قبل سنوات رأيت أن المسرح المصرى يغير جلده ويقدم جيلا جديدا من الشباب الموهوب المتكاتف الذى يفكر ويحلم بطريقة مختلفة.. وكان شاهدى على ذلك التغير عرض قهوة سادة وعرض شيزلونج وهما عرضان شبابيان اعتمدا على الإبداع الجماعى والتدريب الجاد والموضوع المرن الذى يسمح للعرض بالتغير والتفاعل مع أحداث المجتمع اليومية وبعدهما كثرت العروض المسرحية من هذه النوعية وأصبحت شديدة الجاذبية لجمهور الشباب بشكل خاص ولعشاق المسرح بشكل عام. ولكن تجربة «1980 وأنت طالع» التى تعرض منذ عامين على مسارح مختلفة وحاليا مسرح الهوسابير كان لها مذاق مختلف وطبيعة خاصة فهو عرض لم ينتجه البيت الفنى للمسرح شأن «شيزلونج» ولم يدعمه صندوق التنمية الثقافية فى مركز الإبداع شأن «قهوة سادة» بل هى مسرحية الفت وأنتجت وأخرجت وصنعت كل عناصرها بجهود ذاتية وتمويل شخصى من جيوب وحصالات الشباب أصحاب التجربة وهم جميعا من مواليد 1980 وأنت طالع ويعبرون عن أحلام وطموحات ومعاناة جيلهم من خلال لوحات مسرحية مكثفة تحكى مشاكل كثيرة منها صعوبة العمل وصعوبة الزواج وصعوبة التحقق وعدم اعتراف الآباء بهم وضبابية المستقبل ولأنهم غير خاضعين لتمويل حكومى من أى نوع فسقف الحرية السياسية يرتفع ويثير السخرية والضحك من سلبيات كثيرة فى رؤيتهم منها لوحة ذكية وخفيفة الظل تتصور طلب شاب عمل مظاهرة ومحاولته لاتخاذ الاجراءات القانونية للتظاهر ضد الحكومة فيتصل بخدمة المظاهرات السريعة على طريقة الدليفرى ليجد الحفاوة والترحيب عبر الهاتف من الموظف المختص فى حوار كاريكاتورى يشعل الصالة بالضحك ولوحة أخرى تصف محاولة مجموعة شباب يهوى ممارسة رياضة تسلق الهرم. ثم يتضح فى النهاية أنهم قصدوا الابتعاد لتدخين المخدرات ونسيان الواقع. ولوحة ثالثة تتصور مستقبل الحياة فى مصر عام 2150 ولوحة رابعة تسخر من الانحلال الخلقى والابتعاد عن القيم المصرية والعرض فى مجمله جاذب شديد الحيوية وشديد التعايش مع مشاكل الشباب من جيل 1980 وأنت طالع وإن كانت الإضاءة فيه وضبط المؤثرات الصوتية مع أداء الممثلين يحتاجان إلى مجهود أكبر من فريق العمل كتب النص محمود جمال الذى شارك فى التمثيل وأدى دور الشاب الذى يقود سيارته فى طريق ضبابى يمثل ثورة الشباب ولا يرى هل يكمل الطريق برغم الشبورة أم يعود ويلغى مشروعه بالكامل وشارك بطولةالعمل بالتساوى مجموعة كبيرة هى سمر النجيلى ووليد عبدالغنى وعلى حميدة ومروة صباحى ومحمد خليفة وإيهاب صالح وأمنية حسن ومحمد زكى ومصطفى السحت وعاصم رمضان .. وأخرج المسرحية محمد جبر الذى أثبت برغم الهنات البسيطة أنه مخرج واعد يمتلك رؤية وإحساسا فنيا عاليا وتصميما على النجاح بأقل الإمكانات المتاحة وفى تصورى أن جيل 1980 وأنت طالع ينطلق بكل ثبات ورسوخ إلى المستقبل وسيشهد المسرح المصرى على يديه صحوة حقيقية.