يعتبر قصر التحرير ثانى مقر شاهدا على دور الدبلوماسية المصرية، حيث انتقل مقر وزارة الخارجية إلى هذا القصر، بعد أن كان مقرها الأول قصر البستان بباب اللوق. وقد قام بتصميم هذا القصر الإيطالى انطونيو ليشياك (1856- 1946)، أحد أبرز المهندسين المعماريين الذين عملوا فى مصر، واعتمدت عليه العائلة المالكة فى تشييد قصورها، وأصبح فى عام 1907 رئيس مهندسى القصور الملكية. مزج المهندس الإيطالى فى هذا المبنى بين الجمال والرقة والدقة والعناية بالتفاصيل فى جميع أجزائه، واهتم بتوزيع الظل والنور، وكان قد تم تشييد القصر فى الأساس لإقامه الأميرة نعمة الله توفيق، التى ولدت عام 1881 وتوفيت عام 1966 ودفنت فى جنوبفرنسا، وهى إبنة الخديوى توفيق بن إسماعيل بن محمد على باشا، وقد حكم والدها مصر منذ عام 1879 إلى 1892، وهى شقيقة الخديوى عباس حلمي، الذى حكم البلاد من عام 1892 إلى 1914. عاشت الأميرة حياة زهد وتقشف أثناء إقامتها بالقصر، ويرجع ذلك إلى اهتماماتها الصوفية وحياة التأمل والزهد، قبل أن تقرر الانتقال لمبنى صغير مجاور للقصر، وأهدت قصرها إلى وزارة الخارجية المصرية فى عام 1930، ليكون مقراً رسمياً جديداً لها. تم استخدام الحوائط الحاملة فى بناء قصر التحرير، والتى تراوح سمكها من البدروم حتى الطابق الأرضى بين 120 إلى 80 سم، بينما يتراجع السمك كلما ارتفعنا فى الطابق الأول، حيث يصل السمك إلى 60، أما واجهات المبنى فجرى فمزينة بعقود نصف دائرية وكرانيش وتيجان، وفى الخمسينيات تم بناء دور جديد استخدمت فيه الخرسانة المسلحة. ويضم الطابق الأول للقصر صالونا به صور للأسرة العلوية، وصور رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية قبل الثورة وبعدها، وقاعة بها صور شهداء وزارة الخارجية، كما توجد بها صالات عرض لأطقم المائدة التى كانت تستخدم بالسفارات فى أثناء العهد الملكي، وجوازات سفر الوزراء وأعضاء الوزارة، بالإضافة لصالونات استقبال وحجرة لعدد 48 فرداً، ومكاتب الوزير ومساعديه، وحجرة اجتماعات صغيرة وخلال فترة توليه وزارة الخارجية أصدر عمرو موسي، وزير الخارجية الأسبق، أمرا بترميم القصر، لاستخدامه كمقر لاستضافة وإقامة وفود وزارة الخارجية، واستمرت عمليات الترميم خلال فترة تولى أحمد ماهر منصب وزير الخارجية. وفى وأثناء تولى أحمد أبو الغيط وزارة الخارجية واصل الاهتمام بعملية ترميم القصر بما يحافظ على الواجهة المعمارية والعودة بالقصر إلى عراقته واختيار الأثاث والمفروشات، والتحف وإعادة ترميم القديم منها داخل للقصر.