بالرغم من أن قوات "فجر ليبيا" التى تتخذ من طرابلس معقلا لها تعتبر الخصم الرئيسى للجيش الليبى ومجلس نواب طبرق فى صراعهما السياسى والعسكرى الذى فاقم الأزمة الليبية، فإن المتغيرات على أرض الواقع جعلت الجيش الليبى يؤجل من مواجهته مع قوات "فجر ليبيا" من أجل حسم المعركة الأخطر، وهى معركة درنة التى يسيطر عليها تنظيم "داعش". فقد أعلنت عملية "كرامة ليبيا" التى يقودها اللواء خليفة حفتر على لسان محمد الحجازي، المتحدث الرسمى باسمها، أن الجيش الليبى يحاصر مدينة "درنة" من أربعة محاور، ويتحرك وفق استراتيجية مرسومة، وأن قواته تتمركز فى مناطق تبعد عن مدينة "درنة" بنحو عشرة كيلومترات، لافتًا إلى أن مداخل المدينة فى مرمى نيران الجيش، وأنه بانتظار الأوامر للتحرك. وقال الحجازى إن القوات الجوية ترصد بدقة الأهداف التابعة لقوات تنظيم" داعش" وحلفائه من تنظيم "أنصار الشريعة"، وسوف تقوم القوات الجوية بقصف هذه المواقع لفتح ممرات لدخول القوات البرية إلى المدينة من اجل حسم المعركة . وتتزامن هذه الخطوة المفصلية مع قيام اللواء خليفة حفتر بأداء اليمين القانونية اليوم قائدا عاما للجيش تحت قبة البرلمان الليبى الذى سيشهد مراسم تنصيبه، وترقيته إلى رتبة فريق من قبل رئيس مجلس النواب القائد الأعلى للجيش المستشار عقيلة صالح قويدر. وظهرت لأول مرة مجموعة من تنظيم "داعش" تحمل رايات التنظيم السوداء، وتردد شعاراته المعروفة بالخلافة الإسلامية فى مدينة درنة فى شهر أكتوبر الماضي، فى موكب ضخم من سيارات الدفع الرباعى التى تحمل مسلحين من التنظيم وسط شوارع المدينة التى تسيطر عليها جماعات مسلحة، مرددين شعار "دولة الإسلام.. باقية"، وهو الشعار الذى يعرف به تنظيم "داعش" الذى يسيطر على مساحات واسعة شرق سوريا وغرب العراق. وتكتسب مدينة درنة أهميتها من موقعها الاستراتيجي، فهى مدينة جبلية تقع على ساحل البحر المتوسط فى شمال شرق ليبيا، يحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل، ويشطر المدينة مجرى الوادى إلى شطرين وهذا الوادى يسمى وادى درنة وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة فى ليبيا، وتشتهر المدينة بموقعها وبأحراشها الجبلية، وترتبط درنة مع مدينة شحات بطريقين، الأول هو الطريق الرئيسى الداخلى المار بمدينة القبة وهو جزء من الطريق الساحلى الليبي، والثانى هو الطريق الساحلى المار بمدينة سوسة ورأس الهلال. كان مجلس شورى شباب الإسلام، فى درنة، قد أعلن مبايعته ل "داعش" ودعا المجلس الذى أعلن "إمارة إسلامية" فى درنة، إلى تجمّع جماهيرى فى "ساحة الصحابة" وسط المدينة، لإبلاغ السكان بقرار المبايعة، وجاء إعلان مقاتلى درنة مبايعتهم "داعش" بضغط من أبرز تنظيماتهم وهو "أنصار الشريعة"، وشكل بيان المبايعة مخاوف لدى ثوار ليبيا، سواء من القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، أو من المناهضين له من قوات فجر ليبيا، وبعض القوى التى أسقطت نظام معمر القذافي. ويرى الخبراء الأمنيون أن ليبيا فى ظل سيطرة الجماعات المتطرفة أصبحت ممراً لمقاتلين من دول أخرى إلى سورياوالعراق، وبالتالى فليبيا أصبحت مخبأ للجماعات المتشددة، وأن مبايعة الجماعات المتطرفة الليبية لتنظيم "داعش" ينسف المصالحة التى تقودها الأممالمتحدة فى ليبيا. وتواترت الأنباء أخيرا عن قيام عناصر من تنظيم "داعش" فى مدينة درنة الليبية بالخروج من المدينة منذ عدة أيام لمنطقة رأس الهلال الجبلية، حيث أكدت مصادر من داخل المدينة أن المجموعات التى تتبع التنظيم هربت من المدينة إلى منطقة "رأس الهلال" الجبلية المجاورة، مشددين على أن أغلب المعسكرات والمبانى الحكومية التى تشغلها الجماعات الموالية للتنظيم باتت خالية على عروشها، وقد يكون ذلك بسبب الضربات المتتالية التى شنها الجيش الليبى ضد قواعد التنظيم، وأيضًا الضربات الجوية التى استهدفت قواعد التنظيم فى المدينة جعلته يتكبد خسائر هائلة، وفقد كثيراً من المناطق التى استولى عليها. وفى الوقت نفسه، ينفى قادة التنظيم ذلك، وتوعدوا بمواصلة عملياتهم ومحاربة قوات الجيش الليبى لتطهيرها من الطواغيت والمرتدين بحسب تعبيرهم.