100 ألف جنيه تراجعًا بأسعار كوبرا ليون الجديدة خلال مايو.. التفاصيل    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    ترامب وولي عهد السعودية يوقعان اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    لوف: أداء منتخب ألمانيا بدوري الأمم الأوروبية قد يعزز فرصها في كأس العالم    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    7 متهمين بينهم 4 سيدات.. التفاصيل الكاملة لفيديو خناقة بالشوم داخل مسجد السلام    الصور الأولى من حفل مهرجان كان.. بحضور جولييت بينوش وروبرت دي نيرو    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    المتحف المصري الكبير يستضيف النسخة ال12 من فعالية «RiseUp 2025»    عدة عوامل تتحكم في الأسعار.. رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: السوق يعاني حالة ركود تصل ل50%    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية بالتجمع    الداخلية تستقبل الشباب المشاركين فى برنامج القمة العالمية للقيادات الشبابية الإعلامية(فيديو)    لتقديم عرض أنيق بمهرجان كان السينمائي في دورته ال 78 .. "العُري ممنوع على السجادة الحمراء و أي منطقة أخرى"    بملابس جريئة.. ميريام فارس تخطف الأنظار في أحدث ظهور وتغلق خاصية التعليقات    «الكرافتة والسجاد».. ما دلالة اللون البنفسجي في استقبال ترامب بالسعودية؟    رئيس الوزراء يتابع الإجراءات اللوجستية لاحتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    "الحق فى الحياة وحرمة التعدى عليها" ندوة علمية لمسجد الغرباء بالفيوم    إحلال وتجديد أثاث الغرف بالمدن الجامعية بجامعة سوهاج ب9 ملايين جنيه    محافظ القاهرة: نسعى لتحسين جودة حياة المواطنين بالعاصمة والقضاء على المظاهر العشوائية    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    بين زيارتين.. ترامب يعود إلى السعودية دون عائلته لأول مرة منذ 2017 (تقرير)    التصريح بدفن جثة سائق توك توك لقى مصرعه على يد عاطل فى شبرا الخيمة    السجن المؤبد لشقيقين لاتهامهما بقتل شخص بمركز دار السلام فى سوهاج    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    النائب مصطفى سالم ينتقد وزارة الشباب: ملاعب معطلة منذ 10 سنوات وعلى الوزارة تحسينها    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    لصوص يسرقون مليون جنيه من شركة سجائر بأسوان والأهالي يعيدون المبلغ    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سوزوكى بالشرقية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    وزير الصحة يبحث مع وفد البنك الدولي تعزيز التعاون في ملف التنمية البشرية    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقول أبنائنا فى المزاد!
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2015

البنية الأساسية لمدارسنا وجامعاتنا لا تسر عدوا ولا حبيبا. النظرة الأولية تؤكد الحاجة الملحة إلى بناء وتجهيز مدارس وكليات جديدة وترميم الأبنية التعليمية القائمة، وهى حاجة يؤكدها الواقع المعيش من تكدس مدرجات الكليات بالجامعات الحكومية، وتكدس الفصول فى المدارس، والعمل على فترتين دراسيتين أو أكثر، فضلا عن معاناة العديد من القرى فى الأقاليم من أن أقرب مدرسة متاحة تقع على بعد عدة كيلومترات.
لا توجد بالطبع أى أرقام رسمية منشورة عن عدد المدارس الآيلة للسقوط وتلك التى تحتاج إلى ترميم، أو بيانات عن مستوى تجهيزات المعامل فى المدارس والكليات العملية، و مدى توافر التجهيزات والخامات اللازمة فى المدارس الصناعية. ومع ذلك فإن هناك بعض المؤشرات التى يمكن أن توضح مدى الحاجة لزيادة الإنفاق على بناء وتجهيز المدارس. لن نتحدث عن الأخبار التى تطالعنا بها الصحف من وقت لآخر عن سقوط حائط مدرسة على تلاميذ صغار أو رصد لحالات مبان متداعية ودورات مياه غير آدمية أو غير موجودة أصلا. سنتحدث عن الأرقام الرسمية لوزارة التربية والتعليم التى تؤكد أن المدارس التى تعمل فترتين أو أكثر تمثل نحو 22% من المدارس الثانوية التجارية ونحو 19% من المدارس الثانوية الزراعية وأكثر من 35% من المدارس الثانوية الصناعية. البيانات الرسمية لوزارة التربية والتعليم تؤكد أيضا أن كثافة الفصل فى المدارس الحكومية تدور فى المتوسط حول 43 تلميذا فى القاهرة و 47 تلميذا فى الإسكندرية وتصل إلى أكثر من 52 تلميذا فى الفيوم. أما الواقع المعيش فيؤكد أن كثافة الفصل تصل فى العديد من المدارس الحكومية إلى 80 تلميذا وأن هناك مدارس يجلس فيها التلاميذ على الأرض!
بناء وترميم وتجهيز المدارس يتطلب إنفاقا ضخما، تقول لنا الحكومة إنها لا تملك الموارد اللازمة لتحقيقه. الحل الذى تطرحه الحكومة هو اللجوء للقطاع الخاص. الاستراتيجية المعلنة لوزارة التربية والتعليم والمطروحة على موقعها الإلكترونى تقول إنها تعتمد فى تمويل خطتها لتطوير المدارس الحكومية على مجموعة من المصادر الرئيسية تتمثل فى الدولة، والمساهمات المجتمعية، والقطاع الخاص، والجهات المانحة. يتحدث الموقع الإلكترونى للوزارة عن مبادرات من بعض منظمات المجتمع المدنى والدول العربية لتمويل بناء عدد معتبر من المدارس. وعلى صعيد آخر تعلن الوحدة المركزية للمشاركة بوزارة المالية على موقعها الإلكترونى عن إنشاء 1000 مدرسة حكومية يتم تمويلها وفقا لآلية المشاركة بين القطاعين العام والخاص.
طبعا حينما تكون هناك مبادرات من المجتمع المدنى لبناء وتجهيز المدارس الحكومية فلا يسعنا إلا أن نحييها ونؤكد أنها تمثل استمرارا لدور تاريخى محل كل تقدير واحترام لمساهمة العمل الأهلى فى دعم التعليم. ومن منا ينسى أن الأراضى التى أقيمت عليها كل من جامعة القاهرة وكلية الطب بجامعة عين شمس كانت تبرعا من اثنتين من نساء مصر؟ وحتى عندما تعلن الحكومة أنها ستلجأ للقطاع الخاص للقيام بالاستثمارات اللازمة لبناء وتجهيز المدارس الحكومية كحل سريع لمواجهة مشكلة نقص موارد الدولة، نقول للضرورة أحكام، طالما أن تلك المدارس ستسلم فى النهاية للدولة، التى تظل مسئولة عن القيام بدورها الأصيل فى توفير الخدمة التعليمية لكل أبنائنا بمستوى مرتفع من الجودة والكفاءة، كما نص عليه الدستور.
ولكن الأمر يختلف حينما تعلن الحكومة أنها قد أدرجت قطاع التعليم ضمن القطاعات المطروحة على المستثمرين المحليين والأجانب فى المؤتمر الاقتصادى المقرر عقده فى مارس المقبل. المشاركة فى بناء المدارس وتجهيزها ثم تسليمها للحكومة شيء وإقامة المزيد من المشروعات التعليمية الربحية شيء آخر. يكفينا ما لدينا من مشروعات ربحية «تحت مسمى مدارس» تستنزف دخول الأسرة المصرية. مصروفات التعليم فى تلك المدارس صارت تتجاوز قدرات الطبقة المتوسطة. هل يعقل أن تكلفة إلحاق طفل بالحضانة أصبحت تدور حول عشرة آلاف جنيه؟
لن نتحدث عن المبالغ الخيالية التى يتم دفعها كمصروفات فى المدارس «الانترناشيونال» التى يلتحق بها أبناء الشريحة العليا من أغنياء المجتمع، فهؤلاء قادرون على دفع تلك المبالغ وأكثر. لكن تلك الشريحة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من المواطنين، ولا أتصور أن همنا الأول هو توفير المزيد من المدارس«الفاخرة» ونظم التعليم الدولية لأبنائهم. لا أتصور أننا نريد نشر المزيد من الاغتراب فى مدارس يحتفل فيها أبناؤنا بعيد «الهالوين» و«عيد الشكر» وتتحدد مقرراتهم التعليمية فى هذه الدولة الأجنبية أو تلك، أو مدارس تكرس الاتجاهات والأفكار الظلامية وتخرج لنا من يكفرنا ويكفر بالوطن. ثم لمن ستتوجه تلك المدارس الربحية؟ هل المطلوب المزيد من الاستنزاف لدخول الطبقة المتوسطة؟ هل المطلوب قصر التعليم وفرص العمل الجيدة على أبناء القادرين؟ هل نحن فى حاجة لمزيد من الاستقطاب يصبح فيه خريجو المدارس والجامعات الحكومية هم أبناء «البطة السوداء» الذين ينضمون لجيش المتعطلين، وتستأثر القلة المحظوظة من أبناء القادرين على الوظائف والدخول العالية؟
نقول للحكومة إننا نثمن ونقدر كل مبادرة من مؤسسات المجتمع المدنى وكل مساعدة خارجية لبناء وتجهيز المدارس الحكومية، إلا أننا نرفض فتح قطاع التعليم للاستثمار الأجنبى ونرفض تحويل العملية التعليمية إلى مجرد مشروعات ربحية. نرفض أن يتم تشكيل عقول ووجدان وانتماءات أبنائنا وفقا لأجندات خارجية. نحن نتمسك بما نص عليه دستورنا من التزام الدولة بمجانية التعليم وضمان توفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية.
لمزيد من مقالات د. سلوى العنترى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.