حماس دخلت مرحلة الصدام المباشر مع مصر .. فبعد نحو شهر من اصدار محكمة القاهرة للامور المستعجلة حكمها القاضى بادراج "كتائب القسام" الجناح العسكرى لحركة حماس كمنظمة إرهابية أصدرت ذات المحكمة حكما باعتبار حركة حماس حركة إرهابية أيضا , الأمر الذى شكل صدمة فى أوساط الحركة , وأثار جدلا واسعا ربما خرج من إطار الإدانة إلى إطار التحريض العلنى , وخلعت بعض قيادات الحركة رداء الكياسة الدبلوماسية فشنت هجوما ضاريا على الحكم الذى اعتبرته سياسيا بامتياز , وذهبت إلى أكثر من ذلك حيث اعتبرت هذه القيادات أن الحكم بمثابة إعلان حرب قريبة على الحركة وضربها فى عقر دارها .. "هذه الضربة بمثابة استعراض للقوة من بعض السياسيين المصريين وربما يقتل أطفال" ..! لماذا سارعت بعض قيادات حماس لتأجيج الوضع وافترضت أن الحكم بمثابة تصريح للرئيس السيسى بضرب قواعدها فى غزة ؟! ولماذا تشيع أجواء السخط رغم أن السلطة الرسمية لم تعلق على الحكم حتى الآن ؟ ولم تلمح من قريب أو بعيد عن احتمالية توجيه ضربة عسكرية للحركة فى غزة , على غرار ما حدث فى ليبيا كما صرح "صلاح البردويل" أحد قيادات حماس فى غزة ! وفى الوقت ذاته استبعد آخرون من قيادات الحركة توجيه هكذا ضربة وطالبوا خادم الحرميين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التدخل والضغط على الرئيس السيسى أثناء زيارته للسعودية لفتح معبر رفح ووقف المواقف العدائية تجاه حماس , ما يؤكد تباين الآراء داخل الحركة تجاه الأزمة القائمة مع النظام فى مصر . لماذا تغافلت حماس ما يقترفه عناصرها من اختراقات للأمن المصرى فى سيناء ؟ رغم تكذيبها المستمر لذلك ! ورغم ثبوت تورطها فى العديد من العمليات المشبوهة التى تخدم الاخوان ! هناك خلط واضح ومتعمد من بعض قيادات حماس فى تصدير الأزمة إلى مصر , فالحركة التى تعانى من انحسار مواردها بعد تفجير معظم الأنفاق وتضييق الخناق عليها بعد سقوط الاخوان , تعلم أن الضربة الجوية التى وجهتها مصر إلى معاقل تنظيم داعش فى ليبيا جاء على خلفية ذبح 21 مصريا بدم بارد والاعتداء السافر على هيبة وكيان الدولة والأهم أنه جاء بالتنسيق مع الحكومة الليبية الشرعية للبلاد وموافقتها ! فالمقارنة إذن فى غير محلها ولا تهدف سوى تأليب الرأى العام الفلسطينى , وشحنه للانفجار فى تجاه مصر نظرا للحالة الاقتصادية المأساوية والحصار الذى يعانيه قطاع غزة منذ سنوات , ووضع حركة حماس فى دائرة الاغلاق المحكم , غير أن هذا الاحتمال لن يحدث لأسباب تتعلق بالوضع المحلى والاقليمى , كما أن احتمال الانفجار الداخلى هو الأضعف وسيأتى نتيجة للضيق الذى يتعرض له المواطنين فى غزة , ويبقى الاحتمال الأبرز وهو الانفجار فى تجاه اسرائيل رغم التهديدات التى اطلقتها اسرائيل فور صدور القرار وتبدو للشو الاعلامى فقط , نظرا لانشغالها فى الأسابيع القادمة بالانتخابات الحكومية فضلا عن أنها تعتبر حماس ارهابية منذ مدة طويلة . الخيارات المطروحة أمام حماس تصب فى النهاية إلى تصحيح سياستها داخليا وخارجيا , فلم يعد أمامها سوى العودة للحضن الفلسطينى , وتقديم عدة تنازلات أبرزها تمكُن حكومة الوفاق الوطنى وتسليم المعابر للسلطة الفلسطينية والتعاون الأمنى بشأن ملف سيناء , واعتقد ان الحراك الذى بادرت به حركة الجهاد الفلسطينى وقامت بالوساطة بين حماس ومصر يفضى إلى نفس النتيجة , لكن يظل الأمر مرهون بموافقة حركة حماس التى لم تحدد موقفها من مبادرة الجهاد الاسلامى بعد !! لمزيد من مقالات جيهان فوزى