيهات لمن ينادي. وحول تصدير التفاح مثلا أشارت وزارة الزراعة اللبنانية الى انه بمراجعة السلطات المصرية تبين أن تسع شحنات تفاح ، تمثل حوالى 20 % مما تم تصديره، لم تتوفر عليها دقة البيانات الموجودة على عبوات التصدير، وفقاً للاجراءات التي ينص عليها القانون المصري والتي تتوافق وقوانين التجارة الدولية، ومن ثم تم توقيفها،وأمهلت الحكومة المصرية للمصدرين اللبنانيين مهلة لتعديل بيانات العبوات داخل الموانئ المصرية، وبالتالي تم الافراج عن تلك الشحنات على الفور. أما شحنات البطاطس والموزالمصدرة إلي سوريا، فقد فوجئ المصدرون اللبنانيون عند منطقة المصنع فى الحدود اللبنانية السورية، بقرار رسمي لبناني، بتوقيع من مكتب الحجر البيطري التابع لوزارة الزراعة، يحول دون تصدير البطاطس الى سوريا بحجة ان السلطات السورية لم تسمح باستيراد البطاطس اللبنانية ،مما جعل سعر البطاطس والموزلايغطي مصاريف حصادها فبيعت في الأسواق بأقل من قيمتها الفعلية. وكان للأزمة السورية تأثير واضح في القطاع الزراعي اللبناني، خصوصاً بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من الأراضي السورية، ما أثر في النقل البري وحوّله إلى مخاطرة. وانعكس هذا الوضع على حركة التصدير إلى سورية والدول المجاورة، فارتفعت أسعار النقل ثلاثة أضعاف، ما حرم المنتجات اللبنانية من القدرة على المنافسة في سوق ضعيفة أصلاً. وتشير التقارير الرسمية إلى أن الكارثة الزراعية الناجمة عن سوء الأحوال الجوية، ساهمت في القضاء على 20 - 40 في الامئة من المحاصيل الزراعية التي ينتجها لبنان. وتضرر إنتاج الموز بنسبة90% على الأراضي الساحلية، ما ساهم في زيادة الخسارة المادية للمزارع. ويرجع تاريخ الزراعة في لبنان إلى عهد الفينيقيين، عندما بدأت أولى عمليات التجارة في شرق البحر المتوسط، وكان النبيذ، التي تعتبر صناعته صناعة تراثية فلكلورية في لبنان والشام حيث تعود لقرابة 5آلاف عام، من أبرز المنتجات الزراعية التي كان هؤلاء الناس يتاجرون بها. وتتركز الصادرات الزراعية اللبنانية في الدول العربية بشكل رئيسي،حيث كانت تستورد السعودية وحدها 30% من إجمالي الصادرات ،وذلك قبل الحرب الدامية في سوريا منذ 2011 وحتي الآن، حيث يصعب تصدير المنتجات إلي دول الخليج لصعوبة مرور الشاحنات عبر سوريا مرورا بالأردن ثم دول الخليج ،ولذلك تراجعت أسعار المنتجات الزراعية اللبنانية بعد الأحداث السورية نظرا لكثرة المعروض وانعدام التصدير لدول الخليج. ويشهد الإنتاج المحلي اللبناني منافسة قوية في الأسواق العربية من المنتجات المحلية، خصوصاً الأسواق التي تُعتبَر تقليدية للمنتجات الزراعية اللبنانية، مثل السعودية وسورية ومصر والمغرب، وحيث إن تكلفة الإنتاج في لبنان مرتفعة ، ما يؤدي يفضل المستهلكون المنتجات الأقل تكلفة. لكن اللاجئين السوريين في لبنان، ساهموا في إسعاف القطاع الزراعي، إذ تشير إحصاءات رسمية إلى وجود ما يقارب مليوني سوري في لبنان نزحوا جراء الأزمة، ما ساهم في تحويل إنتاج الخضراوات إلى السوق المحلية، ورفع من إنتاجية هذا القطاع وعزز الأسعارحسب بيانات القطاع الزراعي اللبناني.