لم ينس معرض الكتاب أدباء مصر الموهوبين الذين حكمت الظروف على الكثير منهم بأن يهاجروا، فأبدوا تفاعلا مع الوسط الثقافى فى البلاد المضيفة وحصلوا على جوائز منها، وربما من دول أبعد. ورغم اتساع رقعة التواصل الإلكترونية الفعالة فإنهم يشعرون بالعزلة عن مصر، التى تسكنهم, وهو ما استوجب معرفة مشاكلهم وكيفية الحفاظ على منتجهم وتعريف الناس به، فكانت أول ندوة تقام فى معرض الكتاب عنهم بعنوان « أدباؤنا فى الخارج» أدارها الشاعر أحمد سراج، وأرسل أربعة أدباء شهادات يتحدث فيها كل منهم عن ظروف عمله التى جعلته خارج مصر، وكيف واءم بين العمل والإبداع, وتكيفه مع الغربة، وجاء اختيار المشاركين فى الندوة بمراعاة تنوع الجنس الأدبي، وكان من ضمن الكتاب أشرف أبو زيد الشاعر والروائى الذى قال فى شهادته: أزعم أن المسافر عن مصر يكاد ينسخها كاملة ليحتفظ بها معه أينما حل، ربما لأننى حاولت سنوات طويلة أن أفعل ذلك. فى سفرى الأول كانت شرائط الكاسيت فى الأمسيات تعيدنى لأيام سمر وبهجة ومشاعر حب وحنين، وأنا أسمع ماتيسر مسجلا على هذه الشرائط من أغنيات أم كلثوم وعبد الوهاب وسماع القرآن الكريم من الشيخ عبد الباسط عبد الصمد . وقال محمد توفيق: الحياة كلها منفى لا الغربة وحدها ،وهذا ما تبينته جليا بعد أكثر من 10 سنوات ذهابا وإيابا عبر مطارات بلاد الله ،تلك المطارات التى رغم حفظى لكل تفاصيلها ومرورى المتكرر بأروقتها فإنها تعرفنى ولا تألفني, ومن ثم يظل قلبى نابضا بجهات أخرى ملأى بالغبار والعواء والصخب وحفيف غيطان قصب السكر ودفقات النخيل الشامخ، بحثا عن نيل صعد إلى سماء الله ولم يعد منذ عشرات السنين . وقال وليد علاء الدين: الغربة هى ذلك الإحساس الذى ينتابك حينما تعرف أن السعى والعمل والجهد والتميز أمور لا قيمة لها، وأن معايير المنح والمنع لها علاقة بأمور أخرى كالسلطة والمال والنفوذ. الغربة إذن هى ذلك الإحساس الذى ينتابك وأنت ترى أن الوطن يدار كمؤسسة، ولكن لمصلحة مجلس إدارته. ويقول شريف صالح : كان داخلى هذا الغضب المكتوم والطموح الذى لاحدود له وكان الواقع صخريا يزداد يوميا بؤسا وصلابة، مع ذلك لم أفكر فى السفر على الاطلاق. ومع ولادة طفلتى تضاعفت الأعباء وتعثر إنجاز دراساتى العليا فى أكاديمية الفنون, وجاء عرض السفر بمثابة طوق النجاة، ولم أجد سببا لرفض العرض .